الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رسالة ملاك إلى...

بولات جان

2005 / 12 / 22
الادب والفن


لم يعد ليّ من أكتب لأجله... و لم يعد من آمل بقراءته لكلماتي المنهوبة من حلبة الزمن الذي لا يعرف الرأفة و لا رد الجميل. نعم لم يعد أحد. هل تعرفين؟ هل كنتِ تصدقين أو حتى تخمنين بأنني سأبقى وحيداً كما السابق رغم كل هذه الهالة من الملائكة؟ نعم! ربما ما كنتِ تنتظرين حالي هذه و لكن هاأنا ذا وحيداً على ذاك الجسر الذي شهد كل فصول و شهور أعوامي الربيعية التي باتت خريف بذاته! الجسر الذي كان و ما زال شاهداً على كل خلجات روحيّ و مكونات نفسيّ الساخرة من كل شيء! ها أنا ذا أكتب و ليس ليّ أمل أن تجلسي بجانبي لساعاتٍ و ساعات و تستمعين إلى لغتي التي لا يفقهها أحدٌ سواكِ و أنا بدوري أستمع إليكِ كما الطفل الذي يستمع إلى معلمته الطفلة. ها أنا ذا أكتب و أعرف بأنكِ لن تهرعين إلى ظل الجوز العتيقة لهفةً لقراءة ما كتبته لكِ و مع كل كلمة تتغير تقاسيم وجهكِ، تفرحين معي، تحزنين و تأملين و من ثم تهرولين إلى شجرتي التي ترينني تحتها أبد الدهر و أنا بانتظار قدومك لكي نشاكس معاً و نقلب الدنيا رأساً على عقب. هل تتذكرين أم كنتِ ناسية؟ حينما كانت القطط تغار من غبطتنا و مشاكساتنا التي تشبه جنون الفلاسفة و... و ماذا بعد؟
لا أعرف لم أكتب و أنتِ لن تقرئين ما أخطه... ربما كنتُ أكتبها للريح أو للمطر و ربما كنتُ أكتبها للبدر أو حتى للجنون؟ ربما ستقرعينني على شؤمي و سوداويتي هذه و سوف تنهرينني كما الأم الحنون التي تنهى صغيرها عن فعل الحماقات. سوف تقولين: (كنتَ أملي فـلِم هذا التشاؤم؟ كنتَ قوتي فـلِم الرضوخ للهزيمة؟ كنتَ حناني و دفئي فـلِم كل هذا الانكسار؟؟؟ ) و القائمة تطول و النصائح لا تنتهي و ينابيع العسل المر لا تنضب و سيول الآمال المقهورة لا تتوقف و نيران الأفئدة المحترقة لا تنطفئ. و مع كل طلعة للشمس ستهرولين بـ لوعة و شوق إلى الشجرة التي أقبع تحتها منذ موت قابيل و جنون هابيل. ربما كنتُ قد تماديتُ في تشبيهي هذا فبالأحرى أقعد هنا منذ أن تحولت زين إلى فاحشة تبيع الهوى و القبلات و النهود و أشياء أخرى و عندما وصل الخبر إلى مسامع ممو قام الأخير يحفر في الجبل ظاناً نفسه فرهادً و لكن فرهادً بلا شيرين. و ان كنت قد تطرقتُ بالحديث عن فرهاد الحفّار، بادر إلى خاطرتي بأنه من أكبر المجانين و الصعاليك في كل أرجاء المعمورة. فهو لم يكن يحفر الجبل لعينيّ شيرين بل كان يحاول إمضاء وقته و إلا كان سيصبح عاطلاً عن العمل. فعلى الأقل كان يحصل على طعامه كل يوم. و حتى مجنون ليلى فـلا هو و لا ليلى كانا صادقين. فهو لم يكن مجنون ليلى بل كان مجنون أبله الذي تاهت في الصحارى فوقع الدروب و المسالك بحثً عن أبله و عندما رأى ليلى و هو في حالة من الإعياء فقد ظنها أبله التائهة فدنى منها و هي رهبة فقالت له: (يا مجنون) فبات الواقع خلف أبله التائهة مجنون ليلى و ليلى لم تكن سوى عجوز شمطاء أعتقدها مجنوننا إبله لشدة قبحها و شبهها للناقة... و الحكاية تطول و أنتِ ما زلتِ تهرولين كل صباح إلى ظل شجرة الجوز العتيقة و أنا أنتظركِ هناك كل يوم و بجعبتي قصاصات صغيرة من النثر و الشعر و الجنون و قلم رصاص أقصر من قامة حبة الفاصولياء.
و في الخريف الذي مضى و ككل يوم انتظرتكِ مع قصاصاتي الشعرية و قلمي الذي لم يعد له شكل قلم و هذه المرة كانت جيوبي مليئة بحبات الجوز المحروقة. انتظرتكِ، رسمت طيفكِ و كل قطر من محيط جسدكِ و وجهك و شعركِ الليلي... جعلتُ من خصلات شعركِ أرجوحة لخيالاتِ الطفولة و رحتُ أكتب على جبينك العريض قصص ألف ليلى و ليلة ماراً على حبة الكرز المرسومة بمحل الثغر، و كما كل مرة لم أتذوق شيءً من الكرز لأنني كنتُ على عجلٍ من أمري، فرحلتي كانت صوب الهضاب، صوب ينابيع الخابور، صوب حقول الرمان. أقسم لكِ بأنني لم أقربه و لم ألمسه البتة إنما تنهدت حزناً على عقم ينابيعها. و بعدها فقد تماديتُ و رسمتُ خارطة لأقطار خصركِ البديع... و بعدها فقد كان أسفل السافلين و... صحوتُ من إبحاري في محيطات الأطياف و عدتُ إلى وعي اللا مرغوب! صحوت و لستِ موجودة... أنتظركِ كل النهار و طول الليل و لم تأتين. انقلبت الأحوال و الدهور و أنتِ لم تأتين بعد. مات مجنون الإبل و حسرة إبله التائهة تحرقه و كذا فرهاد الحفار فقد دكّ الجبل العظيم عليه و جعلته في خبر كان فارتاحت منه شيرين و كذا الأمر لممو الذي أستسلم للواقع المر و رضخ لمشيئة زين التي أبت إلا أن تبيع الهوى و القبلات و عصير النهود و أشياء أخرى، فقد تفهم ممو لدواعي حرية الجنس الناعم. صفرت لون قصاصاتي و ضاعت كلماتها و التهمت الدود بقايا قلمي و أنا قابع تحت شجرة الجوز العتيقة أنتظر هرولتكِ و مشاكساتكِ الفلسفية و ترهاتكِ العقلانية... أنتظرك منذ أن عملت حواء على خلق رجلً من نهدها الأيمن.
و اليوم رحتُ أكتب هذه الكلمات بالرغم من انكِ لن تقرئينها و لن تفرحين لحزني و لن تحزنين لفرحي...
أعتقد بأن بعضهم يصبو إلى قطع الجوز العتيقة و سأبقى جالسً أنتظركِ وحدي و أنا أعرف بأنكِ لن تهرعين بكل مشاكساتكِ لقراءة قصاصاتي الصفراء...
طابت أمسيتكِ








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عادل إمام: أحب التمثيل جدا وعمرى ما اشتغلت بدراستى فى الهندس


.. حلقة TheStage عن -مختار المخاتير- الممثل ايلي صنيفر الجمعة 8




.. الزعيم عادل إمام: لا يجب أن ينفصل الممثل عن مشاكل المجتمع و


.. الوحيد اللى مثل مع أم كلثوم وليلى مراد وأسمهان.. مفاجآت في ح




.. لقاء مع الناقد السينمائي الكويتي عبد الستار ناجي حول الدورة