الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في مشروع قانون العفو العام المقترح

صادق رشيد التميمي

2016 / 8 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


(1)
عودة الى الدستور هناك حقائق لابد من ذكرها بهذا الصدد قبل الدخول في مناقشة مشروع قانون العفو العام المقترح. التذكير بهذه الحقائق هو من اجل بيان المناخ الذي ظهر فيه الدستور والمشاكل العويصة التي رافقت كتابته ولماذا وكيف مرر.

• انفعالات وغرائز مشدودة لتجارب الماضي تحكمت في كتابة نصوص الدستور ورزمت فيه بارتجال مجموعة من الرؤى المتعارضة التي تسمح لكل طرف من فرض تأويله الخاص فيما بعد لضمان التحكم بمسارات ونتائج تلك النصوص على ارض الواقع. مما يعني ضمنا اولوية التوافق كمرجعية بدلا من الدستور.

• ان الأغلبية من الجمهور لم تقراء الدستور قبل المصادقة عليه وعلى فرض انها فعلت فإنها لم تفهم معانيه القصوى وسياق هذه المعاني لان الدستور ببساطة نص سياسي قابل لحشد من التأويلات التي لا يستطيع ان يخوض بها الا ذو معرفة واسعة او تخصصية.

• ان الدستور تم تمريره بالتزوير وهذه حقيقة اذ ان المناطق السنية رفضت الدستور مستفادة من النص الذي وضعه الكرد بخصوص اذ تم رفض الدستور باغلبية ثلاثة محافظات فانه لايمر كما ان الصفقة التي عقدت مع الحزب الاسلامي على تمرير الدستور مقابل شروط منها ضمان تعديله مستقبلا لم تغير من حجم الرفض الواسع للدستور في المناطق السنية ومن المعروف ان لا شعبية للحزب الاسلامي هناك حتى يتم افتراض ان الجمهور صادق على تلك الصفقة وبالتالي أقر الدستور.

اولا - لايوجد في النظم الدستورية التي تقر نظاما ديمقراطيا مايسمى بالعفو العام اذ يعتبر تشريع مثل هذا العفو مخالف لأصل المبادئ الدستورية المتعلقة بالإجراءات القضائية واستقلالها وحجية الأحكام ومبدأء لاعقوبة ولا جريمة الا بنص ومبدأء المساواة وعدم التمييز امام القانون وضمان حقوق الضحايا. ويعتبر مثل هذا القانون نقضا لهذه الإجراءات والمبادىء وتحريض مستمر على اهدار قوتها في فرض تطبيق القانون بعدالة. ويمكن تفهم عدم وجود مثل هذا النص في النظم الدستورية الديمقراطية لانه ببساطة ضد المبادى الدستورية وشذوذ عن السياق الدستوري الذي تتحرك فيه هذه المبادى سيما وان هذه النظم خضعت للتطور التدريجي وأصبحت المبادئ الديمقراطية عقيدة اجتماعية تعبر عنها تلك النصوص والمبادىء الدستورية. ويوجد في تلك النظم مفهوما للعفو الخاص وعلى نطاق فردي ووفق معايير صارمة تمنح كامتياز لرأس السلطة التنفيذية وهو وحده يملك تقدير ضرورة إصدارالعفو الخاص لفرد ما من عدمه.

ثانيا - استخدام وظيفة البرلمان التشريعية لتمرير قوانين دون معايير تشريعية لا يمنحها شرعية لان هناك قواعد ومبادى تحكم التشريع ولايملك البرلمان سلطة مطلقة في تخطي تلك المبادئ وإصدار ما يشاء من القوانيين باعتبار ان مجرد التشريع يمنحها الشرعية.

ثالثا - ومع ذلك يعتبر قانونا للعفو العام ضروري لضمان تحقيق إجراءات السلم الأهلي على المدى الطويل عبر إعادة تأهيل ودمج جماعات واسعة في وحدة اجتماعية تزيح التاسيسات الطائفية خصوصا وان فىات عمرية صغيرة انساقت بحكم قوة قاهرة من التأثير والحث والشد الطائفي في سياق تاريخي مهيمن وممول كان من الصعب تجنبه مع انهيار النظام دفعة واحدة لكن يفترض هذا القانون ان يخضع لقيود من أولوياتها تحقيق ذلك الغرض اي لاجدوى من قانون العفو العام اذ لم يتغير ويتحول ذات السياق الذي ولد حتمية العفو العام وكذلك التوفيق بين ذلك الغرض وبعض العقبات الدستورية التي لاتبرر مثل هذا القانون كما يجب ان لايستخدم العفو العام لتمرير أغراض اخرى تستفاد منها جماعات الحكم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - اعادة التواصل
حميد خنجي ( 2016 / 8 / 14 - 23:12 )
عزيزي صادق
مقالك جاء في وقته
لقد ضيعت وقم موبايلك من زمان، بل وقد ضاع الهاتف نفسه
من فضك اكتب لي رقم موبايلك
تحياتي

اخر الافلام

.. صفقة أمريكية-سعودية مقابل التطبيع مع إسرائيل؟| الأخبار


.. هل علقت واشنطن إرسال شحنة قنابل إلى إسرائيل وماذا يحدث -خلف




.. محمد عبد الواحد: نتنياهو يصر على المقاربات العسكرية.. ولكن ل


.. ما هي رمزية وصول الشعلة الأولمبية للأراضي الفرنسية عبر بوابة




.. إدارة بايدن تعلق إرسال شحنة أسلحة لتل أبيب والجيش الإسرائيلي