الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فصل المقال فيما بين النظام السياسي المغربي والأحزاب من اتصال

الهيموت عبدالسلام

2016 / 8 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


ما طبع تشكل تاريخ الأحزاب المغربية هو الانشطار والانشقاق خاصة عن حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية الذي انشق بدوره عن حزب الاستقلال 1959،ومع استثناءات معدودة لأحزاب شكلت سابقا تعبيرا سياسيا وإطارا تنظيميا لطبقة أو طبقات اجتماعية حملت مشروعا كثف تطلعات الشعب المغربي في الكرامة والعدالة والديمقراطية فإن باقي الأحزاب المغربية خلقها القصر لضبط التوازنات السياسة إذ أنه مع اقتراب كل موعد انتخابي تخلق الدولة حزبا ليحصل على الأغلبية البرلمانية ويشكل الحكومة ، ومثال ذلك حزب الحركة الشعبية بزعامة مؤسسه حدو برقاش ثم عبدالكريم الخطيب صاحب نظرية الاشتراكية الإسلامية ثم المحجوبي أحرضان والهدف من خلق الحركة الشعبية سنة 1957 سنة بعد الاستقلال من طرف ولي العهد أنداك خلق نوع من التوازن للنفود الكاسح لحزب الاستقلال ،ثم جبهة الدفاع عن المؤسسات الدستورية سنة 1963 بزعامة أحمد رضى اكديرة المحامي والمستشار وصديق الحسن الثاني ضد نفوذ الاتحاد الوطني للقوات الشعبية ، وحزب الأحرار تم خلقه سنة 1977 بزعامة أحمد عصمان صهر الملك الحسن الثاني لتأدية تفس المهام الموكولة له لخلق نوع من التوازن مع الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية واليسار الجذري ثم الاتحاد الدستوري بزعامة المعطي بوعبيد صهر الحسن الثاني في 1983وحركة عرشان في 1997 بزعامة محمود عرشان أحد المتورطين في الانتهاكات الجسيمة التي عرفت بسنوات الرصاص ،وأخيرا وليس آخرا حزب الأصالة والمعاصرة بزعامة فؤاد عالي الهمة مستشار وصديق الملك محمد السادس سنة 2008 في محاولة للتصدي للتوسع الذي عرفه حزبا العدالة والتنمية في المشهد السياسي المغربي ،المخزن وحده من كان يعين الشخصية التي ستؤسس الحزب الذي يحصل على الأغلبية في الانتخابات حتى ولو لم تمر على تأسيس هذا الحزب 6 أشهر.
لايشبه الحزب السياسي المغربي كما يرى العديد من الباحثين فقط القبيلة والزاوية بل يتماهى مع النظام السياسي القائم في العديد من القضايا

البيعة
إذا كان النظام السياسي يعمل بالبيعة ويقيم حفلات الولاء وفق طقوس بائدة أثارت من الجدل السياسي والاحتجاجات داخل المغرب وخارجه والتي جعلت المفكر عبدالله العروي ينفي صفة المواطنة عن هؤلاء الموالين والمبايعين بتلك الطريقة ، فإن المؤتمرات الحزبية المغربية -مع الاستثناء طبعا لبعض الأحزاب المغربية – تتحول بدورها محطة للبيعة للزعيم المفدى بالزغاريد والشعارات والتبريك والتيمن وبالبكاء والعويل والنحيب إن فكر الزعيم بالاستقالة ،فصناديق الاقتراع والتصويت والترشيح والديمقراطية الداخلية وتجديد وحراك النخب توضع جانبا في عملية البيعة هذه.

القداسة
القداسة لا تطال فقط الملك دستوريا وعرفيا قبل التخفيف من وطأتها في دستور 2011 واستبدالها بالاحترام والتوقير الواجب للملك فإن أمناء الأحزاب السياسية وزعماء النقابات مقدسون لا يخضعون للمسائلة والنقد والمحاسبة عن الثروات التي راكموها ولا عن الشركات التي ملكوها لأبنائهم وبناتهم ولا حتى عن أموال الانخراطات والدعم المالي التي تصرف لهم لهم الدولة سنويا وفي كل مناسبة انتخابية ولا يستطيعون حتى التحفظ أو الامتناع في عملية التصويت على التقارير المالية فتجد المناضل النقابي والسياسي يكيل النقد بكل ما أوتي من قوة للدولة وللنظام السياسي ويبتلع لسانه أمام ثروات وامتيازات الزعيم النقابي والسياسي المفترض فيهما الدفاع عن قيم المحاسبة والنقد والاختلاف والشفافية في صرف المال العام.

الخدام
إذا كان لخدام الدولة ورموزها ومنتخبيها ووزرائها مسالك للترقي والتسلق والاغتناء غير المشروع عبر إطلاق يدهم في الاستيلاء على الضيعات وثروات أعالي البحار وتهريب الأموال إلى الخارج والتملص الضريبي وحمايتهم من كل ملاحقة قانونية فإن لخدام الأحزاب والنقابات الأوفياء التعاضديات والمجالس واللجن والدواوين والسفريات وكذلك حصتهم من الضيعات والبقع والصفقات العمومية والتصرف المطلق في أموال النقابات والأحزاب ،كلا الفئتين تعتمد مقابل ذلك الولاء والطاعة والإشادة بولي النعمة.

الانتخابات
إذا كانت الانتخابات في الدول الديمقراطية آلية ديمقراطية يختار فيها المواطن من يمثله بشكل حر ومستقل مما يضمن تداولا سلميا سلسا على السلطة إذ يبقى الشعب الناخب هو وحده من يقرر من يحكمه ويزيح من لا يراه أهلا لتدبير الشأن المحلي والعام للمواطنين بخلاف ذلك فإن الانتخابات المغربية وهي بالمناسبة ليست آلية ديمقراطية لاختيار من يحكم بل هي رشوة سياسية هدفها شراء النخب واحتواؤها وإدخالها للعمل تحت العباءة المخزنية وتوسيع القاعدة الطبقية للنظام من الأعيان والخدام والأوفياء والمتزلفين وسماسرة المنتخبين ،فاحتكار الدولة عبر وزارة الداخلية المشهود لها تاريخيا بتزوير الانتخابات عبر صناعة خريطة تبقى الدولة فيها الماسكة بحبال اللعبة وأجهزة الدولة هي التي تحدد من ينجح في الانتخابات ومن لا ينجح ،وفي المقابل فإن الأحزاب في العملية الانتخابية بحكم سلطة التعيين وتصرفها المطلق في مالية الحزب فإنها تكافئ خدامها المخلصين للزعيم ولقرارته التي لا يعتورها النقص ولا سوء التقدير ،إن خدام الأحزاب والنقابات يتماهون مع زعمائهم في طريقة لباسه وحركات يديه وطريقة جلوسه بل ومنهم من يتيمن ويتبرك بأخد صورة لجانبه ،إنه تماه وانسحاق وسلبية تفسره فقط أجواء الزاوية أو ما يصطلح عليه الكاتب عبدالله حمودي بالشيخ والمريد.

الإقصاء
لا تختلف التهم التي يكيلها النظام السياسي لخصومه كثيرا عن التهم التي يوجهها قيادات الأحزاب والنقابات لمناضليهم ومنخرطيهم الذين يرفضون أن يفكر الزعيم بالنيابة عنهم أو بالوكالة أي الذين يفكرون ولا يفكر لهم، فإذا كان النظام السياسي يتهم معارضيه بالطابور الخامس وأعداء الوحدة الترابية والعمالة للأجنبي والمس بالنظام العام والمس بثوابت الأمة فإن الزعيم النقابي والسياسي يتهمك بالاندساس والموالاة وخدمة الأجندات المخزنية كلما فكرت باستقلالية أو تساءلت عن مصير أموال الحزب أو النقابة فسيكون مصيرك الطرد والتهميش والشيطنة وأحيانا هناك مناضلين بلطجة يتكفلون بالباقي صارخين في وجهك الزعيم وحده من يفكر ويقدر ويرتئي ويزيد وينقص .

تقاسم الأدوار
يشترك النظام السياسي والأحزاب والنقابات في اقتسام كعكة السلطة وثروات البلاد ولو بشكل متفاوت ،وفي إطار تقسيم العمل السياسي يتقاسم النظام السياسي والأحزاب والنقابات الأدوار ،الأول يمتلك فعليا القرار الاقتصادي والسياسي وأدوات التحكم وإعادة إنتاج الوضع السائد عبر الإعلام والمساجد والقضاء والشرطة والسجون والزوايا وطبعا الأحزاب والنقابات كملحقات للدولة ،الثاني ولإضفاء نوع من ديمقراطية الواجهة والتعددية والمؤسسات والانتخابات فإن الأحزاب والنقابات تمارس في إطار مرسوم معارضة لتنشيط اللعبة وقد يحصل أن تتجاوز بعض الأحزاب الخطوط المرسومة كما هو شأن منظمة العمل الديمقراطي التي رفضت التصويت على دستور 96 الممنوح فكان أن عاقب المخزن المنظمة عبر شقها وتولد عنها الحزب الاشتراكي الديمقراطي الذي عاد مؤخرا إلى حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ،قد حصل أن رفضت قيادة الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية موقف الحسن الثاني الداعي إلى الاستفتاء 1981 إثر مؤتمر نيروبي فزج بقيادتها في السجن ،ونفس الموقف أي معارضة الاستفتاء ويا للمفارقة الذي تبناه الحسن الثاني وأدخل معارضيه للسجن أدخل مناضلي الحركة الماركسية اللينينية في السبعينات، بمعنى أن الحسن الثاني في مفارقة غريبة أدخل السجن من عارضوا والاستفتاء ومن أيدوه .

خاتمة لابد منها
بقي أن نشير أن الأحزاب التي تناولناها بالتحليل هي إضافة إلى الأحزاب الإدارية التي خلقتها الدولة ،هناك أحزاب كانت في الثلاث العقود الأخيرة تحمل مشروعا مجتمعيا استقطبت العديد من الفئات الشعبية المغربية وعارضت النظام السياسي معارضة حقيقية كلفتها العديد من الشهداء والاعتقالات والنفي والاختطاف قبل أن تتحول إلى وكالات انتخابية ،من جهة ثانية لا يستقيم الحديث عن مجتمع ديمقراطي تقدمي حداثي وحتى اشتراكي خارج الأحزاب السياسية مما يبعدنا عن الانخراط في جوقة تبخيس العمل الحزبي الحقيقي كما لا يجب أن يعمينا التشبث الحضاري والمنطقي بضرورة الأحزاب السياسية في أي انتقال ديمقراطي أو تغيير مجتمعي عن أن معظم الأحزاب المغربية تعيش الموت السريري .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس وإسرائيل.. محادثات الفرصة الأخيرة | #غرفة_الأخبار


.. -نيويورك تايمز-: بايدن قد ينظر في تقييد بعض مبيعات الأسلحة ل




.. الاجتماع التشاوري العربي في الرياض يطالب بوقف فوري لإطلاق ال


.. منظومة -باتريوت- الأميركية.. لماذا كل هذا الإلحاح الأوكراني




.. ?وفد أمني عراقي يبدأ التحقيقات لكشف ملابسات الهجوم على حقل -