الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجرح السوري والنظام العالمي

طيب تيزيني

2016 / 8 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


طلع علينا المرشح الجمهوري الأميركي للرئاسة دونالد ترامب في خطاب ألقاه أمام جمهوره مؤخراً، في العاشر من هذا الشهر، وشن فيه هجوماً عنيفاً على الرئيس الأميركي أوباما، وقال: إنه هو الذي أوجد «داعش». وبغض النظر عن موقف ترامب من أوباما، نذكّر بما أعلنه هذا الأخير منذ أكثر من ثلاث سنين، من أن ضربة «ماحقة ستستهدف سوريا». أما البعض في روسيا فربما سلك مسلك صراحة مباشرة، بعد التدخل في سوريا عبر إطلاق هجمات بالطيران على أهداف سورية، مسوغاً ذلك بأنه يجرب سلاحه الروسي! ومن طرف ثالث تتدخل إيران عسكرياً في سوريا مباشرة، وبوساطة حسن نصر الله رئيس «حزب الله» اللبناني، منطلقين في ذلك من أن دمشق، إنما هي إحدى عواصم عربية أربع تملكها إيران. ونضيف أخيراً أولئك الوافدين من بقاع متعددة أفغانية وباكستانية وغيرها، ليكملوا المهمات «المقدسة» في سوريا، حتى لو تمّ ذلك بأموال «مبيضة»، مثلاً من إيران!

وهنا تستحق الواقعة التالية أن تذكر، وهي أن حسن نصر الله أعلن، منذ بعض الوقت وعلى التلفزيون، جهاراً وبوضوح أن تمويل العمليات العسكرية، التي يقوم بها «حزب الله» في سوريا، إنما يتم بأموال إيرانية، وبالمناسبة، كنا في سوريا وغيرها حين يُعرف أن فلاناً شخصاً كان أو حزباً يتلقى أموالاً من بلد أجنبي، تقوم الدنيا ولا تقعد تعبيراً عن استنكار ذلك. والمهم في الأمر أن منظومة جديدة من القيم السياسية والأخلاقية والثقافية غزت وتغزو عالمنا الراهن في ظل العصر العولمي الجديد، وبتسويغ من «منظومة المابعديات»، كأن نقول: ما بعد الثقافة أو السياسة أو الوطن أو الحرية أو الكرامة والشرف!

لقد أتينا على هذا للإشارة إلى تلك المنظومة الفاضلة بين حالتين أو عصرين.. إلخ، وهي حالة يتوافق ظهورها مع العولمة، التي أتينا عليها في كتابة أو كتابات سابقة، أي التي عرّفناها بكونها النظام الجديد في قلب العالم الرأسمالي الليبرالي الراهن، المؤسس على سوق مطلق تبتلع كل شيء في الطبيعة والمجتمع، لتتقيأه سلعاً ومالاً، في هذه المرحلة الفارقة. وفي سوريا تجتمع تلك القوى الشريرة وفي نفسها خنق سوريا المدججة بشعلة الحرية والكرامة، وتحويلها إلى «أمّ عاقر» يستحيل أن تلد أبناءً وأحفاداً لآبائها وأجدادها من طراز يوسف العظمة وسلطان باشا الأطرش وصالح العلي وفارس الخوري وخيرو الشهلي ونظير النشواتي، إلى آخر قائمة المجاهدين والمناضلين من كل المدن السورية وغيرها من القرى والبلدات.

إن أولئك ومن التفَّ حولهم في الدفاع عن سوريتهم، بدءاً بما قبل الفرنسيين السايكس- بيكوين وانتهاءً بهذه اللحظة المعيشة الدامية، لا يرفضون، بأكثرياتهم العظمى، المشاريع التقسيمية الطائفية والمذهبية والعرقية والثأرية وما التقى بها همساً أو جهاراً فحسب، بل يدينونها ويعملون على إسقاطها وبعثرتها شذر مذر، وهم، في هذا وذاك، يسعون بكل الإمكانات المتاحة داخلاً وخارجاً لرفع راية وحدة الشعب السوري العربي ومن معه من أحرار الوطن والعالم.

لقد التأم شمل الآخرين من أصقاع العالم على فكرة دونها الأزمنة سابقاً وراهناً ومستقبلاً هي تشظية الوطن وفق مصالحهم، معتقدين أن أسلحتهم الحديثة وجشعهم الخبيث ومسالكهم الطائشة سيفعلون بها ما يقلب التاريخ رأساً على عقب، بيد أن الشعب السوري العملاق سيلقنهم دروساً تحفر في الذاكرة، كما هو الحال حتى الآن. إن النظام العولمي الطامع في إعادة بناء العالم، سيجد في الشعب السوري، كما في الشعوب العربية، وكذلك في طلائع القوى التنويرية الديموقراطية الداخلية والعالمية ذات الصلة بالشرف الوطني وبمنظومة الديموقراطية التعددية واحترام الإنسان بإطلاق، أقول سيجد كل أشكال المقاومة بمختلف الصور من قوى الحرية والكرامة والسلام العادل، إضافة إلى كل الراغبين في الانخراط في بناء عالم جديد لكل الشرفاء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحياتي للأستاذ طيب تيزيني
مريم نجمه ( 2016 / 8 / 16 - 10:34 )
الكاتب المحترم طيب تيزيني سلام

مع الأحرار والوطنيين سائرين - مع المشاركة

تحية الحرية والكرامة

اخر الافلام

.. معرض -إكسبو إيران-.. شاهد ما تصنعه طهران للتغلب على العقوبات


.. مشاهد للحظة شراء سائح تركي سكينا قبل تنفيذه عملية طعن بالقدس




.. مشاهد لقصف إسرائيلي استهدف أطراف بلدات العديسة ومركبا والطيب


.. مسيرة من بلدة دير الغصون إلى مخيم نور شمس بطولكرم تأييدا للم




.. بعد فضيحة -رحلة الأشباح-.. تغريم شركة أسترالية بـ 66 مليون د