الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النُظم الهيكلية بالنظام الإقتصادي العالمي الجديد

تامر البطراوي

2016 / 8 / 16
الادارة و الاقتصاد


أولاً النظام النقدي الدولي وهو ذلك النظام الذي يحكم ويضبط قواعد السلوك في كل ما يتعلق بإدارة النظام النقدي الدولي بما يحقق الاستقرار النقدي ، ويعمل على علاج العجز المؤقت في موازين المدفوعات والميزانيات الحكومية واستقرار أسعار الصرف للدول الأعضاء ، وذلك من خلال ما يقدمه من سياسات نقدية تصحيحية وتمويل العجز (الحميد، 2003) ، ويعتبر صندوق النقد الدولي والذي تم إنشائه في 25 ديسمبر عام 1945 من حوالي 45 دولة هو الجهة الإدارية القائمة على إدارة النظام النقدي العالمي ، والذي تتكون إدارته من مجلس المحافظين من الدول الأعضاء والمجلس التنفيذي ، ويتحدد وزن التصويت لكل عضو على قرارات الصندوق بمقدار حصته في الصندوق (ليريتو، 1993) ويشترط الصندوق مجموعة من السياسات الإصلاحية (المالية والنقدية) على الدول المدينة من أجل إعادة ديونها في إطار برنامج التثبيت والتصحيح والهيكلي ، ومن الشروط التي تتعلق بالسياسة المالية: العمل على القضاء على العجز في ميزان المدفوعات وعجز الموازنة العامة ، تخفيض القيمة الخارجية للعملة المحلية ، إلغاء الرقابة على الصرف الأجنبي ، تحرير الاستيراد ، إلغاء الاتفاقيات التجارية الثنائية ، زيادة موارد الحكومة عن طريق زيادة الضرائب غير المباشرة وزيادة أسعار منتجات القطاع العام وأسعار الطاقة وزيادة رسوم خدمات المرافق العامة ، وتقليل معدلات الإنفاق العام بإلغاء الدعم على المواد التموينية ، وخصخصة القطاع العام وتشجيع الإستثمار الأجنبي ، أما الشروط التي تتعلق بالسياسة النقدية فهي كالحد من نمو عرض النقود وتنمية السوق النقدي المالي ، تطوير قوانين البورصات ، وتكوين احتياطي نقدي دولي مناسب ، وزيادة أسعار الفائدة ،وهي في مجملها سياسات إنكماشية اعتبرها البعض محل نقد (الحميد، 2003) ، إلا أن قروض صندوق النقد أخفقت واقعياً في تحقيق ذلك الدور الإيجابي المنشود بل على العكس تسببت بشكل أو بآخر في أزمة ديون خارجية بالدول النامية تفاقمت حدتها بمطلع الثمانينات حتى أعلنت بعض الدول عن عدم قدرتها على سداد أقساط الديون عام 1982 ، وهو ما دعا الصندوق للتشدد إلى حد كبير في عملية الإقراض والتمويل من خلال ما يعرف بـ (وصفة صندوق النقد الدولي) وهي بمجملها تؤكد على خفض سعر صرف العملة الوطنية وإلغاء الدعم وتحرير الأسعار وتشجيع الصادرات ، وهي إجراءات من شأنها التسبب في آثار اجتماعية مرتفعة التكاليف وعبئاً إجتماعياً خاصة على الطبقات الفقيرة بالدول النامية ، حاول الصندوق مواجهته عن طريق شبكة الضمان الاجتماعي بالتعاون مع البنك الدولي، وأنشاء الصندوق الاجتماعي للتنمية.

ثانياً النظام المالي الدولي وهو ذلك النظام الذي يحكم قواعد السلوك في كل ما يتعلق بالتحركات أو الانتقالات الدولية لرؤوس الأموال سواء في صورة مساعدات أجنبية أو قروض خارجية سواء كانت رسمية أو تجارية أو في صورة استثمارات أجنبية مباشرة أو غير مباشرة بالإضافة إلى مساعدة الدول على الإعمار وتحقيق التنمية الإقتصادية ، ويقوم البنك الدول بمفهومه الشامل (البنك الدولي للإنشاء والتعمير IBRD ، مؤسسة التنمية الدولية IDA ، مؤسسة التمويل الدولية IFC ، الوكالة المتعددة الأطراف لضمان الاستثمار MIGA ، المركز الدولي لتسوية منازعات الإستثمار ICSID) والذي تم إنشائه بموجب اتفاقية بيتون وودز عام 1944 وممارسة أعماله في 1946 بإدارة النظام المالي الدولي ، ويتولى إدارة البنك مجلس المحافظين من الدول الأعضاء ، والمديرون التنفيذيون ويقومون بالأعمال اليومية ، وعلى عكس صندوق النقد الذي يهتم بالإصلاحات السياسية قصيرة الأجل والقروض قصيرة الأجل ، فإن البنك الدولي يهتم بتحركات رؤوس الأموال على المستوى الدولي على المدى الطويل وتقديم قروضاً طويلة الأجل أو استثمارات مباشرة أو غير مباشرة بغرض رفع مستويات التنمية الاقتصادية ، وهو المؤسسة التوأم لصندوق النقد بدور تكميلي يحكمهما نفس السياسات الشرطية ، فيشترط تخفيض معدل التضخم وتقليل عجز الموازنة وتصحيح سعر الصرف ، باعتبارها شروط تمهيدية لكي تنجح عمليات التكييف الهيكلي في الأجل المتوسط والطويل (الحميد، 2003) ، وقد أخذ البعض على نظام كلاً من صندوق النقد والبنك الدولي القائم على تمركز السلطة لدى الأعضاء الأعلى حصة أن ذلك من شانه توجيه الدعم التمويلي لصالح الدول الغنية على حساب الدول النامية ، كما يؤخذ على البنك الدولي تركيزه على تمويل المشروعات الزراعية بالدول النامية على حساب المشروعات الصناعية والخدمية.

ثالثاً النظام التجاري الدولي وهو النظام الذي يحكم قواعد السلوك في كل ما يتعلق بحركة الأموال التجارية وتصدير واستيراد السلع ، ويقوم على تحرير التجارة العالمية لزيادة التبادل الدولي وخلق وضع تنافسي دولي في التجارة يعتمد على الكفاءة الاقتصادية في تخصيص الموارد ، وتعظيم الدخل القومي العالمي مع تحقيق الاستخدام الأمثل للموارد ، وقد تبنت تسيير ذلك النظام سكرتارية الجات GATT (الاتفاقيات العامة للتعريفات والتجارة) والتي تم إنشائها عام 1947 إلى أن قامت منظمة التجارة العالمية WTO على أثر جولة أوروغواي للمفاوضات التجارية متعددة الأطراف عام 1993 لتحل محل سكرتارية الجات في إدارة النظام التجاري الدولي اعتباراً من بداية عام 1995 ، وظلت الموافقة على الجات شرطاً للحصول على عضوية المنظمة ، والتي تتم من خلال تقديم الدولة لوثيقة تفاهم تتضمن وصفاً دقيقاً وشاملاً لنظامها التجاري الاقتصادي القائم ، وعلى أساسها تفرض المنظمة على تلك الدولة اتخاذ الإجراءات اللازمة لتعديل تشريعاتها الوطنية لتتفق مع قواعد الاتفاقيات متعددة الأطراف ، ويتعهد على كل دولة ترغب بالانضمام إلى عضوية منظمة التجارة العالمية أن توفق أوضاعها بما يتوافق مع شروط كل الاتفاقات التجارية متعددة الأطراف والموافقة عليها ، فليس ممكناً عدم الانضمام إلى أي من الاتفاقيات (شرك الانتقاء) فالدول الراغبة في الاستفادة من اتفاق تجارة البضائع مثلاً يجب أن تنضم أيضاً إلى اتفاق تجارة الخدمات واتفاق حماية الملكية الفكرية وغيرها.
وقد تنامي دور منظمة التجارة بالنظام التجاري الدولي لتشمل مجالات أوسع مثل تجارة الخدمات (الاتفاقية العامة للتجارة في الخدمات CATS) وحقوق الملكية الفكرية (الاتفاق حول القضايا المتعلقة بحماية حقوق الملكية الفكرية TRIPS) وقوانين وإجراءات الاستثمار ذات الأثر على التجارة الدولية (الاتفاق حول القضايا المتعلق بالاستثمارات الأجنبية TRIMS) (السلام، 1995) ، وتتكون أجهزة المنظمة من المؤتمر الوزاري والذي يتكون من جميع الأعضاء في المنظمة (طبقاً لمبدأ المساواة في التصويت وله سلطة اتخاذ القرارات في المنظمة مثل منح العضوية على خلاف نظام التصويت بالصندوق والبنك) ، والمجلس العام ويحل محل المؤتمر الوزاري ويقوم بمهامه في الفترة ما بين دورات انعقاده ويتألف من ممثلي جميع الدول الأعضاء ، وجهاز فض المنازعات ، وجهاز مراجعة السياسات التجارية ، والمجالس المتخصصة ، وتمثل أهم المطالب الرئيسية من الدول الراغبة في العضوية التعهد باستخدام التعريفة الجمركية بطريقة غير تمييزية والتخلي عن الحماية ودعم الصادرات والالتزام بخيار التحرير التجاري والتعهد بتجنب سياسات الإغراق ، وقد قوبلت تلك السياسات بتحفظ من بعض الدول حيث اعتبرت الدول المتقدمة والصناعة أن الإلغاء التدريجي للدعم الذي تقدمه للمنتجين الزراعيين من شأنه أن يزيد أسعار الواردات الغذائية ، أما الدول النامية فاعتبرت أن تحرير أسواقها أمام المنتجات المستورة يمثل تحدياً لصعوبة منافسة منتجات الدول المتقدمة صناعياً الأمر الذي يؤدي إلى زيادة معدلات البطالة وانخفاض الدخل ، كما أن تخفيض رسومها الجمركية من شانه زيادة عجز الموازنة العامة.

Works Cited
الحميد, ع. ا. (2003). النظام الإقتصادي العالمي الجديد وآفاقه المستقبلية. القاهرة: مجموعة النيل العربية.
السلام, ف. م. (1995). المستجدات العالمية ( الجات وأوروبا الموحدة) وتأثيراتها على تدفقات رؤوس الأموال والعمالة والتجارة السلعية والخدمية (Vol. 99). القاهرة: معهد التخطيط القومي.
ليريتو, م. ف. (1993). صندوق النقد الدولي وبلدان العالم الثالث. (ه. متولي, Trans.) دمشق: دار طلاس.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أردوغان ونتنياهو .. صدام سياسي واقتصادي | #التاسعة


.. تركيا وإسرائيل.. مقاطعة اقتصادية أم أهداف سياسية؟




.. سعر الذهب عيار 21 يسجل 3080 جنيها للجرام


.. الجزائر في المرتبة الثالثة اقتصاديا بأفريقيا.. هل التصنيف يع




.. ما تداعيات قرار وزارة التجارة التركية إيقاف جميع الصادرات وا