الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تركتها تموت ..

قاسم حسن محاجنة
مترجم ومدرب شخصي ، كاتب وشاعر أحيانا

2016 / 9 / 2
سيرة ذاتية


تركتها تموت ..
لا أعرف كيف، ولكنها تمكنت من الدخول إلى خزانة ملابسي لتضع حملها...
في الساحة الخلفية من بيتنا هناك مخزن كبير ، نضع فيه خزانة الملابس، الفراش الزائد عن حاجتنا اليوميومية وخزانة الأحذية والمؤن .. ويرتبط هذا المخزن بسطح البيت ، وفيه درجٌ حديدي نصعد منه الى السطح أحيانا، وله بابٌ علوي عند نهاية الدرج العلوية ، قد نسهو فنتركه مفتوحا أحياناً. والمخزن بدوره يلاصقُ حديقة جارنا.. ومن هذه الثغرة تمكنت من الدخول ، فقد قفزت من حديقة جارنا الى سطح بيتنا ومن ثم الى المخزن فالخزانة .. وهذا هو التفسير الوحيد لدخولها المخزن واختيار خزانة الملابس لتضع فيها اربعة قطط صغيرة ..
ماذا كان عليّ أن أفعل ؟ أتنازل عن خزانة الملابس مثلاً ..!!
أحضرتُ صندوقاً من الكرتون ،وضعت فيه قطعة قماش "وثيرة" ونقلتُ القطط الصغيرة اليه ... ووضعتها في الحديقة ..مؤملاً أن تقود الأم غريزتها الحيوانية وتجد صغارها بسهولة لتعتني بها كأي "لبؤة" تعتني بأطفالها وتحميهم ..
مرت ساعات ، وبين الفينة والأُخرى أخرجُ لتفقد القطط الصغيرة .. وبحلول المساء كانت في الصندوق إثنتان فقط ..تنفست الصعداء وإنزاح عن صدري ثقلٌ كبير . فقد وجدت صغارها وبدأت بنقلهم الى مكان آمن .. وفي الصباح كانت هناك صغيرة واحدة فقط .. فقلت في نفسي لعلها سويعات وتأتي لنقلها .. وخلال النهار لا تمر ساعة إلّا وأذهب لتفقده ، وكل مرة أُصاب بخيبة أمل مصحوبة بغضب ، فالصغيرة ما تزال متكورة على نفسها في الصندوق تموء ..!!
قررتُ البحث عن مخبأ العائلة الجديد ،لكن دون جدوى ... وضعتُ لها قليلا من الحليب ، لكنها لا تُجيدُ تناوله من الصحن .. ويزداد غضبي وتأنيب الضمير ..
لماذا تخلت عنها فقط ؟! هل تُضحي بها ،لكي تضمن لإخوتها الحياة .. (هلاك الثلث في صلاح الثلثين ) .. هل هذه هي نظرية الإنتقاء الطبيعي في أسمى تجلياتها ؟ هل تركته لأنه ضعيف والبقاء للأقوى ؟!
لا أعلم إذا كانت ستأتي ، فعندما تفقدتُ الصغيرة في المرة الأخيرة كانت لا تزال على قيد الحياة ..
يختلف الانسان عن الحيوان ، بأنه يساعد الضعيف ولا يتخلى عن المريض ، ويحترم الحياة بل ويقدسها ، لكن ليس هذا هو حال كل البشرية ..
فالعرب الحاليون ، أنظمة و"شعوبا "، تنتهج في التعامل مع الآخر ، بالغريزة الحيوانية في البقاء، تتخلى عن اخوتها وأبنائها ، لكي تضمن بقاءها وحياتها .. فكل اولئك الذين يقتلون ، يدمرون ويهدمون البيوت على رؤوس ساكنيها ، يريدون "البقاء" على الكرسي، أو بالمقابل "الحصول" على الكرسي .. وهذا ما يضمن بقائهم "في الحياة" ، ولو كان الثمن ، موت وتشريد الملايين ..!!
لا يختلفون كثيراً عن "القطة الأم " التي تركت صغيرتها تواجه الموت وحيدة وجائعة .. بل ما زلتُ متفائلاً بعودة القطة لإنقاذ ابنتها ، بينما فقدتُ الأمل بأن يحصل هذا لدى الزعماء والثائرين عليهم ..!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الزميل قاسم حسن محاجنة المحترم
وليد يوسف عطو ( 2016 / 9 / 2 - 13:27 )
قصة جميلة ذكرتني بقطة ماتت امها وتركتها وحدها فكانت تلجا لقطة اخرى ترضع صغارها وكانت تلك القطة تفسح لها المجال للرضاعة اذا شبعت قططها وفي احد الايام تفقدتها فوجدتها قد ماتت لان نصيبها من الحليب كان قليلا..

اعتقد ان شعوبنا قد تحولت الى شعوب لاجئين فليس الفلسطينيون اليوم هم اللاجئون فاغلب شعوبنا

تحولت الى دار للهجرة واللجوء في الغرب او العيش في مخيمات اللجوء في تركيا ولبنان والاردن

ختاما : اتمنى لشعوبنا الاستقرار والعيش الكريم بكرامة وفق الحد الادنى من المتطلبات الانسانية وان لانشاهد مشردين ومعوقين وايتام بعد اليوم ..

نلتقيك على خير دائما .


2 - الزميل العزيز وليد عطو
قاسم حسن محاجنة ( 2016 / 9 / 3 - 06:56 )
صباح الخير ويومك سعيد
شكرا على الإضافة
تحياتي


3 - العزير امين -من خانة الفيسبوك
قاسم حسن محاجنة ( 2016 / 9 / 3 - 06:58 )
صباح الخير وخالص تحياتي لشخصك الكريم

اخر الافلام

.. حلقة نار من تحدي الثقة مع مريانا غريب ????


.. الجيش الروسي يستهدف تجمعات للقوات الأوكرانية داخل خنادقها #س




.. الطفل هيثم من غزة يتمنى رجوع ذراعه التي بترها الاحتلال


.. بالخريطة التفاعلية.. القسام تقصف مقر قيادة للجيش الإسرائيلي




.. القصف الإسرائيلي المتواصل يدمر ملامح حي الزيتون