الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اولمبياد ريو ووهم التاريخ

دهام محمد العزاوي

2016 / 8 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


اولمبياد ريو ووهم التاريخ
د.دهام العزاوي
لم يدهشني فوز العداء الجامايكي الاسطورة ( اسيون بولد ) بثلاث ميداليات ذهبية في اولمبياد ريو 2016 . فهو وزملاءه من العدائين والملاكمين يبهرون العالم كل اربع سنوات بالاوسمة الذهبية التي تضع جامايكا تلك الدولة الكاريبية الفقيرة في مقدمة دول العالم . لم نهتم من اي ملة يكون اسيون بولد ومن اي قبيلة او مذهب وانما اعجبنا قوته وتدريبه العالي وثقته بنفسه وحبه لوطنه. جامايكا ومعها كوبا كانت مكبا للعبيد القادمين من افريقيا . والبرازيل التي حظيت باستضافة الاولمبياد لم تظهر في التاريخ الا في القرن الخامس او السادس عشر حينما احتلها البرتغاليون ودجنوها لغة وثقافة كانت تسكنها قبائل لاتربطها اي هوية او لغة وواقعها يشابه واقع دول امريكا اللاتينية والشمالية ودول الكاريبي .هي دول بلاتاريخ وثقافتها هجينة من شعوب مختلفة بعضها هاجر عنوة بسبب تجارة العبيد واخرون هاجروا طلبا للعيش وغيرهم للاستثمار . لايوجد بين البرازيليين من ينتمي لقيس او كلاب او قريش ولا احد يتفاخر بقبيلته كما قال جرير :
.فغظ الطرف انك من نمير ...فلا كعبا بلغت ولاكلابا .
اذا غضبت عليك بنو تميم ..حسبت الناس كلهم غضابا
لم يتم اختيار البرازيل لتنظيم اولمبياد ريو 2016 ، على اساس تاريخها العريق وحضارتها الموغلة بالتاريخ .انما اختيرت على اساس الحداثة والانتاج الصناعي الذي اوصلها لمصاف الدول المتقدمة عالميا وعلى اساس بناءها المؤسساتي وبنيتها التحتية وتقديمها نموذجا معاصرا للدولة المدنية المجردة من ادران التاريخ وفايروساته المميتة .فمتى نتخلص من وهم التاريخ وامجاد عنترة وداحس والغبراء واكاذيب الف ليلة وليلة.متى ننهي فصل مظلومية التاريخ التي فتكت بكل امل لبناء دولة نتباهى بها امام انفسنا وامام الاخرين ..بعد ماشاهدناه في اولمبياد البرازيل وتقلد الابطال اوسمة الذهب والفضة والبرونز ومن دول ليس لها وزن او قدر في منظورنا التقليدي ، فان التاريخ لم يعد يلهمنا ولاسيما بعد ان ذقنا مرارته قتلا وفسادا وتهجيرا حتى باتت بغداد السلام اخطر مكان للعيش واقذر مدينة في العالم . فباسم التاريخ كرهنا بعضنا وتمزقت اواصر هويتنا وشرد علماؤنا ومفكرينا ومثقفينا.لقد ضاع امننا واستقرارنا ومستقبلنا في غياهب التاريخ ، فتبا لتاريخ لايبني الحاضر ولايخطط للمستقبل . حينما نرى المهاجرين السود والبيض والصفر ينشؤون دولا متقدمة ومدنية وذات حضور عالمي في الولايات المتحدة والبرازيل وكوريا الجنوبية والارجنتين وجنوب افريقيا وحتى عدوتنا اسرائيل ، ندرك حجم ماساتنا ومرارة العيش في وهم التأريخ .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس وإسرائيل.. محادثات الفرصة الأخيرة | #غرفة_الأخبار


.. -نيويورك تايمز-: بايدن قد ينظر في تقييد بعض مبيعات الأسلحة ل




.. الاجتماع التشاوري العربي في الرياض يطالب بوقف فوري لإطلاق ال


.. منظومة -باتريوت- الأميركية.. لماذا كل هذا الإلحاح الأوكراني




.. ?وفد أمني عراقي يبدأ التحقيقات لكشف ملابسات الهجوم على حقل -