الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كلمة حول استقلال القضاء في العراق

فالح مكطوف

2016 / 8 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


موضوع استقلال القضاء من وجهة نظر المادية التاريخية يعد شيء خرافي، اذ لكل طبقة اجتماعية سماتها ومميزاتها التي تفرضها على المجتمع فاذا كان الاقتصاد رأسمالي فأن الأيديولوجية البرجوازية بكل الوانها هي التي تسود وتطبع البناء الفوقي للمجتمع كالسياسة والقانون والفلسفة وعلم الاجتماع ... الخ بطابعها، وبالتالي فان استقلال القضاء في دول مثل بريطانيا وفرنسا هو مندمج مع سيادة الطبقة البرجوازية التي ترى ان من مصلحتها في الوقت الراهن ان تظهر نوع من استقلال القضاء لذا نرى أن هذا الاستقلال الشكلي يعتبر نص مكررة في معظم دساتير الدول وهو قد يكون ذا معنى فعلي وفقا للمفهوم النسبي للحق في حقبة تاريخية معينة، لذا تكون له دلالته وتجسيده المادي وتراه واقعيا تجسيدا لهذا الاستقلال من حيث الممارسة للطبقة الحاكمة التي يهمها ان ترينا بان النص الدستوري لم يأتي لذر الرماد في العيون وانما جاء كحقيقة متفق عليها اجتماعيا من قبل الطبقة السائدة قبل ان تقول الجهات السياسية رأيها في ذلك الاستقلال ولعل ذلك التقليد متجذر في تلك التجارب العالمية. أما في العراق ومنذ أكثر من 45 سنة يمكننا ملاحظة النص على استقلال القضاء الذي جاء نص المادة 63 من الدستور المؤقت مؤكدا ذلك حيث ذكرت في الفقرة أ -القضاء مستقل لا سلطان عليه لغير القانون. كذلك تكرر الامر ذاته في المادة 19 اولاً من دستور عام 2005: -القضاء مستقل لا سلطان عليه لغير القانون. والحقيقة ان هذا النص في الدستور العراقي سواء المؤقت او الحالي يعتبر نص أجوف وهو لمجرد جعل الدستور (متكاملا) من الناحية الشكلية وهذا هو ديدن الدساتير التي تهتم بالناحية الشكلية وتترك التطبيق لتوازن القوى في المجتمع، ولو نظرنا الى استقلال القضاء اليوم أي بعد سقوط النظام السابق، فإننا نرى ان الموضوع بحاجة الى العودة الى الجذور والعلاقة بين الابن والأب، لان القضاء العراقي اليوم هو الابن الشرعي للقضاء في زمن النظام السابق، ذلك القضاء الذي راحت ضحية احكامه آلاف الأبرياء ولاسيما من السياسيين المعارضين، ولو اطلعت على احصائيات مؤسسة الشهداء السياسيين التي توثق السياسيين الذين تم تنفيذ حكم الإعدام بحقهم، وكذلك احصائيات ومؤسسة السجناء السياسيين التي توثق عدد السجناء والمعتقلين لأسباب سياسية، لادركت ان القضاء كان الأداة الطيعة واللينة بيد النظام السابق وهو صنيعة النظام، وان ذلك القضاء لم يتمتع باي استقلال بتاتا، وهذا يعني أنه لم يترك أي ارث من الاستقلال (الشكلي طبعا) لما بعده من حقب مستقبلية كحقبة ما بعد سقوط النظام التي تمتعت بميراث ذا (قيمة معتبرة) عدا ارث الاستقلال المزعوم. الا ان الملاحظ ان هنالك إشكالية بنيوية تكمن في تشت الولاء بالنسبة لقضاء اليوم، وتميزه عن قضاء الامس الموحد من حيث الولاء والتبعية السياسية، فهو إضافة الى انه حافظ على تقليد التبعية للسلطة التنفيذية وورث هذه التبعية من النظام السابق فانه أيضا تميز عن ذلك القضاء بما اسميه (تشتت الولاء) بين الطوائف والقوميات وهو سلوك خفي ليس بيّن ولا يمكن اثباته ولكن يمكن استنتاجه من نتائج القرارات التي يتخذها. ومؤكد ان القضاء في العراق شريك بالفساد على الاقل الفساد السلبي اي عدم اتخاذ الاحكام المناسبة وما يمسى بالامتناع عن اصدار الحكم، اما بالنسبة لموضوع التشتت فهو يقترن أيضا بالمحاباة للكتل والشخصيات السياسية ولو لا هذه المحاباة المفترضة لما ضاعت مليارات الدولات بين الفاسدين الذي اثروا بشكل غير معقول من سرقة المال العام غير المحروس من القضاء، فهذا الأخير لم يكن حارسا بسبب افتقاره الى الأمانة والموضوعية والاستقلال، ومؤكد انه مثلما كان كبار البعثيين والضباط ورجال المخابرات ومريدي النظام السابق وبطانته معفيين من المثول امام القضاء الا ما ندر، فان القضاء العراقي الحالي لا يستطيع ان يحاسب عضو من التيار الصدري او الدعوة او الفضيلة او الكتلة الكردستانية او عضو من اتحاد القوى او العراقية؟ طبعا القضاء الذي يحاسب الفاسدين هو قضاء الحلم الذي لن نراه في القريب العاجل
والحقيقة ان استقلال القضاء الذي ورد في الدستور يقصد (قضاء) لم يوجد بعد وليس القضاء الحالي، وهو مجرد نص لا غير مثله مثل النص على الحريات العامة التي يتم انتهاكها يوميا، وبهذا فان الرسالة التي تريد الدولة العراقية توجيهها للعالم هي: ان هنالك قضاء في العراق وكفى، اما عن شكل هذا القضاء وماهيته فهذا موضوع اخر إضافة الى انه شأن داخلي من وجهة نظر الدولة العراقية وكل ما هو داخلي يمكن حله بالتوافق او المحاصصة
اما بخصوص الادعاء العام فان دوره الذي كان يقتصر على الحق العام في القضايا الشخصية لا يمكن تفعيله في القضايا الاجتماعية الكبرى كالفساد المالي والإداري فهذا الادعاء لن يجرء على ممارسة أي دور كونه تابع لذات المنظومة فلا تنتظر عدالة قريبة من هكذا قضاء. اما كون الدستور الحالي جاء معبرا عن حقبة ديمقراطية فان هذا امر غير واقعي تماما فبالإضافة الى كافة المثالب التي جاء بها الدستور فان الديمقراطية التي يعبر عنها هي ديمقراطية لتبادل الفاسدين








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دعوات دولية لحماس لإطلاق سراح الرهائن والحركة تشترط وقف الحر


.. بيان مشترك يدعو إلى الإفراج الفوري عن المحتجزين في قطاع غزة.




.. غزيون يبحثون عن الأمان والراحة على شاطئ دير البلح وسط الحرب


.. صحيفة إسرائيلية: اقتراح وقف إطلاق النار يستجيب لمطالب حماس ب




.. البنتاغون: بدأنا بناء رصيف بحري في غزة لتوفير المساعدات