الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عراق نوري السعيد - ج 3

وليد يوسف عطو

2016 / 8 / 26
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق



استكمالا للجزء الثاني من مقالنا المنشور على الرابط التالي:

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=528933

كتب البروفيسور سيار الجميل (استاذ دراسات الشرق الاوسط – تورنتو- كندا )في مقدمة مذكرات فالديمار غالمان سفير الولايات المتحدة في العراق , والمنشورة في كتاب :
( عراق نوري السعيد :انطباعاتي عن نوري السعيد بين سنة 1954 – 1958 )قائلا:
( قبل ثلاثة اشهر من الثورة قال السير مايكل رايت السفير البريطاني في بغداد لوزير الخارجيةسلوين لويد , ان الوضع الدستوري في العراق يشبه جدا ماكانت عليه المملكة المتحدة ايام جورج الثالث ..وهذه مقارنة تاريخية مهمة تعكس لنا كيف كان السير مايكل رايت يفكر في نهايات العهد الملكي في العراق .

خصوصا اذا ماعلمنا ان جورج الثالث ملك بريطانيا (1760 -1820)قد تطورت الامور في غير صالحه في النهاية بعد ان قاوم امتداد نابليون بونابرت وحملاته حتى اصابه الصرع , ولم يعد قادرا على مزاولة حكمه .

انها رسالة ذكية جدا تعلن عن استعداد لتشييع النظام الملكي في العراق الى مثواه الاخير. كونه لم يعد يقوى على الحياة من وجهة نظر البريطانيين وافتراق مصالحهم معه.تدنت شعبيته لصالح عبدالناصر ولم يعد يستوعب معارضيه مع بقاء الثروة والسلطة في ايدي ملاك الاراضي وشيوخ العشائر).

ويكمل البروفيسور سيار الجميل قائلا ( واعتقد ان ثمة معلومات خاصة وشفرات متبادلة لم يكشف عنها حتى الان بين السيد مايكل رايت وطاقمه في بغداد وبين الحكومة البريطانية .. اذا استطاع احد الوصول اليها في يوم من الايام فسيكشف عن اسرار خطيرة لثورة 14 تموز – يوليو 1958 ..
فضلا عن ان الموقفين البريطاني والامريكي يكاد يكون متطابقا في الرؤية والهدف آزاء كلا من مصر والعراق ).

ويكمل البروفيسور سيار الجميل ( تخبرنا الوثائق البريطانية التي ارسلت الى الخارجية البريطانية من العراق صبيحة 14 تموز – يوليو 1958 ويوم 15 منه ان السير مايكل رايت اختفى من السفارة مع زوجته بذهابهما الى فندق بغداد . ولم تصدر منه اية برقية حتى مساء اليوم الثاني.

وتقول اخر البرقيات بانه كان غير متاثرابدا بالحدث ولم تبد عليه اية حالة انزعاج علما بان احد موظفي سفارته قد قتل بطريق الخطا . ولكن ماذا كانت ردود فعله وهي في الحقيقة ردود فعل بريطانيا , خصوصا عندما نعلم بان للبريطانيين حتى فجر14 تموز قاعدتين عسكريتين قديمتين , اولا هما في الحبانية القريبة من بغداد , والثانية في الشعيبةالقريبة من البصرة .وعندما نقارن بين مواقف بريطانيا من انقلاب بكر صدقي عام 1936 ومن احداث حركة رشيد عالي الكيلاني عام 1941 واصرارهم على اعدام العقداء الاربعة رفقة يونس السبعاوي . وهم اقطاب تلك الحركة وملاحقة الكيلاني . وكيف كان موقفهم ازاء مجريات الاحداث الملتهبة في 14 -16 تموز –يوليو ببغداد ؟

سنجد ان رصيد نوري السعيد والنظام الملكي العراقي قدانتهى لديهم تماما .وان المرحلة التاريخيةالبريطانية قد انتهت لصالح الولايات المتجدة الامريكية , فضلا عن اجتياح عبد الناصر وقوته السياسية والاعلامية كل الشارع العربي , وايضا سهولة التعامل مع رجل عسكري جاء مباشرة من الثكنة العسكرية لحكم العراق بديلا عن نخبة سياسية متمرسة في الحكم وصعبة جدا في التعامل السياسي والمفاوضات والمطالب التي لاتنتهي ..

ويمكننا ان نطلع من خلال هذه الوثائق على رسالة مطولة كتبها السير مايكل رايت وهي تتضمن شرحا وتحليلا مفصلا عن اثر اقامة الجمهورية العربية المتحدة على مستقبل النظام السياسي في العراق .اضافة الى ماتضمنته من مقترحات عن كيفية مساعدة بريطانيا للعراق في مواجهة المستقبل.

وتخبرنا الوثائق بان السيد مايكل رايت ينصح حكومته بتجنب تشجيع الاعتقاد بان القوى الغربية قد رتبت قيام الاتحاد بين العراق والاردن وعلى الضد من الجمهورية العربية المتحدة . ويحدد الخطوات التي على حكومته ان تتخذها بهذا الشان).

(ان السياسي العراقي الوحيد الذي دافع عنه الغرب بشكل سافر هو الدكتور فاضل الجمالي .وقد هددت بريطانيا وامريكا عبد الكريم قاسم ان اقدم على اعدام فاضل الجمالي .فكان ان طلب قاسم اللقاء بالدكتور فاضل الجمالي (رئيس وزراء ووزير خارجيةآبان العهدالملكي )في مكتبه في وزارة الدفاع قرب الفجر .
وقد جاء الحرس بالجمالي منقولا من سجن رقم – 1 – فاستقبله استقبالا حسنا وبقي معه لمدة ثلاث ساعات , حدثه فيها عن طبيعة العلاقات العراقية مع كل من بريطانيا وامريكا ).

وقد حدث المرحوم الدكتور فاضل الجمالي البروفيسور سيار الجميل اثناء لقائهما في بيت الجمالي في ضاحية المرسى في العاصمة التونسية في 5 اكتوبر – تشرين اول 1985 بحضورزوجته مسز سارة سارة باول جمالي عن تفاصيل لقائه بالزعيم عبد الكريم قاسم في مكتبه بوزارة الدفاع بعد ان اخذ الجمالي على حين غرة من سجن رقم – 1 – ليلتقي هناك قاسم. وجرى البحث في قضايا تاريخية وسياسية اخرى.

وابدى قاسم احترامه للجمالي وساله عن السياسة الخارجية العراقية وعن بعض اسرار خلف بغداد .
(قال الجمالي وجدته لايفقه في القضايا السياسية شيئا.ولكنه يعيش نشوة الانتصار الذي حققه .

كان يتكلم بسرعة بحيث لم يستطع الجمالي التقاط بعض الكلمات . وبدا قاسم منتشيا ويشعر بانه البطل وجلس يتكلم عن محاسنه ويعجب بنفسه ايما اعجاب . وتعجبت- كما يقول الجمالي – كيف سيدير هذا الضابط شؤون العراق وبمثل هذه العقلية المضطربة ؟

وفي تلك الليلةاصدر اوامره باطلاق سراحي رهن الاقامة الجبرية.وبقيت في داري حتى قدمت طلبا للاستشفاء خارج العراق فوافق الزعيم وغادرت رفقة سارة الى بيروت .التي بقيت فيها ردحا من الزمن.حتى استدعاني الرئيس الحبيب بورقيبة ومنحني حق الاقامة والضيافة في تونس مع توفير بيت وسيارة وسائق وخادمة )
.وعندما زار الدكتور الجمالي الجزائر على عهد الشاذلي بن جديد عام 1985 استقبل استقبالا رسميا وشعبيا اعتزازا بدوره وجميل صنعه للقضية الجزائرية عراقيا في الامم المتحدة ابان الخمسينات .

لقد غدت بغداد مركزا لاهم حلف دولي واقليمي في الشرق الاوسط وهو حلف بغداد والذي ضم عام 1955 العراق وتركيا ثم انضمت اليه ايران والباكستان, ومن ثم بريطانيا . ودخلت في السنة الاخيرة الولايات المتحدة الامريكية .

يقول البروفيسور سيار الجميل انه لايعرف هل ان عبد الكريم قاسم امر بدفن جثة نوري السعيد ام تسليمها الى الغوغاء لكي تسحل ويمثل بها في الشوارع ؟بعد سحق عظامها بالسيارات في ابشع عملية قتل لميت ثم تحرق جثته حرقا .. وكانت عملية القتل والسحل قد جرت ببشاعة ايضا بجثة الامير عبد الاله وجثة اخرين ومنهم صباح ابن نوري السعيد واثنين من الوزراء الاردنيين ( من اصل فلسطيني ) وباخرين اجانب .

ان التاريخ سيقول في المستقبل كلمته , وستقف الاجيال امام هذا الحدث التراجيدي وقفة طويلة لتستنبط منه الكثير من الدروس التاريخية المريرة .

يتبع..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما محاور الخلاف داخل مجلس الحرب الإسرائيلي؟


.. اشتعال النيران قرب جدار الفصل العنصري بمدينة قلقيلية بالضفة




.. بدء دخول المساعدات عبر الرصيف الأمريكي العائم قبالة سواحل غز


.. غانتس لنتنياهو: إما الموافقة على خطة الحرب أو الاستقالة




.. شركة أميركية تسحب منتجاتها من -رقائق البطاطا الحارة- بعد وفا