الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجماعات الإرهابية ووسائل الإعلام

مجاشع محمد علي

2016 / 8 / 28
الصحافة والاعلام


اولت الجماعات الإرهابية منذ فترة ليست بالقصيرة اهتماماً بتوظيف الإعلام لخدمة أغراضها وتحقيق أهدافها، ولو عدنا لتاريخ المنظمات الارهابية نلاحظ أن تلك التنظيمات وظفت الإعلام للدفاع عن أفكارهم وتبرير أفعالهم اللامشروعة.
ففي عام 1988 أنشأ زعيم القاعدة أسامة بن لادن (إدارة إعلام القاعدة) ، كجزء من الهيكل التنظيمي للتنظيم، وذلك بغرض الاحتفاء بـ"المجاهدين" في أفغانستان الذين كانوا يحاربون الاتحاد السوفيتي. غير أن الرسالة الإعلامية تحولت إلي الهجوم على إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية وبعض الأنظمة العربية والمذهب الشيعي والديانات الاخرى ومنها المسيحية واليهودية.
ونلاحظ شغف التنظيمات الإرهابية بالإعلام وسعيها الدؤوب لتوثيق علاقتها بوسائل الإعلام المحلية والعالمية، وذكرا بعض الأمثلة لبعض وسائل الإعلام التى استخدمها تنظيم القاعدة، ومنها مؤسسة سحاب للإنتاج الإعلامي، والجبهة الإعلامية الإسلامية العالمية، وشركة الكتائب الخاصة بحركات شباب المجاهدين في الصومال والتي أنشئت عام ٢٠٠٩.
كما دشن تنظيم القاعدة موقع "النداء" على الإنترنت في أوائل عام ٢٠٠٢ ، لنشر أفكارها حول عملياتها إبان الحرب في أفغانستان والعراق لبث أفكاره وترويج مبادئه، وتوجد عشرات الآلاف من المواقع الالكترونية التابعة للجماعات الإرهابية في مختلف دول العالم، والتي تتزايد أعدادها مع التطورات التكنولوجية المتسارعة لشبكة الانترنت.
واصبحت شبكة الانترنت واحدة من أهم أدوات القوة الناعمة التي نجحت التنظيمات الإرهابية في توظيفها لخدمة أغراضها الإجرامية.
وإذا كان امتلاك الجماعات والتنظيمات الإرهابية لوسائل إعلام خاصة بها يعد أمرا مشروعا في ظل صراعها مع الدول والشعوب المختلفة، فإن ما يثير الريبة هو أساليب تعامل تلك الجماعات والتنظيمات مع وسائل الإعلام غير التابعة لها.
ومن مبدأ أن اقرب صديق للإرهابي هو الصحفي استغلت الجماعات والتنظيمات الإرهابية الإعلام وادركت أهمية وخطورة وسائل الإعلام الجماهيرية وقدرتها الفائقة على التأثير في الرأي العام وتوجيهه.
وتستغل الجماعات والتنظيمات الإرهابية حاجتها إلى وسائل الإعلام للحصول على المعلومات وتحقيق السبق الإعلامي، فتصدر لها أخبارها وتحركاتها بحًثا عن الأضواء وإثارة الرعب في الشارع وإحداث حالة من الخوف والقلق الجماهيري.
وعندما تقوم وسائل الإعلام بتغطية الأحداث والعمليات الإرهابية فإنها توفر للإرهابيين فرصا ذهبية للانتشار والظهور وتقدم لهم خدمه مجانية قوية ومؤثرة.
ولقد نجحت وتفننت الجماعات والتنظيمات الإرهابية في التعامل مع وسائل الإعلام حتى في المجتمعات الغربية المعادية لها، إضافة لوسائل الإعلام في البلدان التي يمارسون نشاطهم داخل أراضيها.
وتعد "التغطية الإعلامية" لأنشطة الجماعات والتنظيمات الإرهابية بمثابة اعتراف صريح بوجودها ومشروعية ما تقوم به من إرهاب وقتل وتخريب.
كما أن ظهور القيادات الإرهابية وإجراء الحوارات الصحفية والتليفزيوينة معهم يحقق لهم الشهرة والانتشار؛ فيستمع الناس ويشاهدون هؤلاء "الإرهابيين" الذين يبذلون جهدا كبيرا في تبرير أفعالهم وتحسين صورتهم لدى الرأي العام.
والإقناع بأفكارهم التي ربما تتوافق مع كثير ممن يتابعون تلك اللقاءات والحوارات؛ فيقتنعون بما يقوله هؤلاء الإرهابيون - لا سيما أنهم كثيرا ما يوظفون الدين لتبرير أفعالهم والإقناع بأفكارهم - كما يستغلون السخط الشعبي على الحكومات في الدول النامية والفقيرة التي لم تستطع أن تحقق آمال شعوبها، وتركتهم ضحية للفقر والجهل والمرض، في حين يتمتع قادتهم وزعماؤهم بخيرات بلدانهم الفقيرة.
ففي عام ١٩٩٧ أجرت شبكة CNN الأميريكية أول حواراً مع أسامة بن لادن - برنامج «في تتبع أثر ابن لادن»، تقدّمه رئيسة مراسلي CNN الدوليين كريستيان أمانبور على مدار ساعتين. ويتعمّق البرنامج الوثائقي الفريد في حياة ابن لادن، وكيف تحوّل من طفل مميّز إلى إرهابي سيء السمعة، مع عرض آراء لمجموعة من الأفراد الذين عرفوه وتعاملوا معه في مختلف مراحل حياته؛ وهذا ما أتاح أمام بن لادن فرصة غير مسبوقة لشرح أفكاره وتبرير مواقفه ليشاهدها الملايين عبر قارات العالم المختلفة.
وكان ظهور الإرهابي أبي بكر البغدادي زعيم تنظيم داعش الإرهابي في وسائل الإعلام العربية والعالمية أحد الأساليب الجهنمية التي حققت له حضورا ولأفكاره مزيدا من الانتشار.
كما حققت جبهة "النصرة" والتي تحولت إلى "جبهة تحرير الشام" شهرة أوسع بظهور قياداتهم على شاشات التليفزيون العربية والعالمية وعلى رأسهم زعيمهم ابو محمد الجولاني .. ولا شك أن هذه الجماعات والتنظيمات الإرهابية تحقق تواجدا فاعلا ومؤثرا في وسائل الإعلام وخاصة قناة الجزيرة القطرية يفوق - في كثير من الأحيان - تواجدهم الحقيقي على أرض الواقع.
ومن خلال الظهور المستمر لقيادات الإرهابيين يكتسب الإرهاب أرضية وشعبية أكبر، وتبدو الأعمال الإرهابية التي يرتكبها الإرهابيون مجرد وسائل مشروعة وردود أفعال طبيعية ومحدودة أمام ما ترتكبه ضدهم القوى والحكومات التي تربوا في كنفها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. محمود ماهر يخسر التحدي ويقبل بالعقاب ????


.. لا توجد مناطق آمنة في قطاع غزة.. نزوح جديد للنازحين إلى رفح




.. ندى غندور: أوروبا الفينيقية تمثل لبنان في بينالي البندقية


.. إسرائيل تقصف شرق رفح وتغلق معبري رفح وكرم أبو سالم




.. أسعار خيالية لحضور مباراة سان جيرمان ودورتموند في حديقة الأم