الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في الحاجة إلى العقل السياسي القاعدي

المريزق المصطفى

2016 / 9 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


في الحاجة إلى عقل السياسي القاعدي
المريزق المصطفى

أكيد، لا ولن أخفي تقديري للمدرسة القاعدية التي تربيت في أحضانها، وتعلمت الشيء الكثير من صوابها وأخطائها.
كان ذلك بجامعة ظهر المهراز، أيام وسنوات ثمانينات القرن الماضي، يوم إنخرطت بكل براءة في صفوف فصيل الطلبة القاعديين، قادما من جبالة بني زروال، متأبطا عودي وكتب الحب والتاريخ، حالما بالحرية والعيش الكريم.
سنوات قضيتها أتعلم دروسي الأولى في النضال التحرري البسيط، المطبوع بالبراءة وثقافة الوحدة داخل التنوع، منبهرا بأطر ونخب القاعديين الذين كانوا في مستوى عالي من التكوين السياسي والثقافي والقانوني والاقتصادي، ولم يكن أحدا يقوى على تجاوزهم أو يتنكر لعطاء اتهم.
عشرات المناضلين والمناضلات، وشموا ذاكرة القاعديين الجماعية، في زمن كان النضال التزام ومبادئ وليس بطاقة حزبية وولاء، وتسابق على الترشيح في المجالس والبرلمان.
و أنا أعود بذاكرتي إلى الوراء من جديد، مستحضرا صور شهداء النهج القاعدي: الدريدي وبلهواري وايت الجيد والمعطي بوملي و شباضة و زبيدة ومصطفى المزياني، وكل شهداء الشعب المغربي.. وكل ضحايا النضال والمقاومة من أجل مغرب حقوق الإنسان والديمقراطية، أعترف - مرة أخرى - بتجربة المدرسة القاعدية التي أعلنت منذ أربعين سنة عن تشبثها بالوطنية المغربية وبانحيازها للديمقراطية والحداثة، وبالعقل القاعدي مواجهته السلمية والفكرية والثقافية والسياسية للإسلاموية وللظلامية والرجعية وحلفائها.
ورغم القمع والتضييق والاعتقال والمحاكمات الصورية، تابعت المدرسة القاعدية انتشارها خارج الجامعة، واختار العديد من القاعديين بعد الجامعة بعث وتوسيع الشعور الوطني، وتبني الديمقراطية، مؤمنين بالنهج الحداثي وبالأفكار التنويرية.
و رجوعا إلى ذلك التاريخ، وإلى الواقع الموضوعي الإقليمي والمجتمعي والدولي، أستحضر تضحيات المناضلين في ظل موازين قوى مختلة، وفي ظل غياب الديمقراطية والهدر المستمر لحقوق الإنسان ببلادنا، وفي ظل الصراع السياسي على السلطة وحلم التغيير، وفي سياق الديناميات الاجتماعية المختلفة التي أطلقت ذلك الصراع وصنعت أشكالا و محطات متنوعة منه.
إن استحضار هذه التجربة اليوم، هو استحضار لروح المقاومة التي تربينا في أحضانها دفاعا عن الوطن، ضد العنف والاستبداد والإرهاب بكل أنواعه وأشكاله. وهو استرجاع الثقة في آليات الدفاع الذاتي، في إطار البديل التكاملي مع القوى الديمقراطية المتواجدة في بلادنا، ونعني به كذلك البديل من أجل الديمقراطية وتحصين المكتسبات الحقوقية والثفافية والفكرية في مغرب يتسع للجميع.
و لترسيخ هذه الثقة، سعى العقل السياسي القاعدي عبر التاريخ، إلى دعم حركة اليسار الجديد سواء ما تبقى من التنظيمات أو الإرث البرنامجي والإيديولوجي لليسار الجديد في إطار الاحترام و الاستقلالية، و من دون الانزلاق في تمجيد النزوع الهيمني لأي طرف من الأطراف. وهذا ما جعل من القاعديين حركة ديمقراطية حرة، تؤمن بالخلق والإبداع، وتعتبر كيانها جزء من الحل وليس مشكلة في حد ذاتها.
إن حالة الانفراج الديمقراطي الذي تعيشه بلادنا، يجب أن نعتبره، وبكل شفافية، ثمرة تضحيات أجيال الوطنيين الأحرار، و لهذا لن نسمح لأي كان بالإجهاز على كل المكتسبات الديمقراطية، و لن نسمح لكل من يريد السطو على شرف هذا التاريخ الكفاحي باسم أي دين من الأديان.
إن هذه المحطات المهمة في تاريخ بلادنا، يجب علينا فهم سياقاتها انطلاقا من إدراكنا لتطور الدولة المغربية نفسها، و لتطور الصراع الذي نشأ عنه باستمرار الإحساس بالجماعة و الحفاظ على وحدة الوطن أولا وثانيا وثالثا.
كما يعتبر التطور السياسي الذي و صلت إليه بلادنا اليوم، سبيلا لتحقيق التطور الديمقراطي المنشود، الذي يجب تعزيزه بدولة المؤسسات وبإصلاحات دستورية أكثر جرأة لتقوية الضمانات الدستورية لحقوق الإنسان و تجريم كل الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، والانتقال من الصراع على السلطة إلى المشاركة فيها و المشاركة في إدارتها من مواقع مختلفة. و في هذا الصدد لا بد من استحضار دور و مساهمة و جمعيات المجتمع المدني في العمل البديل. تلك المشاركة القاعدية للجمعيات الجادة، الحاملة لمشاريع، مواطنة قاعدية تنهج سياسة القرب، و تعتني بكل القضايا من منطلق إنساني و اجتماعي و ليس ديني أو سياسوي انتخابي، و هي الجمعيات و المنظمات المناضلة التي تضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار.

باريس، 2 شتنبر 2016








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المغرب: حملة -تزوجني بدون مهر-.. ما حقيقتها؟ • فرانس 24 / FR


.. كأس أمم أوروبا 2024: ديشان يعلن تشكيلة المنتخب الفرنسي.. ما




.. هل تكسر واشنطن هيمنة الصين بالطاقة النظيفة؟


.. سكان قطاع غزة يعانون انعدام الخيام والمواد الغذائية بعد نزوح




.. إسرائيل تقدم ردها لمحكمة العدل الدولية على طلب جنوب إفريقيا