الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


للمخيم رب يحميه

مصعب محمد عيسى

2016 / 9 / 3
الادب والفن


بعد جيل من الشهداء والمعارك وقف المخيم وحيدا شاهدا على النكبة وعلى المهزلة اما الاولى فهو عنوانها الرئيس حين غدا ايقونة على منابر اعلام العالم باسره وحين اصبح منبرا ليغير تقويم هذه النكبة ويعيد دقات الساعة الى بوصلتها بعد ان دارت دورتها الكونية لتقلب التاريخ راسا على عقب ويصبح الكنعانيون لاجئون بلا وطن ...
نهض المخيم ليكن منبرا شاملا يتدفق بالغضب الثوري والفكري والاجتماعي طوال 46 عاما كانت ازقته تنبض بالدم النازف من قوافل الشهداء على مذبح التحرر والحرية وكان رمزا او ايقونة للفكر المتعدد باتجاه الهدف الاسمى نحو سيدة الارض ....هكذا كان المخيم كيانا مستقلا شامخا كجرمق الجليل وكرمل حيفا وبحر عكا واسوارها يرفض الانكسار ويجدف عكس مزاج العالم معلنا وجوده الى يوم العودة
ولكن بعد المهزلة السياسية التي اثقلت كاهل القضية ومسختها بدويلة مقطعة الاشلاء يسودها نظام امني وكيل لدولة الاحتلال مغدق بالفساد والفلتان والمناصب الوزارية ...ابتعد المخيم عن حسابات ساسة اوسلو واصبح عنصرا غير مرغوب فيه (سياسيا )ولكأن المخيم يبدو بعد اوسلو كقرية خاوية على عروشها تمر ريح العاصفة فيه فتحرك صفيح الخيمة فيبدو المشهد اكثر رعبا واستوحاشا ...من هنا مروا غماما اسودا يلفهم جدار الخيمة المتأكل ..وتسعفهم حميمية ازقته المستعرة حنينا وانتماء ...كلهم مروا ..ولكن اكثرهم مرور الكرام ...
يقف المخيم ناظرا على وتد العودة المشدود في عكاكيز العجزة وتجاعيد الوجوه المشبعة بلون التراب ساعة النكبة
من لي بعد هذه النكسة ...واين انا من هذه الدولة
يصرخ في وجوه قاطنيه معتصرا حسرة مشبعا بآهات الرحيل لاطما بكفيه كموشح كربلائي يندب الرجال الرجال متبركا بقبور من دفنوا على ثراه ....ياغسان ...يا ماجد ..يا خليل ...يا ايها المارون في اجسادنا والساكنون ثنايا الروح هل من شفيع لانكسار خيمتنا ...ولكن لااحد ..لااحد الاك في هذا المدى المفتوح للتفاوض والفلتان ...
هنا كانت بندقية تحيي العلم وهناك قصيدة قيلت يوم الحصار واخرى تحت النار ...وفي الجدار حكايات ليوميات الملصق الثوري يجسد الياذة كنعانية ...
وحيدا كغيمة شاردة لاماطرة ولا تحمل ظلا يكسر شمس الجفاف اليومي الذي يتسلل الى فناء الخيمة ...لم يعد لهذا التكوين صوتا يمثله منذ ان تغيرت قوانين اللعبة بعد ان تبدل اسم الوطني بالتشريعي ...فمن كان منكم محاربا او على جرح فليخرج للريح ولايحزن فهي تتلقفه من زقاق لاخر وليعزف لحن رحيله بصمت لان الضجة تزعج مزاج القائد العام للسلطة
هذا المخيم النكبة ...هذا المخيم الثورة ...هذا المخيم النكسة
وهذا الشاهد الوحيد على المهزلة ...لم يعد يدخل في حسابات المنظمة بعد ان تغير اسم اللاجئين الى المغتربين يالهذه المسخرة ....لم يعد من يمثل الخيمة في برلمان الدولة ...لم يعد للمخيم مايحمي ازقته لافي السياسة ولا في اجتماعات مالية الدولة ....فترى جموع المقاتلين القدامى وكأنهم اشباح ثملة على قارعة الارصفة من لهم الا الشارع وتراشق الغيوم المثقلة بالمطر والانين ...ابتعد المخيم كثيرا بعد اوسلو حتى في الرواية وبين ثنايا الكلمة الا ماندر من اصوات ابناء الخيمة لازال يصرخ حبره بكل مايملك من انين والم وامل ...ان المخيم جسرا كونيا وسورة ازلية من سور التاريخ تشهد على سرمدية الحق ...يصرخ ابناء الخيمة بيراعهم اول الثورة خيمة وأخر الانتصار خيمة ....فلتفعلوا ماشئتم من دويلات ومحاصصة ...فمن لم يكن المخيم دينه وديدنه فلن ينتصر ...خذوا ماشئتم من وزارات وزينوا برلمان الدويلة بأبهى صور القائد الرمز ...فللمخيم رب يحميه ...وللمخيم صوت التاريخ الذي لن يسكت ...سيبقى كأزيز الرصاص يدوي ضجيجا ليذكر العالم بحجم النكبة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض


.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب




.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع


.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة




.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟