الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خاطرة حول بوادر تقسيم سوريا

محمد أحمد الزعبي

2016 / 9 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


خاطرة حول بوادر تقسيم سوريا !
الدكتور محمد أحمد الزعبي
31.08.2016
هاتفني أحد الأصدقاء هذا الصباح ليبلغني خبرا مفاده أن الجيش الحر بات على بعد ثمانية كيلو مترات فقط من مدينة حماه ، وأن جيش النظام في تلك المنطقة بدأ ينهار بصورة متسارعة أمام ضربات الجيش الحر. عبرت لصديقي عن سعادتي بسماع مثل هذا الخبر وفي مثل هذه الساعة المبكرة ( كان ذلك صبيحة يوم الأربعاء الموافق ٣١/٨/٢٠١٦ ) ، لأفاجأ به بعد ذلك يسألني ، ألا ترى أن ذلك هو أحد مؤشرات تقسيم سوريا ؟ ولا سيما أن القرى التي استولى عليها الجيش الحر ، تحولت إلى مرتع للطيرانين الروسي والسوري ، وأن القوات السورية التي كانت في هذه القرى (المعاديةللنظام ) قد انسحبت إلى القرى الأخرى الموالية له ، كما أن بعض مناطق ومدن الغوطة ربما تضطر بدورها إلى الاستسلام ( على غرار داريا ) أمام وحشية وهمجية قوات ماهر الأسد الطائفية ( الحشد الشعبي السوري ) المدججة بالسلاح وبقلة الشرف والأخلاق ؟ ، ونقلهم إلى أماكن أخرى يحددها لهم نظام عائلة الأسد . أوليس هذا هو التطهير العرقي بشحمه ولحمه كمقدمة للتقسيم ؟ !!.

أجبت ذلك الصديق المتألم لما يجري على الأرض من بوادر التقسيم ، ولا سيما أن دور الثورة السورية والجيش الحر بات - برأيه – ثانويا أمام توافقات الدول الكبرى المدججة بالقنابل الذرية والتي مافتئت تعمل ليل نهار على إجهاض ثورات الربيع العربي ، وعلى رأسها الثورة السورية ( ربيع دمشق ) عبر تجديد إرث " سايس - بيكو " الذي شاخ بنظرهؤلاء المستعمرين الجدد ، وما عاد صالحا لمرحلة مابعد " سقوط موسكو " أي مرحلة " النظام العالمي الجديد " وأصبح لابد من " تقسيم المقسم ، وتجزئة المجزأ " على حد تعبير البعض .
قلت لصديقى الخائف على بلده سوريا من التقسيم : لاعليك يافلان ، فإن تقسيم سوريا ليس وارداً بل وليس ممكناً ، قال كيف ولماذا ؟ قلت له إسمع :

إن الجمهورية العربية السورية ـ كما هو معروف ـ هي من مواليد سايكس ـ بيكو 1916 ، وإن ثورة الحرية والكرامة قد ولدت عام2011 من رحم هذه الجمهورية ، وإن مابات يخافه ويخشاه أقطاب النظام العالمي الجديد- ، ولا سيما نظاما السيدين لافروف وكيري ، هو ـ حسب رؤيتي المتواضعة ـ أن ينقلب أحفاد مواليد سوريا 1916 ، والذين هم اليوم ( 2011 ـ 2016 ) شباب وشابات ثورة الحرية والكرامة ( الأجيال الجديدة ) على هذا الإرث الإستعماري ( تجزئة الوطن العربي ) ، الذي فرضه ( الحلفاء ) على آبائهم وأجدادهم في الحرب العالمية الأولى عام 1916 " بالخيزرانة " بعد انتصارهم على العثمانيين (دولة الخلافة )، وبعد نكثهم بالوعود التي وعدوها للشريف حسين ( وعود مكماهون ) الذي قاد الثورة العربية الكبرى التي وقفت إلى جانبهم في تلك الحرب .
لقد كان تقسيم الوطن العربي إلى دويلات ومشيخات وسلطنات وملكيات وجمهوريات ( صير جغرافية وديموغرافية ) ، هو أول إرث هؤلاء المستعمرين ، أما الإرث الثاني فقد كان تنصيب عملاء لهم على رأس هذه السلطنات والمشيخات والدويلات والملكيات والإمارات والجمهوريات كحكام " شرعيين!! ". وليس بشار الأسد وقبله أبوه حافظ ، سوى النموذج الأوضح لمثل هؤلاء الحكام الذين أفرزتهم القوى الاستعمارية للقضاء على ثورات الربيع العربي التي أطاحت ببعض عملائهم من الحكام المستبدّين والفاسدين في تونس وليبيا ومصرواليمن ، وما يزال البعض الآخر يحاول الإفلات من مصيره المحتوم.

نعم إن " كيري ولافروف " يعملان جاهدين هذه الأيام ،على " تقسيم المقسم وتجزئة المجزأ " كما يقال (!!) ، أي على إعادة صياغة جديدة لجغرافية ولتاريخ المنطقة العربية ، ولكن ومع كل الإحترام لمقولة كارل ماركس :(التاريخ يعيد نفسه مرتين مرة أولى كمأساة ، ومرة ثانية كملهاة ) فإن تاريخ سوريا ـ على مايبدو لي ـ لن يعيد نفسه ـ اليوم ( 2016 ـ ..... ) لاعلى شكل مأساة ولا على شكل ملهاة ، وإنما سوف يعيد نفسه في سوريا هذه المرة ــ والله أعلم ــ على شكل تصحيح تاريخي لكل من المأساة والملهاة اللتين ترتبتا على تقسيمات " سايكس و بيكو " الاستعمارية عام 2016 .

أعرف أن الكثيرين سوف يسخرون من هذه الرؤية المتفائلة أكثر من اللازم ، وأعرف أيضاً أن تنفيذها على أرض الواقع " دونه خرط القتاد " ، ولكن ثقتي بالشعوب عامة ، وبالشعوب العربية خاصة ، شعوب الربيع العربي ، شعوب ملايين الضحايا في العراق وسوريا وتونس وليبيا ومصر والجزائر واليمن ، تسمح لي أن أخرق المألوف والدارج وأن أتفاءل بالمستقبل .

إن الترويج لتقسيم سوريا - يا صديقي - هو لعبة النظام المفضلة ، لعبة بشارأبو البراميل ، ولكن أيضا لعبة أصحاب مخازن القنابل الذرية في موسكو وواشنطن ، ولا يضيرنا – نحن الشعب السوري - أن نلعب معهم هذه اللعبة ، والتي عادة ما تحتاج إلى طرفين اثنين ، أحدهما لابد أن يكون بانتيجة خاسرا والآخر لابد أن يكون رابحا ، وسنكون نحن الشعب السوري ، نحن ثورة آذار ٢٠١١ نحن أبطال داريا ، الطرف الرابح في هذه " اللعبة – المعركة " إنشاء الله ، وستبقى بلدنا سورية بلداً موحداً ، ومتماسكاً ، ومتآخياً ،كقطرٍعربي أصيل وفعّال من أقطار الأمة العربية الواحدة ، إنشاء الله .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سوليفان في السعودية اليوم وفي إسرائيل غدا.. هل اقتربت الصفقة


.. مستشار الأمن القومي الأميركي يزور السعودية




.. حلمي النمنم: جماعة حسن البنا انتهت إلى الأبد| #حديث_العرب


.. بدء تسيير سفن مساعدات من قبرص إلى غزة بعد انطلاق الجسر الأمي




.. السعودية وإسرائيل.. نتنياهو يعرقل مسار التطبيع بسبب رفضه حل