الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجريمة والعقاب واعتقال الرأي ( ناهض حتر أنموذجاً )

فاطمة محمد وشاح

2016 / 8 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


من الغريب التصفيق لموقف الأردن من أحداث شارلي إيبدو والذي اتخذ بحجة إثبات حسن النية أمام المجتمع الدولي في محاربة الإرهاب وحماية حرية التعبير ، ولكن الأكثر غرابة أن الأردن _ ذاته_ يغتال حرية التعبير مرة باسم الإرهاب في قضية أمجد قورشة ومرة باسم المساس بالأديان في قضية حتر !!!
والأهم من ذلك هل الاعتقال وتقييد حرية التعبير هو حل الحكومة المثالي في مواجهة ما تجده فكرا ساما يخلف شكلاً من أشكال الإرهاب أو التطرف ( مع امكانية الجدل على ما هو سام ) ؟ وأين هو دور ما يسمى ب " قنوات الحوار المفتوحة " التي تتحول إلى قنوات ( جمع قنوة ) تضرب بها أفواه تقول ما لا يعجب السلطة ؟
وهل يفرض الخطاب الأكثر عقلانية ومنطقية نفسه في مواجهة خطاب آخر تشك السلطة بأنه سام؟ بل وهل يعد ذلك علاجاً في نظر السلطة ؟ وإذا ما اقتنعت حقّا بذلك فكيف عليها أن تطور بيئة ذات منعة ومناعة تُمكّن جماعاتها من العلاج ذاتيا من كافة الأمراض والأخطار بدلا من القدرة الهائلة لتلك البيئة على التدمير الذاتي وبدلاً من اضطرار السلطة لاستخدام وسائل قمعية سريعة لا تتفق مع صورتها المنمقة التي تعبت كثيرا في تلميعها أمام المجتمع الدولي في كافة المحافل ؟ وهنا لا بد لنا أن نستدلّ على عدم صلاحية البيئة للعلاج بفساد الرأي العام وجهله. ويكفيننا أن نطرح بعض الأسئلة للدلالة على ذلك :
هل يعول على نضج الرأي العام في تمييز ما هو مسيء أو سام من غيره ؟ وهل يستطيع أن يميز الخبيث من الطيب والغث من السمين ؟ بل وهل هو مؤهل للتعامل مع الرمز والمجاز الذي قد يتضمنه خطاب مصاغ على شكل فن ( أدب ، كاريكاتير ، فيلم ....)؟ هل هو قادر على التأويل ؟ وهل تستطيع السلطة محاسبة ما انفتح فيه باب التأويل ؟ أم أن النص يعامل بطريقة مدرسية بحته فهو دائما مباشر وذو وجه واحد وتأويل واحد يفرضه المعلم أو دليل المعلم (السلطة ) على الطلاب (العامة ) ...
في ظل عجز الرأي العام بسبب نقص مؤهلات تتعلق بالعقلانية المنطقية وتحليل الخطاب وتأويل النص وفهم الفن كيف يستطيع العامة تكوين رأي أصلاً ؟ وكيف نستطيع الجزم بأن ذلك الرأي العام صالح لاعتباره رأيا عقلانيا لا انجرارا عاطفيا مثلاُ أو تنفيسا عن كبت أو راسبا لرواسب العنصرية والجهل ؟
فهل ينجو الرأي العام في ظل ذلك الكم من العجز والقصور من اللغط الذي يوقع في الطائفية والعنصرية أم يساهم فيه ؟ وهل يستطيع التخلص من جرثومة التأطير وتصنيف الأفراد مهما كانت أفكارهم وفق دين أو وطن ؟

فحتر ليس إلا مسيحي وقوررشة ليس إلا إسلامي حتى أبو غوش أردني ذو أصل فلسطيني، وبذلك نختلق الاختلافات، لا سيما أن إظهار ذلك الرأي العام أصبح سهلاً بسبب وجود مواقع التواصل الاجتماعي ...
وفي سياق الحكم بعجز الرأي العام وهو ما يلاحظ سريعا في أي مسألة تنتشر سريعا في مواقع التواصل الاجتماعي لا بدّ لنا أن نبحث عن العلاج ...
وقبل أن يختلط علينا الأمر ونقع في وهم يقول بتأثير الرأي العام على السلطة وقراراتها في بلد يتخذ من الديمقراطية والإصلاح أبرز شعاراته علينا أن نعي أن أنموذجا ك (اعتقال على خلفية رأي أو فكر ) يكشف عن خلل على أكثر من صعيد :
أولاً :على صعيد الرأي العام : جهل الرأي العام وسلبيته من جهة وانعدام تأثيره في القضايا التي تخص مصير أفراده في حين ثورته السلبية في قضايا تخص المساس بمشاعرالعامة !
وهنا لا نعترض على الإدانة والشجب بقدر ما نعترض على سوء الفهم الناجم عن ضعف معرفي وسوء تأويل بالإضافة إلى استعداد مسبق للهجوم القائم على اسس عنصرية .

ثانيا : آلية العقاب في السلطة وموجبات ذلك العقاب وكيفية فهم الجريمة وتصنيفها .
ثالثا : مقدار انسجام العقاب مع الجريمة في الدستور الأردني الذي يصادق على حقوق الإنسان!
رابعا: الشرط في لغة القانون ضبط أم تقييد أم إلغاء ؟وبأي لغة نقرأ القانون؟
وهذا السؤال يكشف عن حاجة ماسة إلى فلسفة القانون للعمل على تطويره وخصوصًا في قضايا الرأي والحريات التي باتت معيارا للدولة بمفهومها الحديث.
فقد باتت كلمات كالإرهاب أو المساس ب ......... كلمات فضفاضة أو دوامات يمكن أن تبتلع الجميع ، فما هو مفهوم القانون أو الدستور عن الإرهاب أو تصوره لما يَحرُم المساس به ؟ هل نحن بحاجة إلى منظرين وفلاسفة قانون والكثير من الحواشي في الدستور لتحقيق عدالة حقيقة وتلافي لوقوع المحاكم في تناقضات تصل إلى تناقضها مع أقول السلطة وسلوكياتها المتبجحة بحقوق الإنسان في المنابر الدولية والدعايات الانتخابية وبرامج الإصلاح !!
وهل تفتح أبواب أيلول على جنة أم جحيم في كتب الطلبة ممن لا يحق لهم بعد أن ينتخبوا شعارات الإصلاح والحريات ؟ الطلاب ( الرأي العام بعد سنوات ) طلبة الصف الأول بعد اثني عشر عاما هم الرأي العام فهل من خطة على المدى القريب أو البعيد ؟!!
" حضرتنا من الرأي العام ... بنصلي كتير وبنصوم ... بنهلك بنام وبنقوم ...
ومنرجع نهلك وننام ... حضرتنا من الرأي العام ... "









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جماهير ليفربول تودع مدرب النادي التاريخي يورغن كلوب


.. ليبيا: ما هي ملابسات اختفاء نائب برلماني في ظروف غامضة؟




.. مغاربة قاتلوا مع الجيش الفرنسي واستقروا في فيتنام


.. ليفربول الإنكليزي يعين الهولندي أرنه سلوت مدرباً خلفاً للألم




.. شكوك حول تحطم مروحية الرئيس الإيراني.. هل لإسرائيل علاقة؟