الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سقط مشروع الحراك الجنوبي السلمي، وبقي مشروع العطاس

بكر أحمد

2016 / 8 / 21
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية


منذ اول دقيقة دخلت بها مليشيا الحوثي القبلية مشارف عدن، كان ذلك إعلان صريح ونعي مباشر بموت ما كان يطلق عليه بالحراك الجنوبي السلمي ، إذ إنه أدهش الجميع من ردة فعله العدمية حيال كارثة قادمة على دبابات قبائل شمال الشمال لتمارس بالضبظ ما مارسته في حرب 1994م، ذلك الحراك الذي امتاز بمقدرة فائقة على حشد وتنظيم المظاهرات المليونية في كل مدن الجنوب رافعين شعارات وطنية تطالب بفك الإرتباط وإستعادة دولة الجنوب العربي تبخر فجأة من الوجود وترك المدن الجنوبية مشرعة أبوابها امام الغزاة الجدد القدامي، حتى أنه لم يصدر بيانا أو يعبر عن موقف ما تجاه تلك الكارثة، كان الأمر صادما، فتشدد الحراك الانفصالي ولغته الصارمة برفض اية مشاريع جنوبية أخرى لا تقر الحق الفوري بالإنفصال كان يوحي بانه فعلا يمتلك مشروعا اقله حمل البندقية وقت الضرورة والدفاع عن الجنوب من اي غزوا شمالي، لكن هذا لم يحدث، بل ان من تولى الدفاع عن عدن هم شبابها رغم قلة الخبرة ورغم قلة العدد والسلاح، إلا أنهم سطروا أروع قصص النضال والمقاومة.
ليست هذه الصدمة الوحيدة، بل تبعها ان أكبر فصيل في الحراك الجنوبي والمتمثل في حراك باعوم وجدناه ضمن القوائم الحوثية التي ذهبت الي جنيف للتفاوض مع الحكومة الشرعية، كانت هذه صاعقة وخيانة لا يمكن فهمها إطلاقا، بينما ظل تيار البيض وهو من أكبر التيارات في الحراك يتحدث بطريقة خجولة وأصدر بيانا متأخرا وذلك بعد تدخل التحالف العربي ثم ما لبث ان توارى مرة أخرى ، وحتى كتابة هذه المقالة لا احد يعرف اين هو البيض وما هو موقفه ، وهل مازال على مشروعه القائم على الانفصال الفوري ام لا.
الذي ظهر لنا الان، هو بان الحراك كان حالة فراغية من الطرح والرؤيا، فمشروع إعلان دولة جنوبية وفك الإرتباط الفوري، تبين لنا ومن خلال خذلان الحراك للجنوب بأنه مشروع فارغ من اي معنى وانه لا عقلاني ولا منطقي اطلاقا وأنه ولو حدث فعلا، فان الكارثة الكبرى كانت ستقع على الشعب الجنوبي وكان سيدخل متاهة خطيرة من الاقتتال والعنف الأهلى، فلقد تلاحظ لنا بعد ان قام التحالف العربي بطرد الشماليين من كل المدن الجنوبية، بان الجنوب كان فارغا من اي شيء يدل على أنه توجد دولة، فحكم علي صالح خلال كل تلك الفترة كان منصبا على افراغ الجنوب من مؤسساته وكوادره حيث أعادها إلى ما قبل الدولة، لقد كانت الدهشة عميقة لحالة الخواء المؤسساتي في الجنوب، مما يعني عمليا إستحالة قيام دولة ان اعلن الانفصال الفوري وذلك بسبب انه لا توجد دولة حتى يعلن عنها.
كان صوت الحراك عاليا، وكان عنيفا تجاه اي خط مغاير لما كان يعلن عنه، فلا احد كان يجروء على طرح اي مشروع مختلف، وأن تجرأ احد ، فأن سهام التخوين تنطلق مباشرة إليه وإلى ماضية وحاضره، لكن وبعد أن تلاشى الحراك الجنوبي وخفت اللهجة المتشددة ، وشاهد الناس الأمور بعين أكثر منطقية وعقلانية ، ظهرت المشاريع التي تتماشى مع الواقع وتعي تماما أن السياسة هي أخذ امور بسياسة بعيد عن العاطفة.
كنا نسمع عن مشروع حيدر أبوبكر العطاس الذي كان يتحدث فيه عن وحدة فيدرالية من أقليمين ( أقليم شمالي وأقليم جنوبي ) على ان يمنح الجنوب حق الاستفتاء بعد فترة زمنية متفق عليها للبقاء ضمن هذه الوحدة او إعلان دولته التي كانت قائمة فيما قبل الوحدة، تكون تلك السنوات الخمس هي فترة لإقامة اللبنات الأساسية لقيام دولة عليها من مؤسسات عسكرية وامنية وكوادر إدارية ومنشاءات حكومية، كان العطاس هو الوحيد الذي يتحدث عن هذا المشروع والذي كان يطرحه دائما في كل مكان يذهب اليه، كان مشروعا لا يجد شعبية على الإطلاق في وسط ضجيج الحراك العنفواني آنذاك، أما الان فأن الأمور بدت أكثر استيعابا لمثل هذا المشروع واكثر تقبلا له من حيث واقعيته ودينامكيته ولأنه فعلا اي شيء آخر غير هذه الفكرة هو امر يؤدي الى التهلكة والدمار.
العالم كله الان يشاهد الحلف الجديد في الشمال يقوم بإجراءات احادية الجانب ليشرعن حلفه وحكومته على المناطق التي يحكمها، انه كمن يقول خذوا ما تحت اياديكم ونحن سنحكم الشمال وسنعيد بناء هذه الدولة من جديد، هذا يحدث وبشكل معلن وصريح، بينما في الجنوب يوجد هدوء صادم، فالشرعية التي تحكم هناك أستطاعت ان تكتم هذه النبرة الثورية وأخذت الأمور إلى إتجاهات أخرى ، وأشغلت الناس بالبحث عن ابسط الخدمات كالكهرباء والماء وإنعدام الأمن.

ما ينقص الجنوب هي القيادة الواحدة، القيادة التي تؤمن بحق الاستقلال، لا تلك التي تتهافت على الموائد وتبدل قناعاتها حسب المصلحة، واعتقد ان العطاس حاليا هو من يستطيع ان يعمل نحو هذا الاتجاه، وأعنى أتجاه إعلان قيادة جنوبية مشتركة ترفع حل الأقليمين مع أخذ بالتجارب السابقة في المنطقة بعين الاعتبار، فهناك جنوب السودان الذي لا نريد ان نكون مثله ، وهناك أكراد العراق الذين يمضون نحو أعلان دولتهم بخطى واثقة ومتينة.
العطاس يستحق الدعم ، ويستحق ان نقف خلفه ، فهو ذو خبرة كبيرة وله علاقاته المقبولة في الأقليم وعلى المستوى الدولي، وأيضا وهذا الأهم انه لم يتزعزع قيد انملة عن مشروعه بعكس الكثيرون الذين تقلبوا بشكل مخزي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مقال رائع
ألأسود العنسي ( 2016 / 8 / 21 - 22:02 )
اخي بكر
ان اتفق معك في التقييم ولكن المشكله الكبرى في اليمن بشكل عام وفي الجنوب بشكل خاص ان اكثر القوي تتضيماً هي الحركات السلفيه والجهاديه انا لا ادري اذا كان للعطاس قاده شعبيه وحركه سياسيه منضمه. هل لا زال هناك تاثير للحزب الاشتراكي في الجنوب؟

اخر الافلام

.. معرض -إكسبو إيران-.. شاهد ما تصنعه طهران للتغلب على العقوبات


.. مشاهد للحظة شراء سائح تركي سكينا قبل تنفيذه عملية طعن بالقدس




.. مشاهد لقصف إسرائيلي استهدف أطراف بلدات العديسة ومركبا والطيب


.. مسيرة من بلدة دير الغصون إلى مخيم نور شمس بطولكرم تأييدا للم




.. بعد فضيحة -رحلة الأشباح-.. تغريم شركة أسترالية بـ 66 مليون د