الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لسنا جسراً للسلام الذي يحلم به الاحتلال والسلطة في رام الله

تميم منصور

2016 / 8 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


لسنا جسراً للسلام الذي يحلم به الاحتلال والسلطة في رام الله
تميم منصور

لا يختلف اثنان بأن اللقاء الذي جمع العديد من القيادات العربية في الداخل الفلسطيني ، مع قيادة السلطة الوطنية برئاسة محمود عباس في رام الله ، له اهمية ودلالات كثيرة ، لأنه يعبر عن التلاحم والتضامن بين أبناء الشعب الواحد ، ويثبت بأن الحدود التي رسمت كي تفصل بين أبناء هذا الشعب ، كانت وستبقى اصطناعية واهية ، غير قادرة على قطع شرايين التواصل ، وغير قادرة على بتر الجسد الفلسطيني وقتل روحه ، ولا يمكنها مصادرة الهوية الفلسطينية المشتركة والمحفورة في قلب وروح ونفس ومسامات كل فلسطيني .
ومع أن مثل هذه اللقاءات لا تُعقد بعد دراسة كافية أو برامج زمني ، لكنها كانت وستبقى ذات أهمية بالغة ، خاصة اذا سادها الموضوعية والصراحة والجرأة ووضع النقاط على الحروف .
الملفت للنظر في هذا اللقاء ، أن الاعلام العبري تجاهله وهذا إشارة الى أنه لم تتوفر التحضيرات الإعلامية لهذا اللقاء ، كما أن وسائل الاعلام الفلسطينية ، خاصة الفضائيات لم تعيره الأهمية الكافية فتناولته باقتضاب كأنه يحدث كل يوم ، وهذا يثير تساؤلات كثيرة ، هل جاء هذا التجاهل بإذن من السلطة ؟ لأنه غالباً ما تتصدر أخبار الرئيس محمود عباس نشرات الأخبار والتعليقات في غالبية الإذاعات والفضائيات الفلسطينية ، كما هو متبع في الأقطار العربية ، فالإعلام فيها جميعاً موجهاً .
نأمل أن لا يكون هذا التجاهل في وسائل الإعلام مقصوداً ، سببه ، أن القيادات العربية التي شاركت في اللقاء المذكور يحملون الهويات الإسرائيلية ، التي فرضت عليهم فرضاً ، مع أن سلطة رام الله تلتقي يومياً مع قيادات من أجهزة الاحتلال المدنية والعسكرية ، بهدف التنسيق والعمل المشترك .
اذا كان الأمر كذلك فأنه يتناغم مع رؤية السلطة التي قضت منذ اتفاق أوسلو حتى اليوم ، بأن على عرب الداخل التسليم بأنهم إسرائيليون فقط ، وأن هويتهم الإسرائيلية تعني انتمائهم الحقيقي ، هذا ما ورد في اتفاق أوسلو وملحقاته وهذا ما منع تحرير عشرات الاسرى الفلسطينيين من الداخل في حينه ، وهو بالمفهوم السياسي يعني تهميش هذه الشريحة المكافحة المرابطة من الشعب الفلسطيني ، الشريحة التي رفضت الاقتلاع من الوطن .
كل من راقب وقام بتحليل خطاب الرئيس عباس في هذا اللقاء يجد أنه تعمد كعادته ربط المواطنين العرب في الداخل الفلسطيني بالهوية الإسرائيلية ، فقال ( أن لجنة المتابعة العربية التي تمثل كل أطياف المجتمع العربي في إسرائيل جسراً للسلام بين الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي ) .
أنني أذكر مثل هذه العبارات من أيام الحكم العسكري، وقال أيضاً يجب أن نعمل على استمرار التواصل بين أبناء شعبنا ، يقصد الشعب الفلسطيني مع اخوانهم في إسرائيل ، وهذا بالنسبة للرئيس عباس أصبح مبدأً قاطعاً لأنه اعتبرنا غربا عن الجانب الفلسطيني من وجهة نظره والسؤال : كيف يمكن أن نكون جسراً للسلام بين الفلسطينيين ونحن جزءاً منهم وبين إسرائيل .
ليست هذه المرة الأولى التي تستخدم القيادة الفلسطينية مثل هذا الأسلوب ، فهي تؤمن به واقرته في أوسلو ، انه يصر على حصر هويتنا بالوطنية الإسرائيلية وربط مصيرنا بالسياسة الإسرائيلية ، وقد نوهت السلطة الفلسطينية اكثر من مرة بأنها ترغب ان نقف الى جانب أبناء شعبنا من موقعنا كإسرائيليين وعندما طرح البعض في يوم من الأيام فكرة الإدارة الذاتية لعرب الداخل ، سارعت السلطة في رام الله الى رفض ذلك على اعتبار ان هذا الحلم ينافس سلطتهم في رام الله .
ان الرئيس محمود عباس وغيره ممن حضروا اللقاء الأخير ، لم يتوجهوا لأعضاء وفد الداخل بكلمة تربطهم بالهوية الفلسطينية ، انهم يريدون دائماً تثبيت أسرلتنا كجزء من السلام مع إسرائيل ، وحتى لا نوجه أي نقد لممارستهم وانحرافهم ، سواء القيادة في رام الله أو قيادة غزة ،أنهم لا يترددون بمعايرتنا بأننا مواطنين إسرائيليين ، لا دخل لنا بهم . الملفت للنظر في هذا اللقاء أيضاً ان محمود عباس المح في كلمته امام أعضاء الوفد فلسطيني الداخل ، بأن يساهموا بالعمل على رأب الصدع بوضع حد للانقسام الفلسطيني الفلسطيني ، لا يعرف اذا كان رئيس السلطة قد عرض هذا الطلب فقط من باب رفع العتب ، حتى يتحاشى الانتقادات التي وجهها رئيس لجنة المتابعة للطرفين المتخاصمين ، وهدد بعصيان شعبي للضغط على القيادات في حماس وحركة فتح .
اذا كان عباس جاداً في توجهه ، فهذه تعتبر نقلة نوعية في علاقته مع عرب الداخل ، وهذا يعني انه وصل الى قناعة بأن اهتمام عرب الداخل بإغلاق هذا الملف واتمام المصالحة ، يفوق كل اهتمامات كافة الجهات التي سعت لانجاز هذه المهمة ، وفي مقدمة هذه الجهات ، مصر مبارك ومصر السيسي ، والجامعة العربية ، وبقية أنظمة الإفلاس العربي والإسلامي ، لأن العرب الفلسطينيين في الداخل ، يعتبرون المصالحة واجباً وطنياً وقومياً ، والباب الذي تدخل منه رياح الانتصارات ، اننا نؤمن بأن توحيد كلمة الشعب ترفع من سقف الاهتمام بقضيته ومصيره عربياً وعالمياً .
لكن سياسة الرئيس عباس الاستسلامية ، ورفضه لأي أسلوب من أساليب المقاومة ، ومراهنته على مواقف أنظمة فاسدة وأنظمة ودول تدعم إسرائيل مثل فرنسا وبريطانيا وامريكا ، كل هذا يجعلنا نشك في جدية توجهه لقيادات عرب الداخل ، أنه يعرف أكثر من غيره بأن المواطنين العرب ومعظم قياداتهم لا يدعمون طرفاً من أطراف الخلاف على حساب الطرف الآخر ، والجميع يعرفون بأن حسم قرارات الموافقة على التصالح ، لا تقررها حركة حماس ولا تقررها حركة فتح ، هناك جهات أجنبية لا تريد هذه المصالحة ، حتى يبقى الانقسام ويصبح الاحتلال امراً واقعياً الى الأبد .
اذا وافق عباس ووافق مشعل على أي قرار للمصالحة ، فأن واشنطن وإسرائيل وقطر وتركيا والسعودية وغيرها ، جميعها ستقف في وجه هذا التصالح ، نحن نعرف بأن القيادات الفلسطينية لم تعد تملك استقلال القرار ، وهذا يذكرنا بالقيادات الفلسطينية السابقة ، قيادة المفتي والهيئة العربية العليا ، ان اذعان هذه القيادة في حينه الى الملوك
والامراء العرب في ذلك الحين ،افرغ ثورات الشعب الفلسطيني من كل مضامينها ، وافشلها ، هذا إضافة الى الانقسامات التي كانت قائمة بين جبهة عائلة الحسيني ، وجبهة عائلة النشاشيبي التي كانت مرتبطة مع بريطانيا ، الى درجة انها كانت تقاوم الثورة ، تآمرت عليها مع بريطانيا ، ومع النظام الأردني في ذلك الوقت .
اليوم التاريخ يعيد نفسه ، فالمؤامرات ضد المقاومة عادت من جديد ، منذ اتفاق أوسلو حتى لقاء رام الله ، حتى أصبح حماة الثورة اعداءها ، لا يمكن لمثل هذه القيادات أن تتوحد الا بعد أن يلفظها الشعب ، وتقود العمل الوطني قوى شبابية ثورية تؤمن أن ما آخذ بالقوة لا يسترد الا بالقوة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. النموذج الأولي لأودي -إي ترون جي تي- تحت المجهر | عالم السرع


.. صانعة المحتوى إيمان صبحي: أنا استخدم قناتي للتوعية الاجتماعي




.. #متداول ..للحظة فقدان سائقة السيطرة على شاحنة بعد نشر لقطات


.. مراسل الجزيرة: قوات الاحتلال الإسرائيلي تكثف غاراتها على مخي




.. -راحوا الغوالي يما-.. أم مصابة تودع نجليها الشهيدين في قطاع