الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحركة الاحتجاجية في العراق و اعادة بناء الوعي الوطني

نور رعد
ناشط و كاتب يساري عراقي

(Noor Raad)

2016 / 8 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


(الفقر لا يصنع الثورة ، إنما وعي الفقير هو الذي يصنع الثورة ، الطاغية مهمته أن يجعلك فقيراً ، وكاهن الطاغية مهمته أن يجعل وعيك غائباً)
كارل ماركس

بدأت مقالي بهذه المقولة العظيمة لـ(كارل ماركس) لما فيها من تطابق على الواقع العراقي و كأنها هي الوصف الانسب لحقيقة الوضع الحالي لعراق المحاصصة وهيمنة الاسلام السياسي.
بدأت حركة الاحتجاج بـ(منتظر) .. الشاب البصري الذي بمقتله اشتعلت شرارة اكبر حركة احتجاجات شعبية بعد سقوط النظام البائد ايقظت جموع العراقيين الغاضبين على تردي الاوضاع العامة في البلاد , و قد دخلت حركة الاحتجاج عامها الثاني مع اصرار الجماهير على الاستمرار بحركتهم الاحتجاجية بالرغم من كل محاولات السلطة و احزابها إمَاتة هذه الحركة الشعبية .
بكل عفوية و من المناطق الفقيرة تحديداً انطلقت حركة الاحتجاج بتظاهرات شعبية الا انها امتدت الى عدد كبير من مدن العراق , كانت المطالب في بداية الاحتجاجات مقتصرة على المطالبة بتوفير الخدمات الاساسية و خاصة الكهرباء . أي ان ابسط حقوق المواطن في العيش الكريم هي التي دفعته ليرفع صوت الرفض بوجه السلطة الحاكمة .
اخذت حركة الاحتجاج بالاتساع بعد ارتفاع مطالب الجماهير فألى جانب المطالبة بتوفير الخدمات و الغاء امتيازات المسؤولين الكبار في الدولة وتقليص رواتبهم رفعت الحركة الاحتجاجية مطالب ابرزها .. بناء دولة مدنية , العدالة الاجتماعية , أنهاء المحاصصة الطائفية , اصلاح النظام السياسي , اصلاح القضاء , القضاء على الفساد و محاسبة المفسدين , فتح ملفات الفساد , اعادة الاموال العراقية المنهوبة و تشكيل حكومة كفاءات من خارج المحاصصة .. هي مطالب مشروعة و وطنية بل هي حق من حقوق الانسان العراقي الا ان هذه المطالب أقضت مضجع السلطة و اربكت حسابات قوى المحاصصة الحاكمة التي حاولت التشويه اعلامياً و سياسياً على الاحتجاجات خاصة بعد الضغط الكبير على المتنفذين من جراء انتشار الغضب الشعبي و تزايد ساحات الاحتجاج . فبالرغم من استفزاز المحتجين و التضييق عليهم و محاولات القمع و الاعتقال و التسويف و المماطلة بتلبية المطالب استمرت الحركة الاحتجاجية بسلميتها و بطابعها الوطني مع مشاركة واسعة من كافة فئات المجتمع العراقي .
اذاً فأن الحركة الاحتجاجية وضعت يدها على جرح الوطن و شخصت المشاكل الأساسية التي تواجه عملية بناء عراق مدني ديمقراطي , كما ان هذه الحركة ابرزت الهوية الوطنية العراقية فقط .
ساهمت الحركة الاحتجاجية باعادة احياء الوعي الوطني للفرد العراقي بعد تأثر الوعي الوطني بالفكر الطائفي و الأيديولوجيات المتطرفة الذي اجتاحت المجتمع العراقي بعد العام 2003 بفعل عدة عوامل و متغيرات خارجية وداخلية و بفعل المشاريع المشبوهة التي تقوم بها الجماعات الطائفية الحاكمة حيث ان حركة الاحتجاج عرت نظام المحاصصة الطائفية وكشفت زيف ادعاءات المتحكمين بالدولة و كذبهم المستمر و تسترهم بأسم الدين منذ الايام الاولى لحركة الاحتجاج فكان شعار (بأسم الدين باكونه الحرامية) لطمة بوجه قوى الاسلام السياسي التي لطالما استغلت العامل الديني و تلاعبت بعواطف الجماهير وخداعهم بغية الوصول للسلطة , واحدثت حركة الاحتجاج الشقاق ما بين الجماعات الحاكمة و بينت حقيقة الصراع الحالي الذي هو صراع بين طبقة مسيطرة حاكمة مرفهة تنتهج الطائفية و بين الشعب العراقي بأكمله المتضرر من قبل هذه الطبقة الفاسدة التي تتحكم في البلاد وفق مصالحها و تعمل بأجندات خارجية .
فكانت مساعي الجماعات الطائفية الحاكمة بعد سقوط النظام البائد تحويل الصراع الى صراع طائفي او أثني بغية صرف نظر الشعب و تشويه الوعي عن حقيقة اصل الصراع كونه بالأصل صراع طبقي و ليس صراع طائفي او قومي , و طالما روجت الجماعات الطائفية عبر ماكناتها الاعلامية و اقلامها المأجورة و بعض منابر الفتنة و بطرق مشبوهة لمفاهيم صراع سني شيعي او عربي كردي للتلاعب و التحكم بالوعي عند الفرد العراقي حتى كادت ان تطمس الهوية الوطنية و حاولوا اشاعة العنف بدلاً عن ثقافة الحوار و حرية الرأي و الرأي الاخر .
و قد تجلى واضحاً الوعي الوطني عبر تمسك الجماهير بالكفاح اللاعنفي و رفع الشعارات الوطنية و نبذ كل اشكال الطائفية كذلك عبر انتفاض الجماهير الغاضبة على مجلس النواب حيث تميزت بالانضباط العالي و الالتزام بالسلمية و المحافظة على ممتلكات الدولة و عدم المساس بها . مما بدد اي مخاوف او شائعات عن انهيار العملية السياسية و عودة العراق للمربع الاول.
اذا فالحركة الاحتجاجية وجهت صفعة بوجه الجماعات الطائفية الحاكمة حين اعادت بناء الوعي الوطني للفرد العراقي و زعزعت اسس المحاصصة خاصة بعد انخراط جماهير التيار الصدري بقوة الى جانب التيار المدني و قوى وطنية اخرى في الحركة الاحتجاجية , لكونها سحبت التيار الصدري من جانب القوى الحاكمة الى جانب ساحة الاحتجاج حيث يملك هذا التيار اكبر قاعدة جماهيرية من الطبقات المهمشة و الفقيرة التي هي ضحية الفساد و المحاصصة و هنا يجب الاشارة التي التغيرالكبير في الوعي لدى هذا الجمهور المعروف عنه بأنه اسلامي و يصنف تحت مسمى تيار متشدد و الذي كان دائماً ما ينتهج اسلوب المواجهة بالعنف . الا ان هذه الجماهير قدمت صورة مغايرة عن صورة التيارات الاسلامية عبر التزامها بالسلمية و المطالب الوطنية المشروعة و احترامها لحرية الرأي و الرأي الاخر وبرأيي هذا التغير بالوعي هو نتاج لحركة الاحتجاج , كذلك لكون الاغلبية الساحقة من جماهير هذا التيار هم من الفقراء .. و الفقراء هم الاقرب للوطن .
هنا نستنتج ان من ابرز ما حققته حركة الاحتجاج اعادة بناء الوعي الوطني وتعزيز مبدأ المواطنة و اثبت ان عملية التغيير و الاصلاح تنطلق من عمق الجماهير وايضاح حقيقة الصراع في العراق , اذاً فالمطلوب ادامة زخم حركة الاحتجاج كونها السبيل لاعادة بناء ما دمرته المحاصصة و جماعاتها و الفساد و الارهاب الذي هو الوجه الاخر للارهاب .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تخطط لإرسال مزيد من الجنود إلى رفح


.. الرئيسان الروسي والصيني يعقدان جولة محادثات ثانائية في بيجين




.. القمة العربية تدعو لنشر قوات دولية في -الأراضي الفلسطينية ال


.. محكمة العدل الدولية تستمع لدفوع من جنوب إفريقيا ضد إسرائيل




.. مراسل الجزيرة: غارات إسرائيلية مستمرة تستهدف مناطق عدة في قط