الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كلكامش يهوى الهامبرغر

حيدر كامل

2016 / 8 / 22
الادب والفن


كلكامش يهوى الهامبرغر

قالت لي وهي تمازحني في المرة القادمة سأتركك مرمياً في أرض الحمام لتكمل بقية القصيدة.

كنتُ أدخنُ أكثر من هنديٍّ أحمرْ.
وأنامُ كحرّاسِ الليلِ على مرفأ سفنٍ تتأخرْ.
عن موعدها ..
أو لا تأتي أبداً إلاَّ ..
كرياحٍ باردةٍ صَرْصَرْ.
وأطاردُ أوهاماً هربتْ ..
كخيولٍ من أرضِ الدفترْ.
أنفثُ قلقاً ..
ودخاناً يهبطُ مُلتحفاً ..
كفناً قد مزَّقه المهجرْ.
لغريبٍ يكتبُ ملحمةً ..
ومعلّقةً ..
بيراعٍ غيبيٍّ مُنكرْ.
أنثرُ قمحاً ..
ما نضجت كلُّ سنابلِه ..
إلاَّ تحت سياطِ العسكرْ.
كم من حربٍ ..
كم من موتٍ ..
كم من طفٍ .. كم من خيبرْ.
لا أتذكرْ.

بابلُ ما عادت فردوساً ..
والحاكمُ من تترِ البربرْ.
لا طيرٌ فيها ..
لا بشرٌ ..
لا مطرٌ لا خمرُ الكوثرْ.
إلاَّ أحزاباً قد عبرت ..
من ثقبِ بنفسجةِ القُصَّرْ.
إلاَّ انكيدو عياراً ..
يرجعُ بالفُتيا للأزهرْ.
إلاَّ كلكامش مهزوماً ..
يُبدلُ عشبته السحريةَ ..
ببقايا خبزِ الهامبرغرْ.
لا أتذكرْ.

تلك خرائبُ ..
تتزيَّن كي تبدو مدناً ..
وتُزفُ بعرسٍ للمحشرْ.
تلك قبائلُ ..
تتحصنُ خلف فحولتها ..
كي تفتحَ خاناً ..
أو متجرْ.
تتعقبُ حجر بن عديٍ ..
أو تطبخُ عسلاً للأشترْ.
تلك عمائمُ ..
تحجبُ عنَّا نورَ الشَّمسِ ..
وعطرَ الوردِ ..
وطعمَ السُّكرْ.
تلك جماهيرٌ قانعةٌ ..
بالشكوى ..
ودعاءِ المضطرْ.
مَنْ أتذكرْ.
مَنْ أتذكرْ.

أسقطُ في وسطِ الحمامِ ..
وأغيبُ ثوانٍ لا أكثرْ.
يترجلُ قلبي من نبضِه ..
يهرمُ في منفاه الأكبرْ.
فحياتي حظٌ يتأرجحُ ..
في لعبةِ نردٍ أُدمنها ..
لم أربحْ فيها إطلاقاً ..
وأحنُّ إليها كالمُجبرْ.
لا الصدفةُ تحملُ أحلاماً ..
أو أنباءً ..
لا الحيلةُ تجمعُ ما أخسرْ.
حيدرْ.
حيدرْ.
أسمعها عزفاً لكمانٍ ..
كسماءٍ ..
تبكي ... بل تُمطرْ.
فأفيقُ لأُكملَ أسئلتي ..
وأُعاودَ معركتي الأخطرْ.
وأفيقُ ..
وحلمي مشغولٌ ..
بقصيدةِ شعرٍ ما سُقيت ..
إلاَّ من قنديلٍ أخضرْ.
لا أتذكرْ.
لا أتذكرْ.
هل كنتُ جميلاً في موتي ..
هل أزعجكِ ..
لوني الأصفرْ.
هل كنتُ مسيحاً ..
مصلوباً ..
بالمقلوبِ وكان القيصرْ.
يتقمصُ دورَ الكهانِ ويدفعني لإله أعورْ.
لا أتذكرْ.
هل كان غيابي مزداناً ..
بتوابيتِ العصرِ الأبترْ.
وطوابيرِ جنودٍ شربوا ..
لبنَ الحربِ ..
فجفَّ البيدرْ.
سكنوا تحت الأرضِ ..
وكانوا فوق الأرض جراراً تُكسرْ.
ورقيماً ..
يُعرضُ في اللوفرِ ..
يُنفى عن نيبورَ وأورٍ ..
يروي موتَ نبوخذنصرْ.
فدعيني أغفو ثانيةً ..
ضُميني ..
ضُميني أكثرْ.
فالوعيُ غيابٌ مغلولٌ ..
بالشَّكِ إذا ضاعَ الجوهرْ.
والموتُ وجودٌ مرتبطٌ ..
بيقينٍ مفتوحِ المعبرْ.
والوطنُ اذا ضاقَ بحلمي ..
دوماً بين يديكِ يكبرْ.
يكبرْ..
يكبرْ.
أبداً يكبرْ.
هي جلطةُ وطني لا قلبي ..
هي صمتُ فراتي لا الأبهرْ.
إنْ عدتُ إليها ثانيةً ..
فدعيني أغفو كي أسكرْ.
فدعيني في موتي أسكرْ.

حيدر كامل








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أمسيات شعرية- الشاعر فتحي النصري


.. فيلم السرب يقترب من حصد 7 ملايين جنيه خلال 3 أيام عرض




.. تقنيات الرواية- العتبات


.. نون النضال | جنان شحادة ودانا الشاعر وسنين أبو زيد | 2024-05




.. علي بن تميم: لجنة جائزة -البوكر- مستقلة...وللذكاء الاصطناعي