الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وطأة المرض

بنواحي هناء

2016 / 8 / 27
الادب والفن


لا نعرف ما معنى السقم إلا حينما نمرض أو يمرض أحد أقربائنا أو أصدقائنا ، أنذلك نفهم المعنى الحقيقي لوجع الداء الموجع ، الذي يهلك الجسد ويفتك به ، حيث يخوض الجسد معركة ضارية مع الأوجاع والألم ، والعجز وهذا الأخير أشد من الألم نفسه ، حيث يعود الجسد منخورا غير قادر على الإدراك وغير قادر على الحركة ، بينما كان يعتمد على نفسه في كل شيء ، عاد بين ليلة وضحاها يعتمد على الأخرين ، حتى في المسائل الخاصة المتعلقة بنظافة البدن وبحميته وشرابه وبتوضيب سريره وملابسه والإلتزام بمواعيد التطبيب والدواء والسهر على راحته البدنية والنفسية.

حيث يصبح المريض يتكل على الغير أكثر ما يتكل على نفسه ، لأن جسده خانه مع العلة وعاد الإثنان عشيقان سريان ، يتحالفان مع بعضهما ضده ضد روحه يفعلان المستحيل لإطاحة الروح بين قبضة الموت ، وهذا الأخير لا يأتي إلا حين تكون تلك العلة التي تشبه سم الأفعى ، قد تمكنت من كل عضو من أعضاء الجسد هذا الأخير الذي حتى هو يتعب من ذلك العشق المؤلم.

لم يكن يعلم أن ذلك العشق سيقتل جسده يوما ما ، وأنه سيتحول بين يدي العلة مثل أوراق الشجر في فصل الخريف الموحش ، لا حول ولا قوة له تلعب به رياح المرض كيفما شاء ، تلك العلة تبقى وفية وصادقة لقلب الجسد حتى تأخده إلى ذلك المكان الذي تتلاشى فيه المستيحلات ، ويعم فيه الهدوء في ذلك المكان على الأقل لن يشهد على خيانة أخرى ولن يشهد على ذهاب الجسد ووداعه لروحه

نحن نستخف بنعم كثيرة ، من بينها الصحة التي هي أغلى وأعظم النعم ، ولا نفهم معنى الصحة إلا حينما تطأ أقدمنا المستشفيات ، ونرى أناس يخوضون حروبا مع أمراض عدة ، حروبا مع الألم والشكوى والبكاء وألم الإنتظار وفراق الأمال والأحلام والحقوق لأن المرض هو سجن من نوع خاص حيث يسجن فيه الجسد وكل شيئ رائع كان يعيشه ويحلم به ، لا أفهم لماذا لا نستغل صحة أجسادنا لخدمة بعضنا البعض ، وليس للإقتتال والدمار والضرب والصراخ والسب وشتم بعضنا ، أي بشر نحن يا ترى ! نحن بعيدين تماما عن مفهوم الإنسان، الذي أُستمد من الإنسانية هذه الأخيرة التي ماتت في قلوبنا ولم نعد قادرين على نطقها .

نحن خلقنا لزوال وليس للأبد ، فلنترك ولو كلمة طيبة في روح من نحبهم وفي أرواح من يعرفهم قلبنا ، ونحاول أن نزرع الحب بيننا، بدل الأشواك والمسدسات والخناجير لأن سيأتي يوم علينا وسنصبح في دفاتر الماضي ، فلنترك بصمة طيبة في قلوب من مروا بصفحات حياتنا فلا الأيام ستعيدهم ولا رياح العالم الأخر سيعيدهم ، ونحاول أن نزرع بدور الخير والعطاء في دنيانا لثتمر ثمارة حلوة تغدي أرواحنا في العالم الأخر ، ونعلم أن هذه الدنيا بقدر ما نتشبت بها بقدر ما سيأتي يوم ونتركها مرغمين كما أتينا مرغمين ومن دون أخد ولو قرش من مالنا ، سنترك كل شيء من ورائنا كما تركنا جسدنا ، فرأفتا يا بشر بأجسادكم وبإنسانيتكم








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إلغاء مسرحية وجدي معوض في بيروت: اتهامات بالتطبيع تقصي عملا


.. شكلت لوحات فنية.. عرض مُبهر بالطائرات من دون طيار في كوريا ا




.. إعلان نشره رئيس شركة أبل يثير غضب فنانين وكتاب والشركة: آسفو


.. متحف -مسرح الدمى- في إسبانيا.. رحلة بطعم خاص عبر ثقافات العا




.. أون سيت - هل يوجد جزء ثالث لـ مسلسل وبينا ميعاد؟..الفنان صبر