الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


متى ظهر مصطلح الإقتصاد ومتى ظهر مصطلح الإقتصاد الإسلامي؟

تامر البطراوي

2016 / 8 / 24
الادارة و الاقتصاد


أقر الإسلام سياسة الإقتصاد من القَصْد والرشاد كسياسة في التعامل مع الأموال انتاجاً واستهلاكاً ، ومع بداية حركة التعريب لعلم الـ (economics) بالإنجليزية والتي كانت تُشير في معناها إلى علم سياسات المال (political economy) انتقل المصطلح إلى العربية بلفظ "الإقتصاد" ليُشير إلى معنى السياسة المُستقرة حول المال بالثقافة العربية والإسلامية ، وإن كانت تلك المواضيع التي يتناولها علم الإقتصاد من خلق وتوزيع الثروة كانت تُدرج بالكتابات الإسلامية تحت عنوان "المال" وليس الإقتصاد ، كما في كتاب "الإكتساب في الأرزاق "لمحمد بن الحسن الشيباني (131ه/749م – 189ه/805م) ، وكتاب "الأموال" لأبي القاسم عبيد بن سلام (157 هـ/774 م - 224 هـ/838 م) ، وكتاب "إصلاح الأموال" لأبي بكر بن أبي الدنيا (208ه/823م – 281ه/894م).
ويرجع تاريخ تعريب مُصطلح (economics) إلى الحركة العلمية في عهد محمد علي باشا وإرساله البعثات العلمية لنقل علوم الغرب ، وحيث كان أفراد تلك البعثات من خلفيات تعليم ديني اسلامي كان الربط ما بين مصطلح (political economy) وتعريبه "بالإقتصاد السياسي" إلا أن أحداً منهم لم يقم بتأليف أو ترجمة أي كتاب حول ذلك العلم واقتصر الأمر في البداية على تطبيق تلك النظريات والمعارف في الحياة العملية والدواوين ، أي أن مُصطلح الإقتصاد السياسي العملي عُرف واستقر في مصر قبل مُصطلح الإقتصاد السياسي النظري (علم الإقتصاد) ، واستمر ذلك الوضع حتى قررت وزارة المعارف إدخاله في مدرسة الحقوق والتي تم إنشائها في عهد الخديوي إسماعيل (فترة حكمه 1863-1879م) عام 1868م وتدريسه بالإنجليزية والفرنسية من قِبل أساتذة أجانب ، وفي عهد الخديوي عباس حلمي الثاني (فترة حكمه 1892-1914م) بدأت حركة التعريب بعلم الإقتصاد بإنشاء جمعية "التعريب لترجمة الكتب الحديثة في الاجتماع والاقتصاد" عام 1893م بعضوية علي باشا أبو الفتوح ومحمد مسعود وكامل بك إبراهيم وصالح نور الدين والتي قامت بترجمة كتاب "الإقتصاد السياسي" لجيفونز عام 1894م إلا أنها انحلت بعد ذلك العام ، وفي عام 1908 ظهر كتاب "مبادئ الإقتصاد السياسي" تأليف محمد فهمي حسين ، وفي عام 1911 أصدر محمد طلعت بك حرب كتابه "علاج مصر الإقتصادي ومشروع بنك الأمة" ، وكانت المؤلفات العربية بمجال الإقتصاد في تلك الفترة يغلب عليها الحِس الوطني والديني ، وفي عام 1913 أصدرت وزارة المعارف المصرية كتاب "الموجز في الإقتصاد" لروابوليو تعريب خليل بك مطران وحافظ بك إبراهيم من الفرنسية في خمسة أجزاء ، لتتوالى بعد ذلك الكُتب المُعربة والمُؤلفات في مجال علم الإقتصاد ويبدأ تدريس علم الإقتصاد باللغة العربية لأول مرة عام 1920م بمدرسة الحقوق ، وبناءً عليه يتبين المناسبة ما بين لفظ "اقتصاد" ذو المرجعية الإسلامية والثقافة العربية والمصطلح (economics).

أما مصطلح "الإقتصاد الإسلامي" فقد ظهر بالأربعينات من القرن العشرين بالهند مع كتابات المفكر الاسلامي الهندي أبو الأعلى المودودي أبو الأعلى المودوي (1903 – 1979 م) من خلال إصدار كتاب "معضلات الإنسان الاقتصادية وحلها في الإسلام" وكتاب "أسس الاقتصاد بين الإسلام والنظم المعاصرة" كانعكاس لصعود شعار "الإسلام هو الحل" في تلك الفترة ، وهو مُفكر إسلامي وصحفي هندي أقام بالهند وباكستان وتأثر بحسن البنا وأثر في سيد قطب ويوسف القرضاوي ، وفي عام 1987م مُنح جائزة الملك فيصل لمساهماته في خدمة الإسلام ، وحكم عليه عام 1979م بالإعدام بتهمة التأجيج الطائفي ، في حين أن البعض الآخر يُرجع الظهور الحقيقي لمصطلح "لإقتصاد الإسلامي" لعام 1959م بالعراق مع ظهور كتاب المفكر العراقي محمد باقر الصدر "اقتصادنا" والذي انتشر على إثره بعد ذلك الكتابات حول موضوع "الإقتصاد الإسلامي" ، وقد أشارت بعض الدراسات الى أنّه خلال المدة 1950-1979م نُشر حوالي 700 عنوان حول الاقتصاد الاسلامي ، وبعد نشوء المصارف الاسلامية في نهاية السبعينات من القرن الماضي أضيفت أعداد ضخمة أخرى لهذه العناوين ، وفي البداية كانت المواضيع التي تطرح في الغالب إما لتأكيد أن أسس المفاهيم الاقتصادية الغربية ظهرت بالحضارة الاسلامية قبل الغرب بقرون عديدة، من خلال العديد من مفكري الإسلام القدماء مثل الشيباني والمقريزي وابن خلدون الذين مهدوا السبيل اليها وإما أنها تُطرح كبديل إسلام في إطار نقدي للرأسمالية والشيوعية، ثم تطورت بعد ذلك من مجرد النقد إلى محاولة التنظير لنهج اقتصادي مستقل ، إلا أن القاسم المشترك بين معظم الأدبيات أنّها تعاملت مع الاقتصاد الغربي بوصفه مرجعية مختفية قد لا نراها ولكن نلحظ آثارها ، كما أن الكتابات حول موضوع الإقتصاد الإسلامي كانت تدور حول إبراز أحكام الشريعة حول التعاملات الإقتصادية ، حتى أن بعض الباحثين الإسلاميين اعتبر أن الإقتصاد الإسلامي هو حكم الله في المسائل الاقتصادية ، أو هو طرق الإنتاج الحلال والتوزيع الذي يُحقق مصالح الأمة الإسلامية.

البطراوي، تامر (2016). مبادئ علم الثروة النظرية الإقتصادية والنظرية الإدارية عرض ومناقشة ، دار السلام ، الأسكندرية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أردوغان ونتنياهو .. صدام سياسي واقتصادي | #التاسعة


.. تركيا وإسرائيل.. مقاطعة اقتصادية أم أهداف سياسية؟




.. سعر الذهب عيار 21 يسجل 3080 جنيها للجرام


.. الجزائر في المرتبة الثالثة اقتصاديا بأفريقيا.. هل التصنيف يع




.. ما تداعيات قرار وزارة التجارة التركية إيقاف جميع الصادرات وا