الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحرب والخوف - واقع اللاجئين السوريين في مخيمات اللجوء- الجزء الثاني

محمد ابداح

2016 / 9 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


الحرب والخوف
الحرب والخوف - واقع اللاجئين السوريين في مخيمات اللجوء- الجزء الثاني
( 2016-2012 ) - محمد ابداح


أولا: تأثير اللجوء الإنساني على المجتمعات المضيفة:
يؤدي لجوء الآلاف من السكان للدول المجاورة بشكل عام إلى مشاكل سياسية واجتماعية واقتصادية سواء على صعيد الدول أو المجتمعات المضيفة ، وهي مشكلة حقيقية تعني دراستها كافة المتخصصين في قضايا اللجوء الأنساني، لما لها من تأثير حيوي على اللاجئين والمجتمعات المضيفة ، وحتى على المنظمات الدولية العاملة مع اللاجئين في البلد المضيف .
أدى تدفق اللاجئين السوريين إلى الدول المجاورة بأعداد كبيرة، ولفترة طويلة من الزمن، ما يقرب من خمسة أعوام ونصف حتى الآن، إلى تفاقم العديد من المشاكل السياسية والاقتصادية و الاجتماعية في البلدان المضيفة.
اقتصاديا ، شكل وجود اللاجئين عبئا كبيرا على البلدان الأقل دخلا في المنطقة (الأردن ولبنان) ، و التي تستضيف نحو مليوني سوري، نتيجة التأثير المباشر على اقتصاد وأمن تلك البلدان وخصوصا الوظائف بشكل كبير ، نتيجة لدخول العديد من اللاجئين لسوق العمل.
في العراق ومصر وتركيا، يعتبر عدد اللاجئين أقل تأثيرا مقارنة مع عدد السكان مما يحد نسبيا من حجم هذه المشكلة، مقارنة مع الأردن ولبنان، في حين أن عدد سكان لبنان البالغ عددهم نحو 4 ملايين نسمة، وعدد سكان الأردن 6.5 مليون نسمة، كل دولة تستضيف نحو مليون لاجئ سوري، في حين أن عدد سكان مصر البالغ عددهم نحو 85 مليون نسمة، وعدد من سكان العراق البالغ عددهم نحو 35 مليون نسمة، تستضيف معا حوالي 500.000 سوري، في حين أن تركيا يبلغ عدد سكانها حوالي 77 مليون نسمة وتستضيف نحو مليون لاجئ سوري، لكن الأثر الاقتصادي من ابرزها كان في قدرة الحكومة على تخصيص موارد العمل لدعم اللاجئين إلى حد كبير فقط في تركيا، في حين ترك العبء الأكبر في كل من لبنان والأردن على الدعم الدولي، على الرغم من أن هذا الأخير لا يغطي جميع المتطلبات الضرورية، وخاصة الخدمات العامة غير المباشرة والتعليم والحماية والخدمات والبنية التحتية.
ووفقا للتقديرات الدولية فإن الصراع في سوريا، كلف لبنان 7.5 مليار -$- بين عامي 2012 و 2014، وفقا لبيان صادر عن رئيس البنك الدولي جيم يونغ كيم خلال اجتماع لمجموعة دعم لبنان في 2014/9/23، وأشار أيضا أنه بحلول نهاية عام 2014 سيكون عدد العاطلين عن العمل 200-300 الف ، الأمر الذي سيزيد التوترات الاجتماعية، بينما في الأردن، أعلن محافظ البنك المركزي في 28/10 / 2014، عن انخافض معدل نمو الإقتصاد بسبب وجود اللاجئين السوريين في المملكة ، وبأن المملكة شهدت ارتفاعا في الأسعار بسبب وجود مئات الآلاف من اللاجئين حيث، رغم تسجيل بعض الآثار الإيجابية على جوانب الاقتصاد الأردني، مثل انخفاض معدل البطالة.
يشار أيضا إلى أن وجود اللاجئين السوريين في كل من الأردن ولبنان وتركيا خلف (إجتماعيا) إشكالية نتيجة انقسام مواقف فئات المجتمع الواحد تجاه ما يحدث في سوريا، فقوات حزب الله ومواليه تقاتل إلى جانب الحكومة السورية، ولها نفوذ سياسي في لبنان، الأمر الذي أدي للتضييق على اللاجئين السوريين بل وتعرضهم للعديد من الإنتهاكات ، كما شكل وجودهم مصدرا للتوتر السياسي والاجتماعي فيها.
وجود اللاجئين السوريين في الأردن، أنتج جدلا واسعا من النقاش الاجتماعي والسياسي، وخصوصا بين النواب والصحفيين الموالين للنظام السوري، حيث لوحظ التحريض العلني على اللاجئين، مما خلق جوا من الكراهية تجاههم. على سبيل المثال، اتهم النائب الأردني (ميسَر السرد) في 27/03/2013 اللاجئين السوريين في الأردن، بممارسة زواج المتعة وإدارة بيوت الدعارة.
في تركيا، شكلت قضية اللجوء السوري، وحجم المساعدات التي تقدمها الحكومة للاجئين السوريين محاورا للسجالات السياسية والاجتماعية، نتيجة التنوع الطائفي في تركيا، كما هو الحال في لبنان، وترك أثره بشكل كبير على التعامل في النسيج الاجتماعي التركي مع قضية اللجوء، وانعكس ذلك في التعامل مع موظفي الحكومة والأشخاص العاديين وفقا للتنوع الطائفي.
ثانيا: تأثير اللجوء على حياة اللاجئين السوريين :
يواجه اللجوء السوري بمختلف بلدان اللجوء العديد من الضغوط الاجتماعية والاقتصادية المؤثرة في المدى القصير أو على المدى الطويل ، وآثارها تختلف باختلاف البلد المضيف ، وفقا للشروط الاجتماعية للاجئين كوجود أقارب، أو مدى قدرة العمالة اللاجئة على العمل في المهن المسموح العمل فيها في البلد المضيف ، كذلك حيازة اللاجئين للوثائق والشهادات ، وطبيعة الخبرة والثقافة التي يمتلكها اللاجئ ، مما ينعكس إيجابا أو سلبا على قدرتهم على التكيف مع الظروف الجديدة .
ومن بين أهم المشاكل التي تواجه اللاجئين السوريين، تماما مثل بقية اللاجئين في جميع أنحاء العالم، مشكلة التنميط الاجتماعي، ويرتبط ذلك مع التوقعات الدونية للاجئين، كشخص في حاجة إلى المساعدة والدعم من جهة، والناس الذين يفتقرون إلى شبكات الحماية الاجتماعية التي شكلتها المجتمعات في بيئاتها المختلفة، وغياب هذه الحماية في حال الخروج من بلدانهم. ويسهم في زيادة حدة المشاكل الهجمات الإعلامية والتصريحات السياسية التي يدلى بها أنصار النظام السوري في بلدان اللجوء، مثل لبنان ومصر والأردن، والتي تساعد في تكريس الصفات السلبية التي تفرضها على أنصار هذا التيار، خاصة فيما يتعلق على الجانب الأخلاقي.
اللاجئ بشكل عام، يواجه مشكلة كبيرة في مجال التعليم، على الرغم من أنه في معظم البلدان المضيفة يجري السماح رسميا بضم الطلاب اللاجئين في المدارس العامة، ولكن المدارس الحكومية في هذه البلدان لم تكن دوما قادرة على استيعاب هؤلاء الطلاب، كما أنها تواجه مشكلة إدراج الطلاب الذين ليس لديهم وثائق رسمية من مدارسهم في سوريا، كما هو حال معظم اللاجئين، الأمر الذي أدى إلى خسارة سنة دراسية واحدة على الأقل لكثير من الطلاب، وخاصة في تركيا ولبنان والأردن.
في تركيا ، يواجه الطلاب مشكلة اللغة ، حيث لم يكن من الممكن دمجهم في نظام التعليم العام، الأمر الذي استدعى إنشاء مدارس خاصة داخل المخيمات، أو تخصيص عام الدراسي كامل لتعلم اللغة التركية ، مما ساهم بشكل غير مباشر في زيادة معدلات التسرب من المدارس بين الطلاب من اللاجئين . كما لا يوجد شك؛ بإن عشرات الآلاف من الطلاب الذين يتركون المدرسة بسبب رغبتهم بالالتحاق في سوق العمل نتيجة الظروف المعيشية الصعبة سيكون لها تأثير كبير جدا في المستقبل على جيل كامل.
يواجه اللاجئون أيضا من مشاكل صحية، وخاصة في لبنان والأردن، حيث أنهم لا يستطيعون تحمل تكاليف الخدمات الصحية الخاصة، ولا تتمكن تلك التي تقدمها الدولة والمنظمات الدولية من تأمين كافة الخدمات التي يحتاجها اللاجئون، مما تسبب في انتشار العديد من الأمراض، وعدد كبير من الوفيات، خاصة مع وجود ضعف الخدمات العامة المقدمة ، حيث خيامهم لا يمكن ان تقاوم البرد في فصل الشتاء، وحرارة الصيف، ففي 2012/04/12 لقي ثلاثة أطفال حتفهم في مخيم الزعتري بسبب البرد، وتوفي طفلان 2013/09/1 بعد الفيضانات غمرت المخيم. ويعاني اللاجئون السوريون أيضا في العراق ولبنان ومصر من المشاكل الأمنية، وذلك نتيجة قيام السلطات هناك باعتقالات عشوائية ضد اللاجئين، أو ترحيلهم بشكل تعسفي، أو اختطافهم من قبل المليشيات، كما يحدث في لبنان بحجة أنهم معارضون للنظام السوري.
ثالثا: مشكلة الأطفال اللاجئين:
الأطفال في المخيمات في جميع البلدان المتضررة يدخلون قسريا في منظومة القيم التي تحيط بهم، حيث يلاحظ انتشار العنف بين العديد من طلاب المدارس في المخيمات، وعدم احترام القانون، وكذلك تأثير إهمال المجتمع الدولي للقضية السورية عموما، وقضية اللاجئين على وجه الخصوص، وانتشار ظاهرة التطرف والأصولية بين اللاجئين، والسوريون بشكل عام، وتداعياتها على المجتمع السوري في المستقبل بحاجة لدراسات مستقلة من ذوي الأختصاصات المختلفة.
يتبع الجزء الثالث.. ويشمل معاناة النساء اللاجئات وخصوصا الفتيات القاصرات والحوامل.
المحامي محمد ابداح








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لماذا يرتدي القراصنة رقعة قماش أو جلد لتغطية أعينهم؟


.. الهدف القادم حمص.. هل تبتلع الفوضى سوريا بسبب التنظيمات المس




.. أقصر حكومة في تاريخها.. لماذا انهارت حكومة بارنيه في فرنسا ؟


.. للقصة بقية | وحدة الساحات




.. مرتزقة كولومبيون قدموا عبر ليبيا للمحاربة في السودان.. ما ال