الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لم ندرك هذا سوى بعد ضياع كل الأمور، أدركنا أننا ندور خارج الداخل والخارج

مزوار محمد سعيد

2016 / 8 / 24
حقوق الانسان


سواء كنت جزائريا أم عربيا، أفريقيا أم شبه ذلك، فأنت محكوم عليك بالعيش داخل هاجس السطوة المعنوية بعيدا عن كافة مقومات الحياة والأمل على طريقة عطارد، حيث يصبح أمام الشخص متى بدى أكثر وجودا وتسلطا أنّ هناك مقرات عصبية تضغط عليه، تجرده من حقوقه الأساسية وتسرح به بعيدا عن الحياة، وكأنّ موت الإنسان هو الحال في كافة أزمنة العالم الذي لم يعد يكتف بمعقوليات العالم الذي نحن فيه.
لم ينجح العالم العربي في تحقيق دولة ومجتمع المساواة سوى في البؤس، راح يحطم أحلام وذكريات أفراده بشكل متوحش حتى يستأصل كل لحظات الابتسامة من شفاههم، لقد تلذذ لقتل ضحاياه العرب والمسلمين بشكل لم يسبق للتاريخ تسجيله، لهذا كان لزاما على البقية أن يحملوا على أكتافهم هموما تراكمت وبلدانا تحطمت وتاريخا سرق بعد سرقة أزمانهم منهم.
لم يعد للعبودية طعم سوى عبودية الوجود العربي والحرف العربي والمزيرية العربية، حتى صار العربي الجيّد هو العربي الميّت كما ورد على لسان آخر ملوك بني إسرائيل.
أرى الشباب قد ولدوا شيوخا، والشيوخ صاروا بقايا عظام فقط، النساء تحوّلن إلى مراحيض بشرية والأطفال تحوّلوا إلى مجرمين مستقبليين، ضاع كل شيء، ضاعت الجزائر ككل بلاد عربية، ضاعت الأخلاق والسياسة، العلم والرياضة، حتى صار المتفوق على أرض العقوق حسب تعبير الفيلسوف الجزائري المطرود غير مرحب به، بل صار الجهل أداة تمكّن صاحبها من بلوغ الرفعة والمنزلة المرموقة في مجتمع لم يبق منه سوى الإسم لأجل التمويه.
متى يعلنون وفاة الجزائر؟ مثلما دعى نزارا إلى وفاة العرب قبلا، فأنا لم أتعرف عليها بعد نصف قرن من استقلالها عن فرنسا، لقد اغتصبوها بلا رحمة، وحوّلوا أجمل ما فيها إلى مساحة رثاء لقوم لا يجيدون حتى البكاء.
في وقت تبحث الأمم عن طاقات حتى أبناء أعدائها وتهتم بهم لنجدتها من التخثر والاندثار، تعمل الجزائر ومشتقاتها من العرب وأفريقيا على محاربة طاقات أبنائها والسير على طريق الاستحمار حسب شريعتي، على طريق قرع طبول الحرب على مسامع من يريدون لها الرفعة والشرف.
لم أجد أصدق شعورا من دعوة فرحات عباس إلى الادماج، فأنا أفضل أن يأكلني أسد على أن يأكلني أحد الضباع، ولم أجد ما أردده سوى أنّ دماء زكية أريقت على كامل التراب العربي لم تجد من يقيم لها الأضرحة سوى المنافقين الذين كذبوا على الله وزوّروا معتقدات الصفاء ليستحوذوا على الخيرات والعقول، ليسيطروا على الأفئدة ويقودوا جحافل الغرور من رعاع إلى الهلاك.
من الصعب أن تولد معوّق المصير، وأنت تحاول كل حين أن تستلهم من عظماء الإنسانية الصبر، أن تجسّد إنسانيتك بعيدا عما يدور الآن، فالجزائري كما العربي لم يصبح صفرا على الشمال بل صار في روايات علاء الدين فقط.
عدنا إلى ما قبل التاريخ، لقد فضحتنا عقلية القرية الكونية، وتعرفنا على أنفسنا من جديد، أنفاس ضائعة ولا تدري أنها كذلك، صرنا على سير بلا نهاية، احتضنا كلّ ما نهى عنه الإسلام وجرّمته القيم، حتى الذي يعبد الأبقار والنيران صار له شأن وكلمة مسموعة، ونحن الذين نعبد الواحد القهار صرنا مقهورين وقاهرين لأنفسنا، ياه يا الدنيا من قربزت!!
ما أصعب أن يموت الفرد في كل يوم وفي كل لحظة، أن يموت وهو الذي لا يدرك بأنه ميّت يعيد إنتاج الموت لنفسه، ويستقبل موته بفرح وكأنّ الموت هو سبيله الوحيد، لقد فشلنا حتى في لحظات موتنا يا من تسمون أنفسكم بالجزائريين، العرب أو الأفريقيين.. تبا لنا.
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الخبر فلسطيني | تحقيق أممي يبرئ الأونروا | 2024-05-06


.. مداخلة إيناس حمدان القائم بأعمال مدير مكتب إعلام الأونروا في




.. مفوض الأونروا: إسرائيل رفضت دخولي لغزة للمرة الثانية خلال أس


.. أخبار الساعة | غضب واحتجاجات في تونس بسبب تدفق المهاجرين على




.. الوضع الا?نساني في رفح.. مخاوف متجددة ولا آمل في الحل