الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدولة المدنية كما نريدها في الجنوب العربي

بكر أحمد

2016 / 8 / 31
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية


المفهوم المدني أو الدولة المدنية، هو مفهوم ملتبس لدى الكثيرون، فماذا يعني ان تكون الدولة مدنية، وكيف نصبح نحن مجتمع مدني، وماهي أفضلية هذه المدنية على باقي النماذج الأخرى للدول.
أنا أفهم جيدا سبب هذا اللبس تجاه هذا المفهموم الهام والحيوي، وذلك لأنه مفهوم لم يعرض بالشكل اللازم على الجماهير، ولم تتحدث عنه النخب كثيرا في مقالاتها او في محاضراتها، ودائما ما نجد ان الأمر يشار إلى المدنية كمفهوم قد استوعبته الجماهير جيدا، بينما الواقع يقول غير ذلك، والدليل أننا نجد إسلامين ينتمون إلى أحزاب دينية راديكالية ينادون بهذه الدولة المدنية ويدعون أنهم يسعون إلى تطبيقها، وأيضا نسمع عكس ذلك من رجال دين حيث أنهم يصفونها باقدح العبارات وأكثرها سخفا على الإطلاق الأمر الذي يجعلك تستعشر مدى الجهل بحقيقة هذاالمفهوم ومدى التضليل المتعمد تجاها.

مادام لا أحد يفهم ما هو المقصود بالدولة المدنية، فمن الطبيعي ومن منطلق الجهل انه سيعاديها ، فالناس أعداء ما جهلوا، لذا ستكون هذه المقالة مخصصة لشرح الدولة المدنية والمجتمع المدني بطريقة مختصرة ، علها تزيل الغموض عنها.
في البدأ هنالك فرق بين الدولة المدنية والمجتمع المدني، فأن كانت الدولة مدنية فليس حتما ان يكون المجمتع مدنيا، لكن العكس هو الصحيح، فالمجتمع المدني ينتج لا محالة دولة مدنية.
والدولة المدنية هي : تلك الدولة التي تقوم على رعاية مواطنيها دون النظر إلى خلفياتهم العرقية والدينية والثقافية، أنها تطبق القانون على الجميع وتكون كيانا محايدا ليس من ضمن إختصاصه التدخل في معتقدات الآخرين بقدر الحرص على توفير الحماية والحياة الإجتماعية وجعل القانون هو المرجعية لقضاء الحاجات والخلافات، والدولة المدنية يجب ان تكون مبنية على مؤسسات مستقلة عن بعضها ، المؤسسة التنفيذية ( الحكومة ) والمؤسسة التشريعية ( مجلس النواب ) والمؤسسة القضائية ( القضاء ) وأن لا تدخل اية مؤسسة في صلاحيات الأخرى.
عندما تصبح الدولة بهذا الشكل، فهذا يعني ان من يحكمها هو شخص مدني ، وليس رجل دين أو عسكري، وان القانون النافذ هو قانون مستمد من الشرائع الوضعية والعصرية وليس من الوعي الديني او من خلال المفاهيم الأمنية والعسكرية.
طبعا ، قد يحدث ان تكون الحكومات متقدمة على شعوبها، وانها قد تطرح أفكارا تقدميه ترفضها المجتمعات وبل وقد تقاتل لأجل اسقاطها، لذا فان الدولة المدنية قد تكون حصيلة ثورة نخبوية منعزلة عن محيطها، او طفرة ثقافية خارجة عن السياق الاجتماعي والشعوبي، وهنا تكون المسئولية مضاعفة عليها، إذ عليها ان تحافظ اولا على مدنيتها وان تسعى إلى رفع شعبها من المستوى الثقافي الساكن به إلى مستوى أعلى إدراكا وفهما، وأن اساءت الدولة طريقة إدارة هذه العملية الثقافية الكبرى قد تسقط بشكل مدوى وتُستبدل بمكونات حاكمة اخرى ادارت الوعي الشعبي وتحكمت به وأغلقت عليه مداركه الثقافية والسياسية.

اذا ما اهو المجتمع المدني الذي هو صمام أمان للدولة المدنية:
هو المجتمع القائم على المؤسسات الطوعية والتي تكون الصلة ما بين الفرد وبين الحكومة، وهي المنظمات تحمل سياسة متنوعة كالغضظ مثلا على الدولة في تغير سياسة التعليم أو في طرح وجهات نظر في المجال الصحي أو فيما يختص بحقوق المرأة او النقابات العمالية والحقوقية والفنية، وتكون هذه المنظمات مشكلة من تنوع متعدد وليس مبني على مذهب او دين او ايديولوجية مشتركة، أنها الحاضنة الأولى لممارسة التعبير الحر والمشاركة وإشاعة المدنية بين المواطنين التي هي في النهاية ستتقبل حكومة مدنية يمكن التواصل معها عبر تلك المنظمات المدنية.

الدولة المدنية والمجتمع المدني هما الحصانة ضد التطرف والإنزلاق إلى الإرهاب، لأن الدولة المدنية لا تسمح للخطاب الديني بان يكون هو المصدر للتشريع أو للتربية أو للفصل بين قضايا الناس، فالخطاب الديني يحمل دائما بين مفاصلة تفاسير مختلفة وإنتماءات مذهبية لا تقبل إلا الفرض والإكراه، والمجتمع هو بطبيعته متعدد ومتلون وعندما يتم الغاء كافة الألوان بقداسة النص، فهنا تتحول الدولة من كيان مؤسساتي إلى هرم ديني متتالي يقوم على الراي الواحد والتفسير الواحد وإيقاد الروح البدائية المتشكلة من الكراهية والحقد والإقصاء ومقاومة كل جديد ومحاربة الفنون والصناعة وأي إنشغال آخر بغير الإنشغال الديني هو إنشغال مكروه ومحارب.

الجنوب العربي حاليا يمر بفرصة تاسيسية جديدة، فأما ان يخطوا نحو المدنية وهذا ممكن، واما وان ينزلق نحو الكارثة والإرهاب تحت مسمى الدولة الدينية وهذا ايضا ممكن.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - علمانية بدل مدنية
عبد القادر أنيس ( 2016 / 8 / 31 - 20:51 )
مفهوم الدولة المدنية حسب ما جاء في المقال ينطبق تماما على الدولة العلمانية. لسد الطريق على أعداء هذه الدولة حتى لا يواصلوا خداع الناس يجب طرح الدولة العلمانية كبديل لدولنا الهجينة.
حتى القرضاوي أصبح يطالب بالدولة المدنية، ولكنها في فهمه تلك الدولة التي لا يحكمها العسكريون ولا رجال الدين، ولكنها لا بد أن تكون مرجعيتها الإسلام.
http://urlz.fr/41kV

تحياتي


2 - عاد المراحل طوال
محمد يوسف ( 2016 / 9 / 1 - 01:18 )
اين انت والدولة المدنية الموجودون على الساحة الان هم الطوائف الدينية
صوت المثقفين خافت في الميدان وحتى في مواقع الانترنت تواجدهم ضعيف الدولة المدينه التي تحلم بها تحتاج الي 50عام حتى تنضج الفكرة في عقول المجتمع الكلي الذي يستطيع التغيير اما الان فهي خافتة
تحيتي استاذي العزيز

اخر الافلام

.. لأول مرة منذ 7 عقود، فيتنام تدعو فرنسا للمشاركة في إحياء ذكر


.. غزيون عالقون في الضفة الغربية • فرانس 24 / FRANCE 24




.. اتحاد القبائل العربية في مصر: شعاره على علم الجمهورية في ساب


.. فرنسا تستعيد أخيرا الرقم القياسي العالمي لأطول خبز باغيت




.. الساحل السوداني.. والأطماع الإيرانية | #التاسعة