الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأولمبياد والجيوبوليتيك

الغنجة هشام داوود

2016 / 8 / 14
السياسة والعلاقات الدولية


مقال مترجم للمفكر إيمانويل وارستين Immanuel Wallerstein
تاريخ نشر المقال الأصلي: 15 أكتوبر 2009.
رابط الموضوع: http://iwallerstein.com/the-olympics-and-geopolitics/


من المفروض أن تدور أهداف الألعاب الأولمبية المعاصرة حول أمرين: ترقية السلم في العالم عن طريق منافسة غير عنيفة تتجاوز الأمور السياسية، أو تثمين الإنجازات الرياضية. وليس هناك شك بأن الرياضيين الأولمبيين يدخلون الألعاب الأولمبية وعقلهم مركز على الفكرة الأخيرة، ولكن ترقية السلم تبدو أنها آخر شيء تفكر فيه الحكومات التي دائما ما كان اهتمامها بقاعدتها الرياضية أمرا حيويا بالنسبة لها، لضمان نجاح رياضييها في الألعاب.
كان هذا صحيحا بالطبع في البدايات الأولي للألعاب. المؤسس الشهير للألعاب الأولمبية المعاصرة؛ بارون دي كوبارتان Baron De Coubertin الذي ولد عام 1863، يقول بأنه تأمل في الصدمة الوطنية التي أصابت الفرنسيين نتيجة انهزامهم في حربهم أمام الألمان عام 1871، ويبدو أنهم قرروا أن الهزيمة كانت بسبب غياب التشديد في المنظومة التربوية الفرنسية على أهمية المهارات الرياضية، عكس ما هو الأمر في بريطانيا العظمى وألمانيا، فقرر دي كوبارتان تصحيح هذا الأمر.
في السنوات اللاحقة، ارتفعت النفقات الوطنية على التحضيرات الأولمبية بشكل مطرد. وصار الفوز باحتضان الألعاب الأولمبية، والسيطرة على الألعاب نفسها هدفان مهمان لكل الحكومات الوطنية. الجيوبوليتيك في الحقيقة لم تكن أبدا غائبة عن الألعاب.

خلال الحرب الباردة، كانت المنافسة بين القطبين تحتسب من خلال عدد الميداليات الذهبية التي فاز بها الطرفان. مقاطعة الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية الأخرى لألعاب موسكو الأولمبية عام 1980 كان متبوعا بمقاطعة الاتحاد السوفياتي لألعاب لوس أنجلس عام 1984. فقائمة الدول التي تستطيع المنافسة كان يعتمد على تطورات الحرب الباردة.

إذن ليس من المفاجئ أنّ التصويت الأخير في لجنة الألعاب الأولمبية في كوبنهاغن الذي حدد منظم ألعاب عام 2016 تم تفسيره من قبل الإعلام وفق منطق جيوبوليتيكي. وأكيد أنّ الصحافة العالمية صارت تهتم بشكل متزايد بهذه القرارات التي تتخذ كل أربع سنوات على مستوى اللجنة الأولمبية بسبب أن رؤساء الحكومات صاروا أنفسهم يلعبون دور اللوبيات لمدنهم المرشحة في الألعاب. إذن بحضور رؤساء دول كل من البرازيل، إسبانيا، اليابان، في اجتماع كوبنهاغن عام 2009، كان على أوباما كذلك الحضور لدعم ترشح مدينة شيكاغو للألعاب.

أكثر المراهنين رشحوا شيكاغو للفوز بتنظيم الألعاب، والسبب يعود أساسا إلى تصريح أوباما بأنه سيحضر التصويت شخصيا. لكن في الجولة الأولى من التصويت، تلقى الرياضيون الأمريكيون، والصحافة الأمريكية، وكذلك ساستها، صدمة بخروج شيكاغو من المنافسة بعد احتلالها المركز الرابع في التصويت.

في الجولة الثالثة، ظهرت ريو أنها الفائزة بأغلبية ثلثي الأصوات، وهو فارق كبير وغير عادي في الحقيقة. لكن ليس من الصعب تبيّن لما حدث ذلك. فرغم أنّ ريو لم تكن تعتبر مدينة جاذبة بذاتها، غير أن أعضاء اللجنة صوتوا للبرازيل في الحقيقة أكثر من تصويتهم لريو. حيث أنّ الدول المرشحة الثلاث الأخرى تنتمي كلها إلى الشمال: الولايات المتحدة، إسبانيا، واليابان. أما البرازيل فتمثل دول الجنوب.
وكان الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا حاجج أمام الجمهور بأن أمريكا الجنوبية لم يسبق لها تنظيم الألعاب الأولمبية الشتوية. هذا صحيح، لكن أظن بأن فيدال كاسترو كان أكثر توفيقا حين قيّم بابتهاج أكبر نتائج التصويت ووصفها بأنها: "انتصار للعالم الثالث".

وليست أية دولة هي التي فازت من دول العالم الثالث، إنها البرازيل واحدة من الدول الصاعدة في الجنوب. لولا دا سيلفا نفسه صرح بعد التصويت قائلا: "انتقلت البرازيل من دولة من الدرجة الثانية إلى دولة من الدرجة الأولى، واليوم بدأنا نستقبل الاحترام الذي نستحقه".
"الاحترام الذي نستحقه" –أي أنه لم يُستقبل في الماضي- كانت هذه هي الفرحة البرازيلية التي تقاسمتها معها دول العالم الثالث.

هل كانت تلك صفعة لأوباما؟ بالطبع كانت كذلك، ليس له شخصيا، ولكن للولايات المتحدة، حيث أن شعبيته كشخص لم تنقص. لكن من الناحية الجيوبوليتيكية كانت نتائج التصويت سقطة كبيرة للولايات المتحدة.

ورغم الخسارة في التصويت الأولمبي ليست بنفس سوء خسارة الولايات المتحدة لقواعدها العسكرية لصالح حركة طالبان في أفغانستان، لكن هي جزء من الصورة نفسها.

اليوم، وبعدما حصل أوباما على جائزة نوبل للسلام، هل يغير هذا شيئا في الدبلوماسية الأمريكية؟ مؤقتا، ربما. الحال في الحقيقة بقي نفسه، بل أن ذلك سيشكل عبئا إضافيا عليه ليقوم بدور أحسن في المستقبل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رحلة مؤثرة تتهافت عليها شركات صناعة السيارات العالمية | عالم


.. عريس جزائري يثير الجدل على مواقع التواصل بعد إهداء زوجته -نج




.. أفوا هيرش لشبكتنا: -مستاءة- مما قاله نتنياهو عن احتجاجات الج


.. مصدر لسكاي نيوز عربية: قبول اتفاق غزة -بات وشيكا-




.. قصف إسرائيلي استهدف ساحة بلدة ميس الجبل وبلدة عيترون جنوبي ل