الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأمية الرقمية في الوطن العربي ودورها الكبير في اتساع الفجوة الرقمية

اخلاص باقر النجار

2016 / 9 / 1
تقنية المعلمومات و الكومبيوتر


أ.م. د.إخـــلاص باقـــر النجـــــار
العراق / جامعة البصرة / الإدارة والإقتصاد
قسم العلوم المالية والمصرفية
إن مصطلح الفجوة الرقمية ظهر في الولايات المتحدة الأمريكية ،لإبراز التقسيم غير المتكافئ لتقنية المعلومات والإتصالات ، بين الفئات الإجتماعية والإقتصادية المختلفة داخل الولايات المتحدة ، فيما يتعلق بتوافر الهاتف الثابت،والهاتف المتنقل ، والحواسيب ،ومستخدمي الانترنت ،والمحتوى ،والموقع ،والدخل ،والسن ،والمستوى التعليمي ، ثم برز هذا المصطلح على المسرح العالمي ليشمل الدول النامية ، فضلاً عن أن هذه الفجوة لا توجد فقط ما بين الدول المتقدمة والدول النامية ،وإنما تفصل ايضاً بين مستويات الدولة الواحدة ،بين المناطق المتمدنة والريفية ، بين الأغنياء والفقراء ، بين ذوي المستوى التعليمي الرفيع والذين لم يحصلوا على التعليم على الإطلاق وإن قلة المعرفة وركود تطورها يؤديان إلى ضعف القدرة الإنتاجية وتضاؤل فرص التنمية ، وإن خطورة التحدي الرقمي الذي يواجه الوطن العربي تكمن في أن الفجوة الرقمية ( الدالة على الفارق بين من يمتلك المعلومة ومن يفتقدها ) ، تتسع في حقل من لا ينتج المعلومة أو لا يشارك في إنتاجها .
الفجوة الرقمية Digital Gap مصطلح يتكون من جزأين أولهما : Gap أي الفجوة التي تعني الفرق التقني في الوسائل، وثانيهما : Digital وهو مصطلح مشتق من الكلمة اللاتينية (Digitus) ،والتي تعني رقماً حسابياً ،والرقمية تقنية سريعة تنقل المعلومات بسرعة (Bite) وبكميات ضخمة وغير محددة ، أي أن المعلومات تخزن وتحـــــوّل إلى صورة نسـق رقمـي أي إلى أرقام تنتمي إلى النظـام العــشري (أصفار،وآحاد)،وتصل سرعة بعض الأجهزة الحديثة إلى بليون عملية حسابية في الثانية ، مما يوضح كيف يتم انتقال الكتب والموسيقى والصور المتحركة ، وكيفـــية إعتبار الإنترنت طريقاً فائق السرعة تسير عليه المعلومات ،كالبرق إلى من يطلبها في أي مكان من الكرة الأرضية،بحسب ما أكده العالم نيكروبونت في كتابه التحويل الرقمي في عام 1995،بأن (Bite) حلت محل الذرات في تكوين الأشياء.
يرى البعض ان الفجوة الرقمية هي الفجوة التي خلقتها ثورة المعلومات والإتصالات بين الدول المتقدمة والنامية ، ويرد هناك مفهوم أخر في تقرير الإستراتيجية العربي (بأن الفجوة الرقمية هي المسافة بين حالة إنتشار استخدام الشبكة العنكبوتية في الدول المتقدمة بما ينطوي عليه ذلك من تغيير أنماط التفاعل في مجالات التجارة والعلاقات الإنسانية وعلاقات العمل وبين إنتشار الشبكة في الدول النامية ).
وتتمثل أسباب الفجوة الرقمية في عدة نقاط أولها : الأسباب المالية والاقتصادية : إذ أن الإستثمار في تقنية المعلومات والإتصالات يتطلب بنية تحتية فائقة التقنية نظراً لتطور صناعة المعلوماتية ووسائل الاتصالات ، وهذا يتطلب بدوره إمكانيات مالـية وإقتصادية كبيرة تتلاءم ومتطلبات الإقتصاد الرقمي ، وهي غير متوافرة في الوطن العربي فضلاً عن عدم وجود نموذج اقتصادي في مجـــال تمويل البنية التحتية للمعلومات الذي يمكن الإحتــذاء به في بقـــــــية دول الوطـن العربي ،هذا فضلاً عن أن الاقتصاد في الوطن العربي يقيس عائد الاستثمارات ذات الأجل القصير مالياً فقط ، ولا يقيسه بالعائد الاجتماعي والإقتصادي طويل الأجل ، وثانيهما : الأسباب التقنية والعلمية : ويقصد بهذه الأسباب عدم وجود بيئة تقنية عربية ، وثالثهما : الأسباب الإجتماعية : كهجرة العقول العربية للخارج وهجرة الأموال العربية للخارج والفقر الإقتصادي وما يترتب عليه من فقر عقلي ومعرفي ، ورابعهما : الأسباب السياسية : المتمثلة بسيطرة الولايات المتحدة الأمريكية على شبكة المعلومات الدولية ، ورفضها أن تمتلكها الأمم المتحدة كهيأة محايدة ، وبقاء الاقتصادات العربية إقتصادات ريعية تبيع خامات المواد الأولية للدول المتقدمة ، وإنتفاء حرية الفكر والتعبير وعدم إمكانية المساهمة في صنع القرار ، لذا فأن تعدّ تقنية المعلومات والإتصالات إحدى منتجات البحث والتطوير، ولها القدرة على أن تشكل قوة توحيد وقوة تفريق في آن واحد،فجانب التفريق يعرف بالفجوة الرقمية التي يقصد بها الفرق بين من يمتلك المعرفة التقنية وبين من يفتقدها ولا يشارك في إنتاجها،وقد كانت لنشأة هذا المصطلح في الولايات المتحدة الأمريكية في عام 1998، أثره في تحديد مفهوم الفجوة الرقمية بين الدول المتقدمة والدول النامية بضمنها العربية،التي تعاني من جملة مشاكل في الإتصالات الحديثة المتطورة ،ولا يزال مؤشر الوصول الرقمي في الدول المتقدمة أعلى من الدول النامية.
كما أن هناك ثلاثة محاور رئيسة لتضييق الفجوة الرقمية أولهما : المحور الإقتصادي والمالي : إذ لابد من إنشاء هيئة متخصصة تتولى التخطيط لجمع الإستثمارات المختلفة لبناء مجتمع المعلومات ، وأن تتكاتف قطاعات الدولة الواحدة لدعم هذه الإستثمارات في مجتمع المعلومات ،والى تعاون القطاع الحكومي والخاص ومؤسسات المجتمع المدني ،للتأثير في نفوس المستثمرين والإقناع بأهمية مجتمع المعلومات ودوره الفاعل في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية بعد إجـراء الإصلاحات الاقتصادية للدولة وتحسين النمو الاقتصادي، والتشريع القانوني المشجع للاستثمار التقني والمعلوماتي ودعم التحول للاقتصاد الرقمي ، كما يجب الأخذ بنظر الاعتبار فكرة الاندماج والتكتل السائدة في العالم ، وانه لا يمكن لأي دولة عربية العمل بمفردها لمواجهة التكتلات الدولية ،لذا لابد من تعاون الدول العربية مجتمعة كتكتل واحد لبناء مجتمع المعلومات وتحقيق هيكل اقتصادي داعم للتقنية بالشكل الذي يقود إلى الخروج من حلقة الفقر الاقتصادي والمعلوماتي التي يدور فيها ، لتكون هذه البنية المعلوماتية أساساً ناجحاً لسد الفجوة الرقمية ، وثانيهما : المحور التقني والمعلوماتي : لابد من إدخال الفكر التقني والمعلوماتي في المناهج التعليمية كافة ،والعمل على محو الأمية الرقمية المتمثلة في أمية الحاسوب والانترنت ،وذلك من خلال فتح الدورات لتشمل الناس كافة ،والعمل على فتح المراكز المتخصصة للبحث والتطوير في مجال تقنية المعلومات والاتصالات ،من ثم تفعيل هذه البحوث وإفراغ محتواها في الواقع العملي ،بإنشاء المصانع المتخصصة في صناعة الأجهزة والبرمجيات للنهوض بالثورة الرقمية العربية ، وثالثهما : المحور الاجتماعي : لغرض تضييق الفجوة الرقمية في الوطن العربي لابد من التأكيد ايضاً على الجانب الإجتماعي ،من خلال توعية المجتمع بمخاطر هذه الفجوة وتعريفهم بالمجتمع المعلوماتي الذي يستند على المعلومات والحاسوب والإنترنت بشكل أساس،وضرورة دخول هذا الفكر التقني في شتى مناحي الحياة العلمية والإقتصادية والإجتماعية والسياسية والدينية والترفيهية ،والعمل على محاربة الأمية الرقمية بشتى الوسائل الإعلامية والتعليمية،هذا فضلاً عن تهيئة الأجواء المناسبة للمجتمع للإنجذاب إلى هذا المجال مثل توفير الخدمات الصحية والتعليمية والاجتماعية والقضاء على الفقر الاقتصادي والعمل على تخفيض كلف إستخدام الإنترنت ، فضلاً عن التعاون مع مؤسسات المجتمع المدني من خلال الندوات والمحاضرات واللقاءات ، وبالتالي كل هذه الأمور إن توافرت لابد أن تساهم في تضييق الفجوة التقنية الرقمية
أن الفجوة الرقمية في الوطن ، وليدة التخلف والفقر ،اللذين تفاعلا فيما بينهما ، لتوسيع دائرة الفجوة الرقمية فيما بين الدول العربية والدول المتقدمة ، إلا إن جهود المنظمات الدولية حثيثة في ردم هذه الفجوة ، والعمل على إيصال منجزات تقنية المعلومات والاتصالات ،إلى كافة الدول المشتركة في المنظمات التي تأخذ على عاتقها هذه المهمة،وإن محو الأمية عنصر مهم لإلغاء الفجوة الرقمية ، التي تتطلب أن يكون الأفراد والمؤسسات مؤهلين تأهيلاُ كافياً ، لإستيعاب وإستخدام التقنيات الحديثة ، ونظراً للتطورات السريعة في الإقتصاد الرقمي ، فإن أي تأخير يسجل في هذا المجال يزيد الفجوة الرقمية عمقاً ، وبما ان الدول العربية لم تصل بعد الى مرحلة الإقتصاد الصناعي التي تسبق مرحلة الاقتصاد الرقمي ، بالرغم من إمتلاكها لمؤشراته ، وذلك لأنها تستخدم هذه المؤشرات في جوانب إستهلاكية وليس إنتاجية ، وتزداد هذه المؤشرات في دول مجلس التعاون العربي أكثر من بقية الدول ، أي انها تتباين في حجمها ما بين الدول العربية ، فهي منخفضة في دول مجلس التعاون العربي ومرتفعة في باقي الدول ولاسيما في كل من العراق واليمن وموريتانيا والسودان وان اعمقها يتمثل في جانب فجوة الجودة وفجوة الإستخدام ، وعليه لابد من الإنفتاح على التقدم العلمي والتقني في مجال المعلوماتية دونما تردد أو مزاجية ، لذا فإن الإستثمار المكثف في البحث والتطوير وفي تكوين الموارد البشرية على جميع المستويات ، يشكّل شرطاً ضرورياً لدخول الوطن العربي في حقل المعلوماتية ، وبما أن تقنية المعلومات والإتصالات هي أحد مخرجات البحث والتطوير ، لذا لابد من التركيز على البحث والتطوير التقني لغرض تضييق الفجوة الرقمية .










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انطلاق حملة المدارس للتوعية ضد التدخين (25-4-2024)


.. مجمع ناصر الطبي إلى الخدمة مجددا رغم قلة الإمكانيات




.. الجزائر.. قمة أفريقية لشركات التكنولوجيا الرقمية بمشاركة أمي


.. -احنا ناس صعايدة يابيه- استشاري الطب النفسي: هناك أسر تحاول




.. د. جمال فرويز استشاري الطب النفسي:بنفرح بنموذج الولد الجان أ