الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إزدراء الانسان بإسم إزدراء الأديان

باهر عادل نادى

2016 / 8 / 23
حملات سياسية , حملات للدفاع عن حقوق الانسان والحرية لمعتقلي الرأي والضمير


(1)
تشهد مصر الآن تراجعا واضحا وصريحا لا لبس فيه فى حقوق الانسان وحرية التعبير ، فزادت معدلات سجن كتاب وباحثين وروائيين بل وأطفال أقباط تحت مسمى جميل وبراق وهو" حماية الأديان"! .
إن هذا القانون الذى يشبه الزائدة الدودية والذى لا محل له من الإعراب حيث أنه يخالف الدستور المصرى الذى تتعامل معه الدولة بازدراء شديد ، وهذا هو الازدراء الحقيقى الذى يستحق المسئولون أن يحاسبوا عليه .
والحقيقة – والحق يقال- أن هذا القانون المشبوه لايستخدم إلا للدفاع عن الدين الإسلامى –كما يفهمه السفليون- وبات ظاهرا لكل من له عينان أن الدولة تحتفظ بهذا القانون الظالم المطاط الذى لا قيمة له فى الإطاحة بالفكر والإبداع ،وبإرهاب المفكرين والباحثين والمجددين !
(2)
والمضحك المبكى أن رئيس الدولة لا يكف أن يخدرنا بشعارات براقة وبخطابات عاطفية ورفع شعارات ليس لها مردود على أرض الواقع ،فتجد الرئيس السيسى يعلن ويؤكد ويطالب بتجديد الخطاب الدينى ، وفى نفس ذات الوقت يحبس إسلام البحيرى الذى قدم اجتهادا فى التعامل مع التراث ..وياللعجب !
أما أطفال الأقباط فى المنيا الذين صوروا فيديو لا يزيد عن بضع دقائق فيأخذون أحكاما بخمس سنوات سجن ! لكى يعرف فى العالم أجمع أن الدولة المصرية سجنت أطفالا ! ولتفتح باب التساؤل إذا كان الأطفال يسخرون من داعش ، فما هو الذى أغضب مسلمى مصر ؟ ما الذى أغضب أمن الدولة ؟ وما الذى أغضب القضاء ؟ ..هذا سؤال عويص فى حقيقة الأمر !
والروائى الشاب أحمد ناجى يُسجن بسبب فصلٍ فى رواية يستخدم فيه ألفاظا يراها المجتمع غير أخلاقية ، برغم من وجودها بوفرة بل وأكثر فى كتب التراث الدينى !
والكاتبة فاطمة ناعوت أيضا آخر ضحايا هذا القانون المشبوه والذى يأتى التأكيد بالحكم عليها بثلاث سنوات صفعة أخرى ويبدو أنها لن تكون الأخيرة على وجه الدولة المدنية !

والفاجعة الكبرى الآن هى رفعُ محامى سلفى قضية إزدراء أديان على المفكر الكبير سيد القمنى ، ويتوعد المحامى لمفكر مصر الكبير سيد القمنى على صفحته الشخصية على الفيس بوك بالسجن ،بأسلوب سوقى معتاد من أمثاله وكل من على شاكلته !

(3)
فى مصرنا المحروسة وفى العقود الأخيرة مُنيت الساحة الثقافية بمثقفين أو فلنقل مُدعى ثقافة ،مع كل قضية إزدراء أديان مثل الذى نحن بصددها يخلقون أسبابا وهمية لتبرير بطش السلطة بالمفكر أو الكاتب أو الروائى أو الفنان !
فمثلا حكى الشاعر الكبير أحمد فؤاد نجم فى إحدى لقائاته التلفزيونية أنه عندما كان مسجونا ،وخرج أحد كبار شعراء جيله فى لقاء تلفيزيونى مع وزير الداخلية آنذاك وسأله وزير الداخلية هل نحن نسجن الشعراء والكُّتاب ..فرد الشاعر الكبير /لأ يافندم ما انا قاعد معاك أهو !
وبعد اللقاء ذهب إليه أحد المثقفين وقال له كيف تقول إنه لا يوجد شعراء بالسجون واحمد فؤاد نجم بالسجن ، فرد عليه الشاعر الكبير : أصل نجم بيكتب شعر وحش !
وكأن السلطة تسجن "نجم" لأسباب فنية ! و ليس لموقفه السياسى والوطنى !
(لم أر لقاء الشاعر ووزير الداخلية بعينى ، ولا أقصد الإساءة للشاعر الكبير بل له عندى كل محبة وتقدير –رحمه الله- ولكن حتى نتعلم من دروس التاريخ )
وهكذا فى قضية الأديب كرم صابر تضامنت معه لإتهامه بازدراء الأديان وجاء لى أحد الأدباء الشباب وقال لى :"مش كرم اللى تتضامن معاه ، كرم بيكتب وحش"!!
فتذكرت قصة أحمد فؤاد نجم ، ورددت عليه : هى السلطة بتحاكمه على جودة كتابته ؟! وإذا افترضنا صحة هذا الزعم فليس مكانه ساحات المحاكم والقضاء بل النقد الأدبى فى الكتب والمجلات والمقالات والبرامج المتخصصة –إن وجدت- !
وهكذا فى كل قضية "أحمد ناجى " اصله بيقول كلام ميصحش وكتابته رديئة أدبيا
فاطمة ناعوت "أصلها بتتاجر بالقضية القبطية ،وهى مثقفة سطحية وليست مثقفة عميقة "
إسلام البحيرى : " أصل اسلوبه وحش ، وساخر وبيتريق على المشايخ "
وسيد القمنى : " اصل أبحاثه ليست أهم أبحاث ، أصله بيشتم المسيحيين ، أصله سارق أو أصله غير أمين علميا "!!
إلى آخر كل هذه الترهات ، فكل من يسمح لنفسه أن يقول هذا فى وقت المحاكمة إما جاهل أو حاقد أومغفل !
فهل تتم محاكمة هؤلاء على رداءة المدرسة الفنية أوعدم الأمانة العلمية أو على قلة ثقافتهم !! فالمعركة هى معركة الحرية ، حق الانسان أن يقول (حتى إن كان ما يقوله خطأ من وجهة نظرك ) فهى قضية دستور مُنتهك ..أو على حد قول سيد القمنى " إنها معركة وطن يضيع من بين أيدينا "
فكل من يترك كل هذا ويتكلم عن رأيه الفنى أو الفكرى فى إنتاج المتهم المحكوم عليه بقانون معيب ، والذى يمكن أن يُسجن بسبب آرائه فهو مثقف عيره !-لا مؤاخذه-.

(4)
والسؤال هنا :لماذا الخوف من النقد ؟ فالله لايضره النقد ،فالدين الذى يدافع عنه أصحابه بالسلاح هو دين بشرى يخاف أصحابه عليه من مجرد كلمة ! فالقوى لايخاف من النقد ،القوى يمتلك الحجة والدليل والبرهان للرد على الناقد ودحض فكرة النقد،فلايمكن أن يأمر الله بقتل مخالفيه !فهذه صورة مشوهه عن الله.
ففى رأيى – وبالعقل والمنطق -أن طريقة تعامل أتباع دين معين مع المخالفين والناقدين تعكس مدى ثقة هؤلاء المؤمنين فى دينهم ،كما تعكس أيضاً مدى قدرة هذا الدين على الصمود أمام المناقشة!






(5)خاتمة
الدولة المصرية تتباكى وتتشاكى أن العالم كله يتآمر عليها ، وهذا كذب بَين. فكثير من المسئولين عندنا لديهم من الغباء وضيق الأفق ما يكفى أمة بكاملها ، بدرجة لا يحتاجون معها أن يتآمر أحد علينا !
فكل يوم تحدث مساخر تحت شعار الدين والوطنية ولا صوت يعلو فوق صوت المعركة !
وأقولها صراحة إن كل من يتاجر من أبواق الدولة الإعلامية بقضايا الإرهاب الآن فهو أفاق وكاذب .
فالإرهابيون والقتلة يخرجون من السجون واحدا تلو الآخر ويسجن بدلا منهم الكتاب والمفكرون وأطفال الأقباط !
فالحقيقة الواضحة وضوح الشمس فى السماء أن الدولة المصرية تقدم مفكريها قربانا للفكر الوهابى وللكفيل السعودى !
فالدولة المصرية والشعب المصرى استطاع –والحمدلله – القضاء بدرجة كبير على الإرهاب (إلى حدٍ ما ).والآن انحسرت العمليات الإرهابية بفضل صلابة وقوة الجيش المصرى وتضحيات شهداء الشرطة ودعم الشعب المصرى للدولة المصرية (وبالرغم من ذلك نريد إنهاء هذه الحالة بإذن الله ،فالواقع أيضا لا يرضينا وننشد الأفضل حتى ننتهى من هذه الحالة ونحافظ على دماء شباب الوطن) ،ولكن ها هى الدولة الآن ترد للشعب الجميل بالذى هوأسوأ ! ، وتسجن كل من يعلو رأيه بكلمة ليست على هوى السلطة!.



وسلام على الصادقين .......








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مصيدة قانون إزدراء الأديان
شاكر شكور ( 2016 / 8 / 23 - 06:55 )
اقتباس من المقالة : (وبالعقل والمنطق -أن طريقة تعامل أتباع دين معين مع المخالفين والناقدين تعكس مدى ثقة هؤلاء المؤمنين فى دينهم ، كما تعكس أيضاً مدى قدرة هذا الدين على الصمود أمام المناقشة!) ، هذا الكلام منطقي وسليم ، فبعد ان تلقى الإسلام من خلال الفضائيات والنت طعنات مؤثرة من قبل المفكرين والإعلاميين النقاد قام شيوخ الأزهر بتمرير قانون ازدراء الأديان كرد فعل دفاعية وكجدار ساند يؤجل لبعض الوقت الإنهيار السريع لمؤسستهم الدينية خاصة عندما لاحظوا بأن الترقيع والتجميل والتدليس لم يعد يجدي في عصر المعلومات فالمدلس بات ينكشف بسرعة لأن العمياء لا تستطيع ان تكحل مجنونه ، ان قرار سجن النقاد المفكرين برأيي يزيد من حالة الشك عند الطبقة المثقفة القيادية ويزعزع إيمانهم ولا يقويه لأن هذا الإجراء هو إثبات غير مباشر بأن الإسلام لا يصمد امام النقد ولا بد من استعمال السيف لأرهاب الناس لإقناعهم بتعاليمه بالقوة وهذا ماحصل في حروب الردة ، ولكن ما نفع من علاج إرهابي في الماضي قد يكون علاج ساذج وغبي في الحاضر والجدار المبني على الرمال لا بد وأن يتصدع عاجلا ام آجلا ، تحياتي استاذ باهر