الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حديث حمو المجنون

حفيظ بورحيم

2016 / 8 / 17
الادب والفن


حدثنا حمو المجنون فقال :
- إنني إنسان بليد يا أيها اﻷصحاب .
فلما قلنا له لماذا يا حمو أنت بليد ؟
قال لنا :
ذات مرة خرجت من منزلي وذهبت إلى المسجد لأصلي صلاة الفجر، فضربني المصلون ضربا مبرحا ورموني خارج المسجد بحجة أنني كنت عاريا، وأنتم تعلمون جيدا أنني لم أكن كذلك، فهم يكرهونني ويريدون دوما أن يجدوا تهمة يلصقونها بي .
فلما خرجت من باب المسجد الكبير، هربت فتبعني اﻷطفال الصغار وهم يرشقونني باﻷحجار، لكنني تمكنت من التملص منهم بعدما اتجهت صوب الغابة واحتميت داخلها وراء فرع شجرة كبيرة . وبعد لحظات من تلك اﻷحداث العصيبة رأيت امرأة في ثوب أبيض تقترب مني رويدا رويدا حتى صارت على بعد مترين فقط، وقالت لي :
- تعال معي إلى عالمي يا حمو ودع هذا العالم الكئيب !
فقلت لها :
- ليست لدي مصاريف النقل . هل ستتكلفين بهذا الجانب ؟
قالت وهي تمد يدها :
- نعم يا حمو .
فأمسكت بيدها ولم أدر ما وقع في لحظة الانتقال حتى وجدت نفسي فجأة في مكان غريب فيه أناس يرتدون أثوابا بيضاء، فقادتني إلى ملكهم الذي احتفى بمقدمي احتفاء عظيما وقال لي :
- اسمع يا حمو أنت اﻵن في مملكة الجن، فأهلا وسهلا بك في موطنك الجديد، كل واشرب وتمتع بوقتك وتزوج إذا أردت !
وهكذا صارت أحداث حياتي أحلى وأجمل هناك . وطفقت أتناول الأناناس الذي كان بحجم رأسك - يا حفيظ - باﻹضافة إلى الرغايف والبسطيلة وكنت أشرب سائلا أحمر لم أكن أعرف بالضبط مماذا صنع ..
وأنتم يا أصدقائي تعرفون أن اﻹنسان يمل اللذات والمتع الحسية فتضيق به الحياة في لحظة من اللحظات ويشتهي أن يعود بعد الغربة إلى وطنه .. وهذا عين ما جرى لي، فدخلت إلى بيت ملك الجان وقلت له الخبر، لكنه امتنع امتناعا كبيرا، وقال بأني قد صرت جزءا من عائلته الكبيرة .
ولما أصررت على المغادرة حبسني في سجن ضيق كان يحرسه جني ضخم جدا. وفي اﻷيام الأولى لي هناك كنت أشعر بملل كبير جدا، لكنني صرت في ما بعد أحكي له النكت فيضحك ضحكا كثيرا . وأذكر أنني قلت له ذات يوم :
اسمع يا أيها الجني الغبي نكتة أخرى !
سأل أستاذ تلاميذه قائلا : من هو الحيوان الذي ليست له أسنان ؟ فقال له أحد التلاميذ : إنه جدتي !!
وبعدما سماعها قال لي بسذاجة :
- وما هو اﻷستاذ يا حمو ؟
فقلت له :
- إنه رجل يصنع اﻷسنان على ما يبدو ، وأنت لن تحتاج إليه بالبداهة، لأن أسنانك كبيرة ما شاء الله .
مضت أيام وتلتها أخرى فشعرت بندم شديد على اختياري المجيئ لهذا العالم الحقير، واشتقت إلى قبر والداي، وتملكني الحزن واﻷلم وبقيت أنتظر صامدا .
وذات يوم مثلت أمامي تلك الجنية التي جاءت بي إلى ذلك العالم وقالت لي :
- هيا يا حمو ! سأنقلك إلى عالمك فأمسك بيدي !
ففرحت وفعلت ما أمرتني به لأجد نفسي في المسجد مرة أخرى. فما إن رأني أولئك اﻷطفال حتى طفقوا يرشقونني باﻷحجار مرة أخرى . وعندها فقط علمت بأنني بليد، لأني لم أبق في ذلك العالم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المخرج كريم السبكي- جمعتني كمياء بالمو?لف وسام صبري في فيلم


.. صباح العربية | بمشاركة نجوم عالميين.. زرقاء اليمامة: أول أوب




.. -صباح العربية- يلتقي فنانة الأوبرا السعودية سوسن البهيتي


.. الممثل الأميركي مارك هامل يروي موقفا طريفا أثناء زيارته لمكت




.. أمسيات شعرية- الشاعر فتحي النصري