الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من سينهي حرب العراق وقلق الامريكيين من الارهاب ترامب أم كلينتون؟!

ياسين البكري

2016 / 9 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


مضت سنوات طويلة على اعلان بوش الابن من على حاملة الطائرات إبرهام لنكولن في العام 2003 نهاية الحرب في العراق بالانتصار ، ومضت 5 سنوات على انسحاب أخر جندي أمريكي بعد اتفاقية الإطار الاستراتيجي وحقق بذلك اوباما وعده الانتخابي بأنهاء الحرب في العراق .

هل يستطيع احد إنكار أن سياسة بوش الابن واوباما قد حققا الكثير للعراق ، استقرار أمني ، واقتصاد مزدهر ، وسيادة وانتخابات وشوارع نظيفة واشارات مرور يلتزم بها سائقو المركبات ، تلك مواصفات حقيقية لا ريب ، لكن لبقعة صغيرة وسط بغداد اسمها المنطقة الخضراء .
علينا الا نكون متشائمين فوجود طبقة سياسية من 328 برلماني وعدد من الوزراء والمستشارين وطبقة حلفائهم من تجار الفساد يتمتعون بهذه الامتيازات فذلك انجاز لا يستهان به في مقابل اكثر من 30 مليون مواطن عراقي يتوزعون بين بطالة وبطالة مقنعة وصلت الى 46% بحسب احصائية رسمية عراقية ، و4 ملايين نازح ومهجر وتراجع مخيف في التنمية ومظاهرات اسبوعية تؤشر ان تلك الطبقة السياسية ستقود العراق للانهيار ولن يكون سيطرة داعش على ثلث العراق اخر تلك الانهيارات فبعد نهاية داعش التي من المرجح انها اصبحت قريبة من يضمن عدم ظهور منظمة ارهابية جديدة باسم اخر وقد تكون اشد خطراً في ظل تنامي ظاهرة الارهاب عالمياً؟ ! ذلك السؤال ضرورياً وملحاً
احد الاجوبة الجاهزة وما علاقة الولايات المتحدة بكل هذا ، وهل على الرئيس الامريكي القادم مسؤولية في معالجة الارهاب العالمي ! وهل يفهم الرئيس القادم بؤر الارهاب التي وصلت اذرعها لأمريكا ، وبعيداً عن التحليل المعمق نشير لوقائع فالإرهاب ضرب في السنتين الاخيرتين في الولايات المتحدة وفرنسا وتركيا واستراليا ، والاهم ان الارهاب ضرب في 11 سبتمبر قلب العاصمة الاقتصادية الامريكية والعالمية في 2001 .
تبدوا لحظة 11 سبتمبر لحظة مغرية جداً في فهم ما قبل وبعد ، فهل تم التعامل معها بشكل جدي ومعمق دون النظر للمكاسب السريعة ، المكسب الحقيقي أن تؤمن الداخل الامريكي أن تجعل المواطن الامريكي يشعر بالأمان ، هل يستطيع احد أن ينكر أن الاجراءات الامنية في المطارات الامريكية بعد احداث 11 سبتمبر والى اليوم تزيد من معاناة المواطن الامريكي النفسية وتجعله تحت وطئة الاحساس بعدم الامان .
بعيداً عن المسؤوليات الاخلاقية ونزولاً عند متطلبات المدرسة الواقعية في العلاقات الدولية ونذكر جوهرين لهما وهما تحقيق الامن الداخلي بمواجهة التهديدات الخارجية وتحصيل القوة ، وجدل بسيط ومباشر قد يوضح الصورة العميقة بعيداً عن الاحصاءات التي لن تهم المواطن العادي كثيراً ، فالمهم هو احساسه بالأمان ، وندفع بالجدل خطوة اخرى ، عن أي أمان نتحدث ففي حين ترغب عائلة أمريكية السفر لقضاء عطلة ستذكرها مباشرة إجراءات المطار الامنية أن هناك ارهاب متربص بها ، ظهور القوة السافر لن يفيد كثيراً في تأمين المخاوف ، قد تكون تلك الاجراءات مناسبة لدولة دكتاتورية بوليسية لكنها لن تكون مقنعة لدولة ديمقراطية مثل الولايات المتحدة ، السؤال المهم ، هل يفهم الرئيس الامريكي القادم لماذا تلك الاجراءات ما زالت قائمة رغم مضي 15 عاماً على فاجعة 11 سبتمبر ؟ !
ببساطة تلك الاجراءات ما زالت قائمة في الولايات المتحدة لان هناك عراقاً غير مستقر، فهناك حرباً ما زالت مستعرة ، طبقة سياسية عراقية من صنع امريكا ما زالت تتلاعب بمقدرات الشعب ، سياساتها جعلت من العراق لا يكتفي أن يكون حاضنة لإرهاب مهاجر بل تطور وأصبح منتجاً للعنف والارهاب فمن يقود داعش اليوم هو ابو بكر البغدادي عراقي المولد والجنسية ، بالمختصر العراق اليوم بؤرة تبعد اكثر من 10 الاف كم عن امريكا لكنه يؤثر بشكل كبير ، الوعد الامريكي الذي اطلقه بوش الابن بتغير وجه العراق ووصفه من تهديد للامن القومي الامريكي الى حليف لم يتحقق ، ببساطة سياسات بوش الابن المنغمسة وسياسات اوباما المتحفظة لمحاربة الارهاب لم تنهي الارهاب بل ازداد وانعكس على امريكا ، بل ان نظرة للخارطة مع تسلسل زمني لفترة حرب الارهاب الامريكية ستوضح التالي : قبل 11 سبتمبر كانت هناك بؤرة واحدة ملونة بالأحمر كتهديد وخطر على الامن القومي الامريكي ، وهي افغانستان وبعد بداية الحملة على الارهاب تشكلت اكثر من بقعة باللون الاحمر ( العراق ، سوريا ، ليبيا ، اليمن وهناك دول اخرى مرشحة لان يكسب بها الارهاب موطئ قدم ) ، تلك المقارنة توضح على الاقل من وجهة نظر محلية خطل السياسيات الامريكية في مجابهة الارهاب ، ولن نغوص هنا في العقل لاستراتيجي الامريكي الموغل في المستقبليات الذي قد تكون له وجهة نظر اخرى، ويعتقد ان في توسع الارهاب بهذه لطريقة مصلحة امريكية لن تستطيع عقولنا المحيلة من تفكيكها وفهمها ، هكذا قد يقول المخطط الاستراتيجي الجالس خلف شاشته المستقبلية الباردة ، لكنه بالتأكيد لن يستطيع الجهر والاعلان أن فقدان الامان لمئات الملايين من الامريكيين ثمن يستحق دفعه كما صرحت اولبرايت في منتصف التسعينيات ان موت 500 الف طفل عراقي نتيجة الحصار ثمن يستحق .

إن لم يكن احساس المواطن الامريكي بالأمان أولوية ومصلحة عليا فكل حديثنا سيكون مجرد رؤية ذاتية لمصلحة عراقية تحلم بعراق مستقر وبدور امريكي في ذلك .
تعهدنا أن لا نتحدث عن مسؤولية اخلاقية وقانونية امريكية عن تغيير نظام سياسي واستبداله باخر دون ان تكون هناك رؤية مستقبلية جاهزة لما بعد التغيير ، فتلك مثالية لا تتاح لأكثر من 30 مليون عراقي ما زالوا يعانون وما زالوا ينتظرون فهم في حسابات المصالح والبحث عن تعظيم القوة الامريكية لا قيمة حقيقية لهم ، ولكن بحساب المصالح العليا لأمريكا نفسها قد يعاد عدهم بطريقة اخرى للرئيس الامريكي القادم ، مصلحة في أن تنتهي وتعالج بؤر الارهاب بطرق اكثر فعالية واكثر عمقاً ولا تكون مستلبة ومستنسخة من سياسات انغماس القوة العسكرية او الانكفاء.
ينصب الاجراء الاولي في تقييم واقع العراق وطرق معالجة ذلك الواقع الرهيب المأساوي ، وعلى مراكز البحث وصناع الاستراتيجيات الامريكية أن يكفوا عن الجدل العقيم عن اتباع سياسة من اثنين الانكفاء او الانغماس ، فما بينهما مساحة عمل واجراءات يمكن أن تكون فعالة ، وقبل ذلك البحث ، لا بد من ايمان بأهمية العراق واستقراره وانعكاسه على الامن القومي الامريكي ، ومن يناقش بتلك الاهمية فعليه أن يجري مسحاً واستطلاعاً للرأي عن درجة احساس المواطن الامريكي بالأمان ودرجة مخاوفه من الارهاب وعليه أن يراجع خارطة تمدد الارهاب ، وعليه أن يعدل النظرة للجهود الامريكية لاستقرار العراق فتلك اولاً مصلحة امريكية وليست منحة او باقي بقشيش يقدمه الجالس الاكبر في نادي الامم لنادل انهكه التعب في فهم متطلبات السيد الذي لم يعد مترفاً بدرجة كافية ولم يعد أمناً بدرجة كافية .

يقع العراق اليوم في مركز نقطة صدام حضاري وقيمي واقتصادي وصراع اقليمي قد يتوسع أو يجد ارضية هادئة لحل الكثير من تشابك الملفات ، الولايات المتحدة ورئيسها القادم يمكنهما ومن مصلحتهما أن يقودا هكذا جهد مع شركاء دوليين ، أن يهيئا الظرف والبيئة المناسبة لوقف تداعيات الشرق الاوسط وانتحاره وانعكاسه السلبي على امريكا وداخلها وعلى هجرة جماعية لأوروبا بدأت تداعياتها تظهر .
قادت الولايات المتحدة جهداً دبلوماسياً مرثونياً كبيراً مع ايران وهي من دول محور الشر والعدو العاقل حسب التوصيف الامريكي ، ويمكنها مستقبلاً أن تقود جهداً مقارباً مع حلفائها المجانيين الخليجيين ، ولا حاجة لصرخات ترامب الانتخابية تجاه دول الخليج وتنمية توجهات وميول الكراهية ازائها فتلك لن تكون سياسة مفيدة حتى وإن كان بعضها مفهوماً بدوافع الحملة الانتخابية ، كما لا حاجة لتصريحات السيدة كلنتون المهادنة والمتحفظة تجاه الحلفاء المجانين التقليديين فأدوات القوة ضرورية للضغط باتجاه تنمية سياسات اقل راديكالية لتلك الدول .
تلك صورة اوسع لترابطات منطقة الشرق الاوسط وتبادل العلاقات الايجابية والسلبية بينها وانعكاسها على الولايات المتحدة ،المهمة الموازية لذلك الحراك الاقليمي هي في جهود انهاء الحرب في العراق ، فقد اصبح واضحاً بعد 13 عشر عاما أن تدهور اوضاع العراق هو نقطة محورية في تداعيات منطقة الشرق الاوسط ، وستكون مهمة اعادة استقراره نقطة محورية في اعادة ترتيب اواق الشرق الاوسط ولجم تغول الارهاب والكراهية .
الاجراءات العسكرية مهمة في دحر داعش ، نهاية داعش عسكرياً لن تكون النقطة النهائية لجهود الولايات المتحدة فقد سبقها ب 13 عاما اعلان بوش الابن عن نهاية العمليات العسكرية ولكن الحرب عملياً لم تتوقف حتى اليوم وتوسعت والقت بظلالها على اوروبا وامريكا ، تقليل غلواء القوة العسكرية وظهورها السافر بعد مرحلة داعش سيكون مطلوباً وبالموازة لا بد من انغماس اكبر في جهود إحلال السلام وتلك لا ريب مهمة صعبة ومعقدة ولها متطلبات سياسية واقتصادية .
في العراق اليوم مشاكل سياسية ، حكومة غير مستقرة ، برلمان متصارع على السلطة والمال ، كتل سياسية لها مصالحها وارتباطاتها العابرة للحدود ، نقص وعجز على اقرار قوانين مهمة تحقق للنظام السياسي هويته وتطمن الفرقاء ، غياب لنخب واحزاب سياسية جديدة تنافس رؤية الاحزاب التقليدية وتصحح من خلال الرؤى الجديدة الكثير من انحرافات العملية السياسية واحتكارها بأحزاب وشخصيات اصبحت منتهية الصلاحية ، وكناتج مباشر لنهاية داعش سيكون في العراق مدن كاملة مدمرة وملايين السكان المجروحين نفسياً ولا يجدون المأوى وشروط مناسبة وبنية تحتية لنشاط اقتصادي يؤمن الغذاء القليل ، كل ذلك والعراق يعاني من ضائقة مالية كبيرة لن تستطيع أن تؤمن اعادة بناء واعمار تلك المناطق حتى اذا صدقت نوايا الطبقة السياسية ، فهل سيعتبر الرئيس القادم ان مجرد القضاء عسكرياً على داعش سيكون نهاية للدور والمهمة الامريكية في العراق وبعدها تترك التفاعلات الداخلية والاقليمية كفيلة بترتيب الاوضاع .
وهل سيكون ذلك كفيلاً بتأمين الداخل الامريكي من هجمات قد يقودها ارهابيين بتسمية اخرى تفرزهم تلك البيئة القاسية لفترة ما بعد داعش ؟
يجب أن يكون درس سياسات ما بعد 2003 حاضراً في ذهن مستشاري الرئيس القادم ، ويجب أن يكون واضحاً ان من يريد أن يترك العراق لمصيره فأن العراق لن يتركه فالصوت الارهابي الذي يظهر هنا سيجد صداه في امريكا .
المهمة القادمة والمستعجلة للرئيس الامريكي القادم إن كان السيد ترامب او السيدة كلنتون هي انهاء الحرب في العراق ووضع خطة اعادة السلام والاستقرار لمصلحة امريكية بحتة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السودان: أين الضغط من أجل وقف الحرب ؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. مؤثرة موضة تعرض الجانب الغريب لأكبر حدث للأزياء في دبي




.. علي بن تميم يوضح لشبكتنا الدور الذي يمكن للذكاء الاصطناعي أن


.. بوتين يعزز أسطوله النووي.. أم الغواصات وطوربيد_القيامة في ال




.. حمّى الاحتجاجات الطلابية هل أنزلت أميركا عن عرش الحريات والد