الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفساد..وفضح الحرامية..!!

هادي فريد التكريتي

2005 / 12 / 22
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


! انتهت الانتخابات ، بعد أن وقعت الكثير من المخالفات والانتهاكات ، وبعد أن تبادلت القوائم الانتخابية ، الكثير من الاتهامات أيضا ، وعلى الرغم من عدم قيام أجهزة السلطة الحكومية ، بواجبها بحيادية ونزاهة ، تجاه المرشحين وممثلي القوائم ، حيث سقط العديد من القتلى كما في العمارة ، والكثير من حوادث العنف وقعت ، في الناصرية ، بتوجيه من مسؤولي بعض القوائم الطائفية ، وبمشاركة الميلشيات التابعة لها ، انتهت بحرق مقرات لأحزاب وطنية ، غير طائفية ، ونهب محتوياتها ، حصل هذا تحت علم وسمع ، إن لم يمكن بمشاركة ومساهمة أجهزة الدولة الأمنية ، من شرطة وحرس وطني وجيش . انتهت الانتخابات ، وقد أكد سياق العملية الانتخابية ، أن المفوضية العليا للانتخابات ، كانت عديمة الجدوى ، إن لم تكن عاملا إضافيا في المساعدة على التزوير والتستر عليه ، وعدم قدرتها على إدارة العملية بشفافية وكفاءة ، ناهيك عن عدم نزاهة بعض أعضائها ، وانعدام استقلالية الرأي والقرار المتخذ في معالجة الانتهاكات والخروقات ، حيث كانت منحازة بالكامل لجهة دون أخرى ، وهي ترى وتسمع وتقرأ ، كل ما يحصل من تجاوزات على القوائم ، دون القدرة على الردع ، أو اتخاذ التدابير التي تحد من غلواء التزوير . فالضغط قد حصل على الناخبين والتأثير عليهم بمختلف الأشكال والصور ، وهذا ما أيدته تقارير المراقبين ، وقامت هذه المفوضية بأدوار ليس من مهامها ، وليس لها من مصلحة فيما أقدمت عليه ، إلا من جهة تبرئة المتورطين في تزوير العملية الانتخابية ، عندما أخذت على عاتقها ، نفي ما أعلنت عنه الشرطة من إلقاء القبض على سيارة ، ودخول سيارات أخرى ، محملة بأطنان من الاستمارات الانتخابية ، إضافة على سكوتها عن كل حالات التزوير التي حصلت في مناطق كثيرة وموثقة ، أقول بغض النظر عن كل هذا ، فالفائزون ، أغلبيتهم هم حصيلة هذا الواقع ، إن كان عن طريق نزيه وشريف ، أم عن طريق التزوير والتزييف ، فكلهم سيدخلون المجلس النيابي الجديد ، ويتحدثون باسم الشعب ، الذي ما استطاع أن يمارس حقه في حرية اختيار ممثليه ، أو يدلي بصوته بحرية كاملة وتامة ، بعيدا عن الضغط والخوف من الاغتيال أو التهديد بالقتل . الحكومة ستتشكل من الجهة التي حازت على أكثرية المقاعد إلى قبة البرلمان ، وكل ما نتمناه ، على نواب الأكثرية المطلقة ، أن تمارس أساليب نظيفة وشريفة ، في إدارة الحكم ، غير تلك التي مارستها وأوصلتها إلى موقع المسؤولية واتخاذ القرار .الحكومة الجديدة وبغض النظر عن القوى التي تدخل في قوام تحالفاتها ، وبغض النظر عن دعاوى التزوير ، فهي ستمثل الشعب العراقي بأجمعه ، وتتكلم باسمه ، بكل أطيافه وملله ، والمفروض بقراراتها أن تصدر لمصلحة كل الشعب العراقي ، وليس باسم من صوت لها وأتى بها إلى موقع المسؤولية فقط ، ومن هذا المنطلق ، منطلق المصلحة الوطنية العليا ، ستكون مساهمة ممثلي القوائم والكيانات السياسية ، التي لم يحالفها الحظ لأن تكون في موقع اتخاذ القرار ، مساهمة فاعلة في التوصل إلى القرارات التي تحقق رغبات وأهداف كل الشعب ، ومعارضة ما تراه غير ذلك ، فاللعبة الديموقراطية هي أن يسعى الفائز ، أيا كان ، لأن يحقق المصلحة الوطنية لكل الشعب ، من خلال مفاهيمه ومنطلقاته الفكرية ، وبرنامجه الذي طرحه قبل أن يصير في الحكم . تمرير القرارات أو عدم الموافقة عليها ، من قبل المعارضة ، يعتمد على مدى صواب هذه القرارات ، ومدى ما تحظى به من تأييد شعبي ، ويقظة النواب الذين هم في موقع المعارضة ، تلعب دورا مهما في المجلس النيابي الجديد . فالحكومة الجديدة ، أية حكومة كانت ، ومهما تمتعت بنفوذ سياسي وشعبي أوصلها لموقع إصدار القرار ، تبقى خاضعة لرقابة المعارضة في المجلس ، ويبقى الشعب ومنظمات المجتمع المدني يراقب أداءها ونهجها في خدمة البلد والشعب ، ككل وليس لفئة دون أخرى ، والتأشير على الخلل ، ومحاولة درأه قبل وقوعه واستفحال ضرره . من خلال تجارب شعبنا العراقي ، وتجارب الشعوب غير العربية ، التي تمارس الديموقراطية في المجيء إلى السلطة ، لم نر حكما لحزب أو زعيم يدوم ، مهما كان تاريخ وعراقة هذا الحزب أو ذاك الزعيم الذي يقوده ، إن حاد عن طريق الإصلاح ، وتجاهل رغبات وتطلعات شعبه في حياة أفضل ، أو أصبح غير قادر على تقديم شروط أفضل لحياة شعبه أو أكثريتهم ، أو ما عاد يمثل ضرورة تاريخية للمرحلة التي هو فيها ، ومن يريد معرفة المزيد ، فتاريخ الكثير من الشعوب بين أيدينا ، فعلى سبيل المثال لا الحصر ، في بريطانيا حزب المحافظين ، تشرشل و تتاشر ، وفي ألمانيا الحزب الديموقراطي المسيحي ، هلمت كول ، وفي فرنسا الجنرال ديغول والإشتراكي متيران ، وأمريكا كلينتون الديموقراطي وبوش الجمهوري ، وغيرهم كثيرون ، فعلى الرغم من أن قادة هذه البلدان وأحزابها حققت الكثير من المكاسب والانتصارات لشعوبها ، على مختلف المراحل الزمنية التي حكمت فيها ، إلا إنها تبقى محكومة بفترة زمنية محددة ، معتمدة على ما لديهم من قدرة لتحقيق المزيد من الرخاء والرفاه ، وارتهنت فترتهم بتقديم الأفضل والأحسن لشعوبهم ، لتغادر مسرح الحكم ، محترمة إرادة الشعب ورغبته ، بانتخاب الحزب البديل ، الأكثر إقناعا للشعب في المعالجة وقدرة على تحقيق مطالبه ، وما لديه من حلول للمشاكل التي يعاني منها ، حتى وإن كان البديل ، هو النقيض لمن سبقه ، في الفكر والتوجه ، فالشعوب تنظر لمصلحتها ولمصلحة أوطانها وأجيالها القادمة ، وليس هناك ما هو مقدس عندها غير الوطن والشعب ، وهذا ما سيحصل عندنا لاحقا ، إن تمسكنا بخياراتنا الديموقراطية ، وآمنا بقدسية وطننا ، واحترمنا إرادة شعبنا . إلا أن ما يجب الاهتمام به حاليا ومراقبته عن كثب ، أداء الحكومة القادمة وأولويات أهتماماتها ، نتيجة لظروف شعبنا الصعبة ، والتباس الأمور واختلاط أسبابها بمسبباتها على الكثيرين منا ، لأننا نعيش في مرحلة انتقالية صعبة ، لا يمكن الفرز والتمييز بسهولة ويسر ، بين صالح وطالح ، نتيجة بداياتنا في بناء دولة تنحو منحى ديموقراطيا غير واضحة معالمها ، على أنقاض دولة تعاون على هدها ودمار مؤسساتها النظام الفاشي والاحتلال الأمريكي ، تتجاذبها قوى مختلفة الرؤى والتوجهات . فالنظام السياسي القديم ، كان قد أوجد وضعا مأساويا في سياساته الشوفينية ، اتسم بدكتاتورية ـ فاشية ، أوجدت عدم ثقة بين مكونات الشعب العراقي ، الدينية والقومية ، الطائفية والأثنية ، أصابت المجتمع بضرر بالغ ، خربت بنيته الوطنية وأتلفت نسيجه الاجتماعي ، وهذا ما استغلته تيارات الإسلام ـ الطائفي ، والقومي ـ العنصري بعد سقوط النظام ، في نبش خلافات دينية ـ طائفية و عرقية ـ عنصرية تاريخية ، وأعادت إنتاج نتائجها وفق رؤى ظلامية موغلة في الحقد والكراهية ، بين سنة وشيعة ، طوائف وأعراق أخرى ، تحاول توظيفها في إحتراب أهلي مفتعل ، ضحاياه هم كل الأبرياء من كافة طوائف المجتمع ، على اختلاف أعمارهم من الرجال ونساء ، لمصلحة سياسية ـ طائفية لا تخدم الشعب العراقي . من حيث المبدأ ، لا خوف من أن تتسلم السلطة حكومة ( منتخبة ) ذات أفكار دينية ـ طائفية ضمن استحقاق انتخابي لفترة زمنية ، ُتحترم فيها إرادتها ورغبتها لتنفيذ برنامجها السياسي والاجتماعي ، من أجل إيجاد حلول جذرية لمشاكل حقيقية يعاني منها الشعب ، إنما الخوف والخطورة تكمنان في توظيف الديموقراطية للوصول إلى السلطة ، ثم عدم تكرار التجربة مرة أخرى ، لتتم مصادرة كافة الحريات التي أقرها الشعب في الدستور ، وفرض البديل الديني ـ الطائفي ، المتمثل في حكم ولاية الفقيه ، والسير على النهج الإيراني . هذا ما يرفضه الشعب ، ومن هنا تنهض مهمة القوى السياسية الوطنية والديموقراطية ، من داخل المجلس النيابي الجديد ، متعاونة مع مؤسسات المجتمع المدني ، ولجان الدفاع عن حقوق الإنسان ، في مقاومة هذا النهج ، وشحذ يقظة جماهير الشعب واستنفار حذره ، لمجابهة أية خطوة تشكل خطورة على الوطن ووحدة الشعب العراقي ، فتفعيل القوى الشعبية وزجها في أعمال وفعاليات جماهيرية ، للدفاع عن حريتها ومصالحها الوطنية والقومية ، هو الأسلوب الأمثل لفضح كل الأساليب والمناورات الهادفة لتمزيق العراق ، وفرض توجهات وسياسات تجهض خيارات الشعب الديموقراطية ، وتسلبه حقوقه وحريته من العيش في وطن آمن ومستقر .
إن تحقيق مطالب الشعب الآنية وحماية مصالحه الحيوية ، هو المعيار الحقيقي في وطنية الحكومة ونزاهة رجالها ، فإن كانت حكومات الفترة التي أعقبت سقوط النظام ، اتسمت بكونها حكومات مؤقته ، أو انتقالية ، غير كاملة الصلاحية ومنقوصة السيادة ، لم تستطع أن تحقق للشعب العراقي الأمن والسلم والعمل ، علاوة على ما يعانيه من نقص وعوز ، في الخدمات الضرورية لحياة الإنسان ، فليس لكونها غير قادرة على ذلك ، لقلة في الرجال أو المال ، بل لكون هذه الحكومات كانت تنقص أغلب رجالها الوطنية والنزاهة ، فانشغلت بالنهب والتهريب . فسرقة المال المخصص للبطاقة التموينية ، وما خصص لتجهيز المشاريع الخدمية والأمنية ، تم تحويله لأرصدة وحسابات هؤلاء المسؤولين في الخارج ، والبعض من هذا المال المسروق تم إنفاقه على بناء الفضائيات التلفزيونية ، وشراء الذمم ، فالفساد قد استشرى في كل المجالات ، وهذا ما لا يجب أن يغيب عن اهتمامات القوى الوطنية والديموقراطية ، مهما كان عددها ، في المجلس النيابي الجديد ، فالمطالبة بفتح ملفات الفساد وفضح الحرامية وسراق أمنه وخبزه.ضرورة وطنية وملحة .
20 كانون أول 2005








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -أنا لست إنترنت.. لن أستطيع الإجابة عن كل أسئلتكم-.. #بوتين


.. الجيش الإسرائيلي يكثف ضغطه العسكري على جباليا في شمال القطاع




.. البيت الأبيض: مستشار الأمن القومي جيك سوليفان يزور السعودية


.. غانتس: من يعرقل مفاوضات التهدئة هو السنوار| #عاجل




.. مصر تنفي التراجع عن دعم دعوى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أمام مح