الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هيكلية الكيان الأسدي ودوره في مسخ الهوية السورية

كرم خليل

2016 / 8 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


من البديهي ان من يريد ان يحمي نفسه من المطر لا يبني بيتاً من الملح.
ومن يريد ان يحمي نفسه من العواصف لا يبني بيتاً من قش، وهكذا فإن من يريد أن يحمي نفسه من عوامل الطبيعة، أو من أي اعتداء، فإن عليه إن يبني بيتاً من الاسمنت المسلح القائم على أساس متين يحيط فيه سور عال، لا يستطيع أن يقتحمه اللصوص، ويسلح نفسه بمسدس أو بندقية تحسباً لأي طارئ.
هذا ما يلجأ إليه الانسان العاقل، أيا كانت هويته، وإذا ما أسقطنا هذا الكلام على الأوطان، فإن باني الوطن، يجب أن يعمد إلى بناء جبهته الداخلية، بالعمل الجاد على تكاتف وتعاضد وتعاون أبناء الوطن الواحد، ولكن قبل كل شيء، يجب بناء الانسان، لأنه الاساس في أي عملية بناء وطنية، لأن الانسان هو أساس الوطن ولحمته، ولا قيمة لأي بنية تحتية، اذا كان الانسان مهزوماً من الداخل.
و لا يتم بناء الإنسان، إلا بإعطائه حريته الكاملة، في العيش الكريم والاعتقاد والتعبير والرأي، بعبارة أخرى بصناعة الانسان الصالح، الذي يساهم بفعالية وإيجابية في تقرير مصير وطنه، وهذا لا يكون إلا عندما يعيش المواطن في وطنه حراً كريماً عزيزاً ،أما الانسان المقهور المكبل، فلن يكون دعامة في بناء الاوطان، بل ستأتي منه الهزيمة والخذلان، لأن فاقد الشيء لا يعطيه.
والسؤال اليوم، هل عمل نظام حافظ الاسد، الذي اغتصب الحكم لمدة ثلاثين عاماً، ومن بعده وريثه غير الشرعي في نظام يفترض أنه جمهوري، على بناء الانسان الصالح ؟.
الإجابة المنطقية، عن هذا السؤال، تبدأ من الحديث أولاً عن بنية النظام، الذي بدأ أولاً، في تصفية كل من يراه خطراً على سلطته التوليتارية، أياً كان انتمائه، ثم أوغل في شراء الذمم، لإسكات معارضيه الآخرين، فطفق يسرق أموال الشعب، لسد أفواه اصحاب النفوس الرخيصة، ومنهم من يدعي المعارضة، حتى باتوا ملكيين أكثر من الملك في الدفاع عن نظام دكتاتوري فاشي.
فصورة صفوان قدسي وأمثاله من الانتهازيين، ليست غائبة عن ذاكرة الشعب، أما من رفض الانصياع، فكان مصيره الموت أو السجن أو المطاردة.
ثم بدأ هذا النظام، بتأسيس حكم طائفي، حيث كرس غالبية الوظائف والمؤسسات الحساسة، لأبناء طائفته، وتعمد إبعاد أصحاب الكفاءات عن تبوأ هذه المواقع، فأصبح غالبية ضباط الجيش من أبناء الطائفة العلوية، حيث لا تكاد تجد قائد فرقة أو قائد لواء أو قائد كتيبة أو رؤساء أركانهم، إلا من أبناء الطائفة.
كما شكل ابناء الطائفة العلوية، الغالبية العظمة في الأجهزة الأمنية، التي لم تكن في الواقع، سوى أجهزة قمع وإرهاب، لكل من يعارض نظام الحكم، ليس هذا وحسب، بل كانت اجهزة قمع وإرهاب، لكل من لا يرضى أن يكون عبداً ذليلاً خانعاً لهذا النظام الطائفي المقيت.
وللأسف فغالبية هؤلاء، ممن انتسبوا إلى الجيش أو فروع المخابرات أو التعليم، لا يجيدون القراءة والكتابة بشكل صحيح، فهم أشباه أميون في القراءة والكتابة، ولم يحصلوا على الشهادات الجامعية، إلا بالشراء والتزوير، حتى أن بعضهم لا يعرف قاعة الامتحان، فيكفي أن يؤدي أخوه أو قريبه عنه هذا الامتحان.
كما شكل النظام، فريقاً قذراً، أسس لثقافة الدعارة، ونشرها اينما حلو، وحيثما ارتحلوا، لإفساد المجتمع، الذي يعيشون فيه.
لقد كان هذا التوجه الطائفي، عاملاً أساسياً في تدمير بنية المجتمع، هذا عدا عن نشر الفساد والمحسوبية، وتسهيل كل سبل الرشوة و اللصوصية وإنشاء مجتمع اناني، لا يفكر إلا في مصالحه الشخصية، فضلاً عن تكريس الإقليمية و المناطقية، وتربية الأجيال على العبودية المطلقة، للرئيس الأوحد، التي تبدأ من المرحلة الابتدائية ولا تنتهي إلا بالموت، من خلال أجهزة الإعلام، القائمة على نشر ثقافة الدعارة والميوعة والاستعباد.
لقد دمر حافظ الاسد الحياة الاجتماعية، وحول المجتمع السوري إلى غابة يعيش فيها أرذل المخلوقات، أما الإنسان السوري الشريف، فعاش في شبه عزلة، فإما أن يطارد أو يسجن أو يقتل.
في موازاة ذلك كله، رفع حافظ الأسد شعار المقاومة و الممانعة، ونسي أنه هو الذي أعلن عن سقوط الجولان والقنيطرة قبيل وصول القوات الإسرائيلية إليها، بل فتح الطريق أمامها إلى دمشق .
حافظ الأسد الممانع والمقاوم، الذي قتل عشرات الالاف من الفلسطينيين وعشرات الالاف من اللبنانيين، ومثلهم من السوريين، هو قائد المقاومة والممانعة.
حافظ الأسد الذي دمر الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والعلمية، رئيس مقاوم ممانع !!
إن المراقب للوضع السوري، وهو يسمع حكامه يتبجحون بدعوى المقاومة والممانعة، سُيضحك العدو قبل الصديق.
وفي سياق الحديث عن المقاومة والممانعة، لقد برزت إلى السطح مجموعة من اللبنانيين تحمل في طياتها، احقاد القرون تجاه أمة حطمت عروش الاكاسرة الفرس، فدارت في فلك الاسد ورفعت نفس الشعارات من خلال انتصارات وهمية.
إن مقاومة حسن نصر الله، أطلقت في ما سمي حرب 2006 ما يزيد عن 1400 صاروخ لم تقتل بها صرصوراً، عدا عن قتل جندي إسرائيلي واحد.
نريد أن نشير إلى أن المقاوم الحقيقي، يضحي بكل شيء في سبيل مبادئه وقيمه وعدالة قضيته، لأن التضحية بحد ذاتها شكل من أشكال النصر، ولكنه العداء الخفي والمعلن تجاه أبناء الشعب السوري اينما كانوا .
إن المقاوم، بالضرورة هو نصير الحق والحرية والعدل والكرامة، فما بال هذا المقاوم ذو العمامة السوداء، وقد ناصب ثورة الشعب السوري الابي المطالب بالحرية والكرامة، ما باله عندما ناصبها بأشد ألوان العداء، ووقف الى جانب نظام ظالم فاسد مستبد واستمات في الدفاع عنه.
لقد كشفت الثورة السورية العظيمة، حقيقة اللعبة القذرة التي كان يلعبها ادعياء المقاومة وعرف كل صاحب عقل رشيد، وكل صاحب بصيرة نيرة حقيقة ادعياء المقاومة. فهل من مذكر ؟!









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الألعاب الأولمبية باريس 2024: إشكالية مراقبة الجماهير عن طر


.. عواصف في فرنسا : ما هي ظاهرة -سوبرسيل- التي أغلقت مطارات و أ




.. غزة: هل بدأت احتجاجات الطلاب بالجامعات الأمريكية تخرج عن مسا


.. الفيضانات تدمر طرقا وجسورا وتقتل ما لا يقل عن 188 شخصا في كي




.. الجيش الإسرائيلي يواصل قصف قطاع غزة ويوقع المزيد من القتلى و