الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جلبرت سينويه وروايته (ابن سينا أو الطريق إلى أصفهان)

رواء محمود حسين

2016 / 8 / 28
الادب والفن


جلبرت سينويه وروايته (ابن سينا أو الطريق إلى أصفهان)


عندما بلغ سن الأربعين عرف جلبرت سينويه بوصفه روائياً، وبالتحديد عام 1987 م، أي عندما نشر روايته التي اهتم فيها بسيرة البابا السادس عشر، ثم ظهرت له روايتان: "المصرية" سنة 1991 م، وابنة النيل 1993 م، وفيهما انكب على الحياة المصرية فيما بين القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، ثم ظهرت روايته الخامسة " كتاب الحجر الكريم " سنة 1996 م، وفيها تعرض إلى طليطلة سنة 1487 ميلادية، ثم أصدر روايات أخرى إلى أن ظهرت روايته ( الفرعون الأخير) سنة 1999 م. وتختص رواياته في مجملها بطرح أسئلة الكتابة من زاوية علاقتها بالتاريخ، بشكال متميز لا يخلو من طرافة وتجريب. وقد ترجمت أعماله في أغلبها إلى العديد من لغات العالم، وحصلت على جوائز مرموقة عديدة. ويبدو أن طفولته المصرية قد أعانته في بناء شخصيته كروائي، فقد أفاد من الأجواء الشرقية، خصوصاً جانبها المعرفي من مرجعيات سردية (كتب السيرة، والخرافة الشعبية، وألف ليلة وليلة)، وتقنيات المقامة، والثيمات والشخصيات (مصر، ابن سينا، الأندلس، الفرعون... إلخ) ( ينظر: مقدمة المترجم آدم فتحي: " إبن سينا أو الطريق إلى أصفهان"، ط1، منشورات الجمل، كولونيا، 1999 م، ص ص 5).
في روايته ( إبن سينا أو الطريق إلى أصفهان ) يسند جيبلبرت سينويه إلى أبي عبيد الجوزجاني دوراً مزدوجاً أو لنقل دورين متعاضدين في عملية السرد، دور الراوي المعلن المعتمد على ضمير المتكلم، الذي يصف الأحداث من زاوية نظره الشخصية، ودور الراوي المستتر الذي يتقمص دور المؤلف ويدعي الحياد بتقديم نفسه ضمن سائر الشخصيات المتحركة داخل دائرة الأحداث المروية. في روايته هذه، يستند سينويه إلى الوقائع والشخصيات التاريخية لكنه يزاوجها بأحداث وشخصيات فرعية متخيلة، كما أنه يجمع بين متابعة الأحداث بشكل خطي حسب تسلسها التاريخي، ومتابعتها بشكل اعتباطي وفقاً لإرادة الراوي ( ينظر: مقدمة المترجم آدم فتحي: " إبن سينا أو الطريق إلى أصفهان"، ص 7 – 8).
يبتدأ جلبرت سينويه روايته بلسان أبي عبيد الجوزجاني، فيقول: " بسم الله الرحمن: أما بعد فهذا أنا العبد الفقير إلى ربه تعالى أبو عبيد الجوزجاني، أضع بين يديك هذه الكلمات التي عهد بها إلى ذاك الذي ما انفك معلمي وصاحبي وقرة عيني طيلة خمسة وعشرين عاماً، أبو علي بن سينا، أفيسين عند الفرنجة، أمير الأطباء الذي بهرت حكمته ومعرفته الجميع خلفاء ووزراء وأمراء وشحاذين وقادة حرب وشعراء. لم يزل إسمه مفلوظاً وذكره محفوظاً من سمرقند إلى شيراز، ومن أبوب المدينة المنورة بغداد ، إلى أبواب الإثنتين والسبعين أمة، ومن فخامة القصور إلى ضواحي طبرستان الوضيعة، ولم يزل الصدى يترسل بأخبار عظمته في أرجاء المعمورة. أحببته كما لا يحب أحد غير السعادة والعدل، فكأنما أحببت المحال. وإنك ما أن تقرأ ما في يديك حتى تعرف أي صنف من البشر كان فتثني على رأيي. كان الله رفيقك في مسعاك " ( ينظر: جلبرت سينويه: ص 11 ).
يشير سينويه إلى حادثة معروفة جداً حدثت لابن سينا وهي إعادة قراءته كتاب ( ما بعد الطبيعة ) لأرسطو لأربعين مرة حتى صار له محفوظاً، ومع ذلك لم يستطع أن يفهم ما التبس عليه منه ومن غرض واضعه. وقد حدث معه قبل عامين أن رأى في سوق الوراقين دلالاً في بخارى، وبيده كتاب الفارابي في " أغراض الطبيعة"، فاشتراه بثمن زهيد، ورجع إلى داره فأسرع يقرأ وهو يظن لحين أن سر الفيلسوف اليوناني منفتح عليه، ولكن سرعان ما خاب ظنه، فما كاد النقاب يرفع حتى أسدل من جديد غامراً عقله بالظلماء. وأخذ ابن سينا يقرأ في الكتاب وهو في التباس وتناقض. فهل يعقل ذلك؟ إن أرسطو في نظر ابن سينا النابغة الذي لا يقارع ومثال العلم والإتقان. إنه معلمه منذ البداية. إنقض أبو علي بن سينا على إبريق الشاي الحامض وأتى على قطراته الأخيرة، تردد لحظة، ثم فتح صندوقاً من خشب الصندل كان جنب الحائط، وأظهر سجادة من الحرير. الصلاة، إنها سبيله إلى النجاة منذ القديم، كلما تردد في مسألة أو حار في أمر ما تردد إلى بيت الله، وفي مهابة صمت الجامع صلى وابتهل إلى مبدع الكل، حتى يفتح له المغلق ويسهل المتعسر. الله هو التجلي الحقيقي الذي لا يفوقه تجل. بسط أبو علي السجادة ووقف مستقبل الكعبة ( ينظر: جلبرت سينويه: ص 30 ).
وهكذا يواصل جلبرت سينويه رواية الأحداث المهمة في سيرة أبي علي بن سينا بلغة سردية يغلب على طابعها الحوار.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم شقو يضيف مليون جنيه لإيراداته ويصل 57 مليونًا


.. أدونيس: الابداع يوحد البشر والقدماء كانوا أكثر حداثة • فرانس




.. صباح العربية | بينها اللغة العربية.. رواتب خيالية لمتقني هذه


.. أغاني اليوم بموسيقى الزمن الجميل.. -صباح العربية- يلتقي فرقة




.. مت فى 10 أيام.. قصة زواج الفنان أحمد عبد الوهاب من ابنة صبحى