الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العقل السياسي اليوم .. سوريا تقلب مسار الأحداث

حسن عماشا

2016 / 8 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


قد يختلف أصحاب العقل السياسي اليومي في موقفهم من الأحداث. الا ان الجامع المشترك فيما بينهم هو في انفعالاتهم مع الأحداث. ان ينتصر الفريق المؤيدين له في معركة ما يهللون ويتفاخرون ومن في مقابلهم يحبطون وينزوون. هذا العقل المحدود لا يمكنه ان يحيط بالأحداث ولا في ابعادها ودلالاتها .
حتى حين يأتي من يشرح العلاقة بين هذا الحدث وذاك في أي منطقة من العالم يضيق صبر العقل السياسي اليومي ولا يخجل من القول انه لم يفهم ويبقى أسير الحدث المعزول عنده.
منذ سقوط جدار برلين أواخر القرن الماضي سعت الولايات المتحدة للسيطرة المطلقة على العالم والتحكم في مسار تطوره وافترشت اساطيلها وجيوشها في طول الارض وعرضها. و|أشعلت الحروب في البلدان التي لم تستجيب لمتطلباتها. وكان لمنطقتنا النصيب الوافر من هذه العدوانية. لما تختزنه من مصادر للطاقة وما تمثله من موقع جيواستراتجي، كونها قلب هذا العالم. لتضع العالم أمام خيارين إما الحرب والدمار أما الخضوع والاستسلام.
لن نسترسل في عرض ما واجهته الولايات المتحدة وما تكبدته من خسائر جسيمة رغم أنها وظفت في سبيل عدوانها على العالم كل ادواتها. من دول، ومنظمات اقليمية، وأحلاف تساقطت جميعها واصبحت عاجزة عن تلبية متطلبات الحروب. الهم الا ما تحصل منها على عوائد تلبي احتياجاتها من نهب لموارد الشعوب المستضعفة – العراق ولبيبيا على سبيل المثال.
وكان "الربيع العربي" حلقة من مخطط "الشرق الأوسط الجديد" و"الفوضى الخلاقة" . وكانت البداية في تونس التي يخضع نظامها السياسي للإملاءات الأميركية ومن ثم مصر وصولا الى سورية . بغية اعادة تقسيم المنطقة بما يوفر على الولايات المتحدة اعباء الراعية للنظم الموالية لها من جهة، وبما يتيح لها ممارسة النهب والسيطرة دون اضطرارها لعقد اتفاقات تحد من هامش الحرية في نهب الموارد وقطع الطريق على أي دولة تجد مصالحها في تطوير علاقاتها الأقليمية والدولية مع دول تواجه الولايات المتحدة ونجحت في تحقيق تطور اقتصادي ونمو في قدراتها المختلفة من جهة أخرى.
غير ان صود سوريا بوجه الهجمة الشرسة والتي حشد لها عشرات الألوف من الارهابيين ومن مختلف الجنسيات، وتكالب الكيانات الإقليمية على نهشها وتدميرها. قطع الطريق على المشروع الأميركي ولم يكتمل الحلم بتفتيت المنطقة كما استوحت أميركا وحلفائها وأدواتها بفعل الانهيار السريع لنظم مثل العراق وتونس ومصر. ومن ثم انتقلت سوريا من حالة الدفاع الى حالة الهجوم ما ادى الى خلق مسار جديد في مجرى الأحداث جعل الملتحقين بالمشروع الأميركي يعيشون مأزقا يهدد كياناتهم وان كان بنسب متفاوتة. على سبيل المثال هذا هو الكيان الصهيوني الاستعماري الاستيطاني. بدأ يعيش "أزمة وجودية" وتركيا التي انخرطت بالمؤامرة بكل قوتها بدأت تبحث عن مخرج لها بسبب ارتدادات الهزائم التي تمنى بها العصابات المسلحة على الارض السورية، والأرض العراقية على يد "الحشد الشعبي العراقي".
أمست الولايات المتحدة وأدواتها في المنطقة يتخبطون بعجز وتنافر فيما بينهم ويلهثون لتحقيق مكاسب ميدانية تصرف على طاولة المفاوضات.
في المقابل تكشف الأحداث ان محور المقاومة والممانعة المشكل من إيران وسوريا وحزب الله. والمتناغم مع "الحشد الشعبي"، الذي يتعاظم دوره وتأثيره على مستقبل العراق. والى جانبه القوى اليمنية وفي طليعتهم الحوثيين. ومن خلفه روسيا والصين ودول عديدة في العالم.
ان هذا المحور يملك استراتيجيته المضادة للمشروع الأميركي ويخوض غمار الحرب بوعي كامل لمساراتها وهو يحق انجازات تتمتع بالقوة والثبات مبنية على إستراتيجيات واضحة المعالم ولا تنجرف بردود فعل تنساق فيها بما يخدم المخطط الأميركي.
وبما ان منطقتنا تمثل قيمة حيوية عالمية. فان الحرب فيها تتجاوز الأمزجة اليومية وردود الفعل ويتوقف على مسارتها مستقبل المنطقة برمتها والعالم أيضا.
تبقى الاشارة الى ان المحاولة التركية البائسة لوضع يدها المباشرة على اجزاء في شمال سوريا خشية سيطرة الكرد عليها. له وجه ايجابي على المستوى التكتيكي وهو تعطيل جزء من المشروع الأميركي بخلق كيان شبيه بالكيان الكردي العراقي.
الا ان تركيا لا تستطيع ان تستثمر هذا الدخول في تحقيق مكاسب على حساب مستقبل سوريا او يجعلها شريكا في صياغة هذا المستقبل – نعم هي جزء من المنطقة ولا شك انها شريكة في صياغة مستقبل المنطقة، وهذا لا يمنحها حق احتلال أراض سورية. وأية محاولة من هذا النوع سوف يعيد فتح مسائل موضوعيا ، ليس لتركية القدرة على الوقوف بوجهها على الصعيد الاستراتيجي واهمها "لواء الاسكندرون". غير ان هذا المدى لا زال بعيدا كما ان وهم التسوية في سوريا لن يحقق اية مكاسب اقليمة لأحد بعد الانجازات العظيمة التي حققها الجيش العربي السوري وحلفائه. ولن تبلع اية تسوية مستوى التغيير السياسي والنظام الاقتصادي الاجتماعي فيها حدود ما سبق وتحقق في هذا المجال من خلال سلسلة الاصلاحات التي اقرتها سوريا في نظامها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الطائفية مرض خبيث شفاك الله وعافاك
سوري فهمان ( 2016 / 8 / 28 - 10:43 )
السيد الكاتب تحليل رائع وانا أظن أن الحوار المتمدن قليل على كتاب من أمثالك يجب أن تكتب في كبار الصحف العالمية وخاصة قولك أن الحوثين يشاركون في هزيمة أمريكا

الطائفية مرض خبيث شفاك الله وعافاك

تحياتي


2 - تحليل جيد لا ضيف, السفن تسير عكس رياح الغزو
رياض ناجي ( 2016 / 8 / 28 - 15:29 )
تحياتي للصديق حسن عماشا

الهجمة الحالية لامريكا تمثل وجه الاستعمار القديم بعد هزيمته في خمسينات القرن الماضي. لقد عادت للصورة معادلات الزمن الراسمالي المسيطر بعد سقوط الذي شهدناه بسقوط برلين أذ امريكا نجحت و مع حلفائها في الخليج العربي .

فالصراع القديم عاد بين الدول الراسمالية من اجل السيطرة على الاسواق ( النفط و ثروات العرب) لذا بدء الحديث عن شرق اوسط جديد.

اليوم لامريكا جيش و تكنلوجيا جبارة مع اعتماد على القوة الهمجية بمنظمة القاعدة التي كات مفتاح لضرب السوقيت في افغانستان, اليوم جائت ابنة القاعدة داعش لتكون اداة حرب رجعية امبريالية في المنطقة.

الصراع الحالي, صراع بين الشعوب والرجعية السعودية وحليفتها امريكا من اجل تحقيق تفتيت للشرق العربي من أجل نهب ما تبقى من نفط. فالغرب يعيش ازمات سياسية وأخلاقية عبر ازمة الراسمالية المتهالكة فلا غروة ان نسمع هيلاري كلنتون تصرح باحياء الراسمالية عبر حرب شاملة على سوريا, لكي يتحقق ما ذهبت اليه في مقالك.

اليوم الاقلام السائرة مع الامبريالية والصهيونية العالمية تركز على الطائفية وعلى تشويه كل المعادين لسوريا يحبطون ينعزلون و ليتعرى وجه امريكا.

اخر الافلام

.. متضامنون مع غزة في أمريكا يتصدون لمحاولة الشرطة فض الاعتصام


.. وسط خلافات متصاعدة.. بن غفير وسموتريتش يهاجمان وزير الدفاع ا




.. احتجاجات الطلاب تغلق جامعة للعلوم السياسية بفرنسا


.. الأمن اللبناني يوقف 7 أشخاص بتهمة اختطاف والاعتداء -المروع-




.. طلاب مؤيدون للفلسطينيين ينصبون خياما أمام أكبر جامعة في الم