الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة تحت السطح

سامي العباس

2005 / 12 / 20
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي



فجأة و بعد أربعة و عشرين ساعة على تصريح متشدد لوزير خارجية سورية ( الشرع ) , عقد نائبه ( وليد المعلم ) و المستشار الداوودي مؤتمراً صحفيا أعلنا فيه التوصل مع القاضي ميلس على مكان و عدد الضباط السوريين المطلوبين للاستجواب أمام لجنة التحقيق الدولية .
و بعيداً عن عجقة المعلومات و التسريبات التي نضح بها النشاط الدبلوماسي المحموم , الذي كانت دمشق في مركزه طيلة الأيام التي أعقبت خطاب الرئيس بشار الأسد على مدرج جامعة دمشق .. .
و لكي لا يضيّع المحلل السياسي رأسه في المتاهة التي يصنعها تضارب التسريبات, فعليه أن يذهب إلى المجرّيات في المحيط الخارجي لمركز الحدث ( دمشق في هذه الحالة ) ليبني قراءته على ما هو استراتيجي لجهة مفاعيله إذا عثر على شيء منه .
بهذه الطريقة للمقاربة يمكن تفسير ما جرى لعقدة استجواب السوريين من حلحلة , بحدثين لهما طابع استراتيجي و قعا بعيد خطاب الأسد بأيام :
1- صعود بيرتس إلى زعامة حزب العمل الإسرائيلي و التداعيات اللاحقة : انفراط عقد الحكومة الإسرائيلية , و تحديد موعد مبكر لانتخابات كنيست جديد , و انشقاق شارون عن حزب الليكود و تشكيله لحزب جديد .
2- انعقاد مؤتمر الوفاق الوطني العراقي في القاهرة الذي دعت إليه جامعة الدول العربية . و ما تمخض عنه من انفراجات تفتح على إمكانية انتقال العملية السياسية في العراق خطوة حاسمة , بفعل تحول مؤثر في موقف السنة العرب عن دورهم الذي مارسوه بعيد سقوط نظام صدام حسين ( حاضنة العنف على تنوع عناوينه )
في خطاب الأسد فقرة تحتل في البنية السردية للخطاب موقع العقدة الدرامية ( يريدوننا أن نقتل أنفسنا أو يقتلوننا )
و بالمناسبة يمكن اعتبار الخطاب خروجاً ملفتاً للنظر عن النكهة الخشبية المميزة لأدبيات النظام السوري , التي أرساها الأسد الأب قبل عقود و ازدادت جفافاً مع الوقت . هنا الكثير من التلوين العاطفي يشبه رش الخضار البايتة بالماء لغايات تسويقية . و إذا كانت هذه الألاعيب اللغوية لا تنطلي على متسوق محنك فإنها تؤدي و وظيفتها على نحو مقبول في بيئة تسودها الأمية السياسية . إنه خطاب يدخل في منافسة مع المهارات الاستثنائية التي يجيد التفتق عنها حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله اللبناني و يلعبها دائما ً في الشروط الفكرية – النفسية المشابهة .
و لحسن طالع الخطاب جاء تقاطع توقيته مع المتغيرين الإستراتيجيين آنفّي الذكر .
ليضع في حقل رمايته ( بطناً هشة )زادت عتبة خوف الولايات المتحدة الأمريكية و المجتمع الدولي من المخاطر التي أومأ إليها خطاب الأسد على نحو صريح ,بتهديده بنقل الفوضى إلى...
يكفي أن يمارس النظام السوري لعبته - التي تمرن عليها كثيرا في الخمسة سنة الأخيرة ((ممارسة دور الناخب الأول في إسرائيل )) عندما تتناقض اتجاهات الرأي العام الإسرائيلي عشية الانتخابات مع رؤيتة لإدارة الصراع العربي-الإسرائيلي, ( كما تصرف على سبيل المثال يعيد مقتل رابين ) وقطع مسارا كاد أن يسلكه الناخب الإسرائيلي ’ويتكرر الآن بعيد صعود بيرتس إلى قيادة حزب العمل ..وتداعياته - ليلحق أضرارا فادحة في مسرح يمثل كعب أخيل المشروع الأمريكي لدقرطة المنطقة ( اقصد المسرح الفلسطيني )..
بضعة عمليات ناجحة لقتل مدنيين إسرائيليين عشية الانتخابات القادمة, تنفذها فصائل فلسطينية لدمشق (مونة) عليها,هي التي في رأيي المتواضع أكسبت تهديدات الأسد مصداقية, جرى التجاوب معها مرونة ستظل قيد الاستعمال في ملف التحقيق الدولي باغتيال الحريري, على الأقل حتى تمرير قطوع الانتخابات في إسرائيل.
وفي هذا الإطار: سنشهد جولات من التشدد والمرونة في مجرى استخدام الولايات المتحدة الأمريكية ووراءها المجتمع الدولي,لملف التحقيق ( كوسيلة ضغط رئيسية ) على النظام السوري لإجباره على التحول تحت السيطرة إلى الديمقراطية أو الانهيار على الطريقة العراقية..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انشقاق في صفوف اليمين التقليدي بفرنسا.. لمن سيصوت أنصاره في


.. كأس أمم أوروبا: إنكلترا تفوز بصعوبة على صربيا بهدف وحيد سجله




.. رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو يحل حكومة الحرب


.. الحوثيون يعلنون استهداف سفينتين ومدمرة أمريكية في عملية جديد




.. حجاج بيت الله الحرام يستقبلون اليوم أول أيام التشريق وثاني أ