الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صلاة الاستسقاء ..والديمقراطية

فخر الدين فياض
كاتب وصحفي سوري

(Fayad Fakheraldeen)

2005 / 12 / 22
العولمة وتطورات العالم المعاصر


مع انهيار السوفييت وانتهاء الحرب الباردة، تغير العالم بصورة دراماتيكية مثيرة للعجب.. وأكاد أقول إن التغييرات السياسية التي شهدها العالم في العقد الأخير تعادل أو تزيد عن تغييراته على مدى القرن العشرين بكامله.. القرن الذي كان قد شهد بدوره تغييرات تعادل ألف عام مضت!!
وقد يبدو الأمر طبيعياً مع الثورة العظيمة لوسائل الاتصال وأهمها (الإنترنت) الذي قضى على أية أسوار أو عزلة تحاول الأنظمة فرضها على الشعوب..
إنها العولمة التي تجتاح حياتنا.. شئنا أم أبينا!!
أحداث الشغب.. في فرنسا مثلاً كانت تؤثر على بغداد وأنقرة وطهران وغيرهم من العواصم..
انتخابات البيت الأبيض لا تترقب نتائجها عواصم العالم فحسب وإنما تبدأ برسم سياساتها بناء عليها.. التحول الكبير في العراق يترك بصماته على حياة المواطن الفرنسي والبريطاني والأميركي.
لقد صغر العالم كثيراً.. وليس بمقدورنا الموافقة أو الرفض لهذا الامتزاج والاندماج والتفاعل والتأثير المتبادل الذي نعيشه مع (الآخر).. وحتى مصطلح (الآخر) يبدو أنه أصبح بحاجة لإعادة نظر.. ولأن (الآخر) ما عاد آخراً حين أصبحنا نتلقى الثقافات والأفكار نفسها ضمن وسط اقتصادي وسياسي واجتماعي مشترك بالإضافة إلى التكنولوجيا ومنتجاتها التي فقدت هويتها الوطنية وتحولت إلى (منتج عالمي) عبر قوانين السوق من عرض وطلب.. فضلاً عن (الشركات العابرة للقارات) ودورها الفاعل اقتصادياً وسياسياً.
لكل ذلك يتغير العالم بسرعة عجيبة ضمن حالة من وحدة وصراع الأضداد.. ذاك القانون الديالكتي الثابت كونياً على ما يبدو.
إلا أن هذه الثورة تترك آثارها في عالمنا العربي والإسلامي أبعد وأعمق من الأثر الذي تخلفه في العالم المتقدم.. لأن هذه الثورة هي صناعته ونتاج تطوره العلمي حصراً.
ما نعيشه في مجتمعات العالم الثالث مع هذه الثورة شيء أقرب إلى المأساة... أو الفوضى التي تحكمها قوانين متناقضة ومتضادة.
هذه الثورة لا تعرف العقائد ولا المذاهب.. لأنها أبعد ما تكون عن (الدوغمائية) التي تخلصت منها الشعوب المتقدمة منذ زمن يبدو طويلاً الآن، وبالتالي فإن مفاهيمها الكبرى تحولت إلى قوانين لا يجوز المساس بها.. ومأساتنا تتجلى بأننا أمة العقائد السياسية والعسكرية والدينية!!
العلمانية، عقلانية السياسة وواقعيتها، الديمقراطية بكل تفرعاتها من أنظمة قائمة على حرية الناخب وصناديق الاقتراع .. إلى الصحافة الحرة والعمل البرلماني ومساواة المرأة وشرعة حقوق الإنسان... وغير ذلك.
كل هذه المفاهيم تبدو وكأنها وافدة علينا وتحتاج إلى (فيزا) معقدة لكي تدخل إلى حياتنا، كأنها تعاند التاريخ والبنية السياسية والعقلية للنظام والمواطن معاً.
النص القانوني لمعظم شعوب العالم الثالث يقر بالديمقراطية وحرية الرأي مثلاً.. إلا أن هذا النص القانوني دخل عليه نص آخر (طوارىء أو عرفي أو محكمة ثورة... إلخ) اجتث الأول من جذوره.. رغم أن النصين معمول بهما وفي الوقت نفسه!!.
العلمانية لا تعني مطلقاً موقفاً ضد الدين.. على العكس هي التي شرعت وحمت كافة الأديان والمذاهب قانونياً.. إلا أنها أكدت عدم جواز اضطهاد الديانات والمذاهب الصغيرة.. كذلك لا يجوز تكفير الآخر وتصفيته ضمن أي مستند ديني..كما أنها ألغت محرقة (الملحدين) على الأرض، وتركت هذه المهمة للسماء..
مع ذلك فإن العلمانية لم تعرف طريقها إلى حياتنا اليومية ولم يسمح لها بالتعبير عن نفسها..
هذه المفاهيم وغيرها لم يعد يحق لشعوب العالم الثالث قبولها أو رفضها.. إنها لغة العالم الذي لم يعد يمكننا العيش بدونه أو بعيداً عنه..
وسواء أعطينا "الفيزا" للديمقراطية وأخواتها أم لا ..فإنها لا ريب آتية!!
مثلها مثل المطر.. حين يتأخر طويلاً يصبح الماء (أغلى) وأحب إلى الروح.. وهناك ما يعرف بصلاة الاستسقاء التي بدأتها شعوبنا العربية متأخرة كثيرة.. إلا أنها بدأت!!.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القناة 12 الإسرائيلية: المؤسسة الأمنية تدفع باتجاه الموافقة


.. وزير خارجية فرنسا يسعى لمنع التصعيد بين إسرائيل وحزب الله في




.. بارزاني يبحث في بغداد تأجيل الانتخابات في إقليم كردستان العر


.. سكاي نيوز ترصد آراء عدد من نازحي رفح حول تطلعاتهم للتهدئة




.. اتساع رقعة التظاهرات الطلابية في الولايات المتحدة للمطالبة ب