الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأغنية السياسية ودورها في الوعي قديما وحديثا

حسنين محمد علي

2016 / 8 / 21
الادب والفن


مثلما لسائر الآداب والفنون تأثيرات ومساهمات حقيقية ومؤثرة في مجرى الصراع الأيديولوجي والسياسي سلبا أو إيجابا بمصالح هذه القوة الطبقية والسياسية أو تلك، كذلك فقد ارتبطت الأغنية بمسيرة النضال الإنساني منذ القدم. ولعبت دورا فعالا في تحريك واستنهاض المشاعر الإنسانية.والأغنية السياسية لم تأتي عبثا أو نتيجة لرغبة فرد أو جماعة في ذلك وإنما أنتجتها الحاجة الموضوعية، فالغناء وهو أكثر أشكال التعبير الصوتي اقترابا من الحس الإنساني وأشدها التصاقا بأيامة وحاجاته البسيطة. . مشاعره. .وعيه. .معاناته. .حبه. .حزنه. .فرحه. .جوعه. .تعبه، لم يكن له إلا أن يكون معبرا بشكل مباشر أو غير مباشر عن واقع سياسي واجتماعي، وعن موقف أيا كان ذلك الموقف من ذلك الواقع .وإذا كانت الأغنية حتى وجدانية فأن شكل وجدانيتها سيعكس نمط العلاقات القائمة وثقافة الطبقة الاجتماعية السائدة وشكلا معينا من العادات والتقاليد والمفاهيم التي تفرضها وتصنعها تلك الثقافة.ومع التطورات السياسية والاجتماعية التي طرأت على المجتمع الإنساني وعلى حركة نضال الشعوب في مختلف بقاع الأرض، كانت الأغنية تتطور مضمونا وشكلا وتقترب أكثر فأكثر من مواقع الانحياز السياسية أي ترتبط بالنضال السياسي وتصبح في خدمة الدعوة السياسية والأيديولوجية، الأنشودة قد أصبحت سلاحا ثوريا فعالا في أيدي الجماهير في إثارة الحماس، ونشر الوعي الثوري وإلهاب العواطف والأحاسيس بالاتجاه الايجابي التقدمي وفي محاربة وتعريه الأعداء الوطنيين والطبقيين وأساليبهم وجرائمهم البشعة ضد الإنسانية.ولقد برز دور الأغنية السياسية بشكل ملحوظ في مناهضة الحرب ضد الشعوب المستضعفة، فكانت الأغاني والأناشيد الثورية تتردد في الشوارع وتخدم تعبئة الجماهير ضد الحرب وضد عدوانية الامبريالية الأميركية ومن اجل التضامن مع الشعوب المظلومة، كذلك كان لها دور رائع في النضال ضد التمييز العنصري وفي استنهاض عزائم الزنوج الأمريكان لمقارعة بربرية السلطات الأمريكية وسائر الأنظمة القائمة على مبدأ التمييز العنصري.وتحولت أغاني فيكتور جارا إلى عواصف ثورية في قلوب الجماهير التشيلية، لقد بلغت ألأغنية الثورية لدلا المغني التشيلي العظيم حد الاستشهاد فهو الثوري المغني، المناضل الفنان ولا يمكن فصل احدهما عن الأخر.
وكذلك كان لسائر الأناشيد والاهزوجات الشعبية المحلية الأثر الفعال في تحريك واستنهاض الجماهير وفي رفع معنوياتها وتحفيزها للنضال وترسيخ عزمها وصلابتها، ولعل الأغنية السياسية في العراق كانت في مقدمة النماذج الغنائية والأناشيد العربية حيث رافقت على الدوام مسيرة النضال الوطني العراقي منذ قيام الجمهورية كأغنية ( السجن ليس لنا نحن الاباه، السجن للمجرمين الطغاة ) وقد أسهمت قصائد مظفر النواب الشعبية بعد أن أصبحت أغاني ( أريد في الحقيقة إفراغها من مضامينها وصبغها بالوجدانية الذاتية ) أسهمت ليس فقط في التحريك والإنهاض السياسي وإنما في الارتقاء بمستوى القصيدة الغنائية السياسية من فجاجة صبيانية ساذجة إلى نموذج فني إنساني تحس بالفرح من خلال حزنه وينساب هادئا وعنيفا إلى أعماق المشاعر الإنسانية ليحركها ويحز مثل سكين في وريدها جرحا عميقا.وفي (( كالولي )) و (( البنفسج )) الصرخة الثورية الإنسانية، الالتصاق بالأرض والقضية (( الثورة )) ومحاكمة الخونة أمام شهود التاريخ.لقد ارتبط حب الجماهير لهذه الأغنيات السياسية ولغيرها مثل : ( تلولحي بروحي كصيبه تلولحي، شما يطول الجرح بينا يطيب بس ما ينمحي ) و ( احنن حنة ابن ادم، واونن ونه بنادم واموتن موته بنادم )، ارتبط حب الجماهير لهذه الأغاني وتأثرها بها في معظم الأحيان أرتبط احترامها لشاعر القصيدة ولتأثير المعاني الشعرية فيها دون أن تكون قد حسبت حسابا ما لمغنيها أو ملحنها حيث كان واضحا إن العديد من القصائد الشعبية كان يهدف من وراء تحويلها إلى أغاني لطمس مضامينها السياسية، ولكن ذلك لم يمر، فأن من المستحيل تفسير ( وأنت دفتر وانه جلمه ) على نحو أخر غير قيمة الفرد إزاء القضية ( الثورة ) وإزاء رسولها.لقد نهض النواب وضمن حدود معينه شعراء آخرون بمستوى القصيدة الغنائية ليس العراقية وحسب بل العربية أيضا، مثلما مثلَ الرحابنة في لبنان ظاهرة متقدمة متميزة في الغناء اللبناني والسياسي بشكل خاص.لقد ارتفع الرحابنة وصديقه فلسطين القديمة السيدة فيروز بالغناء السياسي الوطني التحريضي قبل ان ينقطعوا بسبب الضغوطات التي مورست عليهم من قبل الحكومة اللبنانية لشديد الأسف. إن أغاني فيروز كانت وما تزال تراثا رائعا في التحريض السياسي والتعبئة الجماهيرية وعبرت عن الوجدان الفلسطيني ولكنها لم تكمل مشوارها ولم تواصل صداقتها للشعب الفلسطيني في مرحلة نضاله فانحصرت ضمن حدود ما قبل حزيران عام 1967 .ولقد لعبت أغاني المقاومة الفلسطينية دورا بارزا وهاما في مسيرة النضال الفلسطيني الراهن، إن أمام الأغنية الفلسطينية أن ترتقي إلى مستوى (( كالولي )) و (( البنفسج )) ، شكلا ومضمونا وأن تتجاوز مثلا أغنية (( الله أكبر فتح ثورة على الأعادي )) وتتخلص من بقايا التراكمات البرجوازية اليمينية وتتجه بأفق تقدمي ثوري لتكون بمستوى طموح الحرب الشعبية .أما في مصر فكان سيد درويش رائد الأغنية السياسية التي ثوَّرت الناس وحشدتهم للكفاح.. واعترضت في الوقت نفسه على أفعال الساسة وقمع المحتل.. فهو من استنهض المصريين بـ (قوم يا مصري.. مصر ديما بتناديك. قوم لنصري، نصري دين واجب عليك) ومع قيام ثورة يوليو 1952 في مصر، دخلت الأغنية السياسية عصرا جديدا، فأصبح ظهورها يتواكب مع ثورة الإذاعة وفوران حركات التحرير. استخدمت الأغنية كوسيلة للمد الثوري وسلاح للتبشير بالعهد الجديد، فغنت أم كلثوم مثلا للثائرين الجدد من كلمات عبد الفتاح مصطفى: (ثوار.. ثوار ولآخر مدى)، وكان النشيد الجماعي «وطني الأكبر» هو المعلم الأهم في حقبة الستينات للأغنية السياسية الرسمية في مصر، معبرا عن طموح الثورة الوحدوي، ويقول مطلعه: (وطني حبيبي الوطن الأكبر.. يوم ورا يوم أمجاده بتكتر وانتصاراته ماليه حياته)، أيضا في تلك الأثناء، برزت السخرية من النظام وانتقاد الأوضاع الاجتماعية المتردية، وفتحت النوافذ بقوة لنوع آخر من الغناء السياسي، تلاحم مع صفوف الجماهير وشارك في انتفاضاتهم وتظاهراتهم، متمثلا بامتياز في الثنائي اللاذع: الشيخ إمام عيسى والشاعر أحمد فؤاد نجم. كانت نكسة يونيو (حزيران) عام 1967، هي التي أنقذت أحمد فؤاد نجم الشاعر الخارج من السجن على إثر قضية جنائية، والشيخ إمام الضرير الذي تعلم الموسيقى والعزف والتلحين في مدرسة المشايخ، وكانت أغنية (الحمد لله خبطنا تحت بطاطنا.. يا محلى رجعة ضباطنا من خط النار.. يا أهل مصر المحمية بالحرامية الفول كتير والطعمية والبر عمار)، وأصبح أحمد فؤاد نجم والشيخ إمام ظاهرة، فقد طالت ألسنتها رموز النظام ككل في تلك الفترة، ومنهم رموز الغناء فهاجما أم كلثوم وعبد الحليم ويوسف السباعي، وظهر ما عرف بـ«غناء الثورة على الثورة»، ثم اتسعت الظاهرة لتشمل التعاطف مع الثوار ومهاجمة أباطرة الرأسمالية، والطغيان، والاحتلال، والإقطاع.. فغنيا لجيفارا، واستنزاف الوطن.ومع اتساع الفضائيات خف وهج الأغنية السياسية بصدقها وعفويتها، واعتراها غبار الربح المادي والخسارة، وتحولت إلى سلعة، يتسابق عليها المطربون، ويؤدونها أحيانا بلا روح وحماس.


مَيلن . لا تنكَطن كحل فوكَ الدم
مَيلن . وردة الخزّامة تنكَط سم
جرح صويحب بعطابه ما يلتم
لا تفرح ابدمنه لا يلگطاعي
صويحب من يموت المنجل إيداعي .
***
أحاه . شوسع جرحك ما يسده الثار
يصويحب . وحكَ الدم ودمك حار
من بعدك ، مناجل غيظ ايحصدن نار .
شيل بيارغ الدم فوكَ يلساعي
صويحب من يموت المنجل إيداعي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دياب في ندوة اليوم السابع :دوري في فيلم السرب من أكثر الشخص


.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض




.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب


.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع




.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة