الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإنسان والقفص

محمد باليزيد

2016 / 8 / 25
القضية الفلسطينية


هذه القصة التي قرأت منذ سنوات ولم أعد أتذكر كاتبها(1) فليعذر ضعف ذاكرتي:
التقط فضائيون ثلاثة أشخاص من الأرض. ذهبوا بهم بعيدا، وضعوهم في قفص ريثما يدرسونهم ويعرفون كيف يتصرفون معهم. رموا لهم داخل القفص أشياء كثيرة من أجل الدراسة ومن أجل غذائهم. حاول الأرضيون بشتى الوسائل، حتى وصلوا درجة اليأس، أن يُفهموا الفضائيين بأنهم كائنات "مفكرة" فلم ينجحوا. فجلسوا محبطين ينتظرون قدرهم الذي لم يعد لهم أي حظ للتحكم فيه. وجد أحدهم ما يشبه سعف(ورق) النخيل فأخذه يحرك به أصابعه من أجل تمضية الوقت لا غير. في الأخير وجد نفسه قد نسج قفصا صغيرا فوضعه جانبا واتكأ على جدار القفص ينتظر القدر. فجأة دخل القفص كائن أقرب إلى الفأر. أمسك به بسهولة لأنه لم يكن كالفأر في خفة الحركة ثم وضعه في القفص ووضع القفص أمامه وجلس يتأمل منتظرا القدر. بعد دقائق جاء الفضائيون وأخرجوا الأرضيين من القفص وذهبوا بهم إلى قاعة كأنما قاعة ضيوف. أجلسوهم فيها بحركات ربما تعبر عن الأدب والاعتذار وتركوهم دون أن يغلقوا عليهم أي باب. تساءل الأرضيون بينهم عن سبب تصرف الفضائيين هذا وكيف غيروا سلوكهم اتجاههم ولم يجدوا من جواب يتفقوا عليه سوى ما قاله واحد منهم:"إن الفضائيين يعتبرون أنه لا يستطيع أن يضع حيوانا في قفص إلا كائن عاقل." ولقد شاهدونا نضع فأرهم في قفص. 
نحمد الله أنه ما يزال بيننا، في هذا العصر المليء بالقتل والدمار، ما يزال بيننا أناس يرق قلبهم وتتحرك حواسهم حين يروا أن حيوانات "حديقة الحيوانات بغزة" لم يعودوا قادرين على العيش هناك بسبب الحصار وصعوبة الحصول على لقمة العيش. فكيف يحصل حيوان في قفص بسهولة على لقمة العيش في حين يجري الغزاوي طيلة اليوم دون الحصول عليها.
لقد قررت إحدى جمعيات (2) الرفق بالحيوان أن حيوانات حديقة غزة لم يعد باستطاعتهم (وليس باستطاعتها) العيش هناك. وقد تكبدت الجمعية، مشكورة، عناء دراسة القضية مع كل من دولتي إسرائيل والسلطة الفلسطينية وكذا مع الدول المستقبلة، الأردن وجنوب أفريقيا. ولقد تم بالفعل يوم الأربعاء 24/08/2016 نقل ما تبقى في تلك الحديقة كي يوطنوا في كل من إسرائيل والأردن وجنوب أفريقيا.
بعد هذا النقل المشؤوم لم يعد لسكان غزة من حيوانات داخل الأقفاص كي يبرهنوا به على أنهم كائنات "عاقلة، مفكرة". لقد كان هذا النقل عملة ذات وجهين:
الوجه الأول هو قرار الجمعية أن حياة تلك الحيوانات في خطر وأنه يجب أن تنقذ.
الوجه الثاني هو قرار "أن سكان غزة لم يعودوا في مرتبة الكائنات العاقلة التي تستطيع وضع الحيوان الآخر في قفص" وقد صادق على هذا القرار كل من السلطة اللاوطنية وإسرائيل والأردن وجنوب أفريقيا. لقد كان على الأردن مثلا أن لا تقبل الدخول في الملف إلا بشرط أن تنقل جميع تلك الحيوانات إلى أرضها وتجهز لها حديقة خاصة تسمى باسم حديقة غزة على أساس أن ترجع الحيوانات اللاجئة، أو أحفاد أحفادها، إلى غزة ولو بعد حين.
1) أرجو من أي قارئ يتذكر هذا الكاتب أن يضف ذلك في تعليق وله جزيل الشكر.
2) من أخبار الجزيرة ليوم الأربعاء 24/08/2016.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد قضية -طفل شبرا- الصادمة بمصر.. إليكم ما نعرفه عن -الدارك


.. رئيسي: صمود الحراك الجامعي الغربي سيخلق حالة من الردع الفعال




.. بايدن يتهم الهند واليابان برهاب الأجانب.. فما ردهما؟


.. -كمبيوتر عملاق- يتنبأ بموعد انقراض البشرية: الأرض لن تكون صا




.. آلاف الفلسطينيين يغادرون أطراف رفح باتجاه مناطق في وسط غزة