الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من داخل سجونِ العراق السرية: شهادة عراقية

كهلان القيسي

2005 / 12 / 23
حقوق الانسان


بَدا البيت الأبيضُ منزعجُا جداً مَع الذي حَدثَ في المنطقةِ الخضراءِ، عندما "وَجدَ" الجنود الأمريكيينَ سجنَ الجادرية بينما كَانوا يَبْحثونَ عن طفل مُختَطَف بعمر 15 سنةً.وقد أزعجتْ صورُ التعذيبِ والإعدامِ الحكومةَ الأمريكيةَ، التي تَدّعي الآن لِكي تَكُونَ بطلةَ لحقوقِ الإنسان والديمقراطيةِ. حتى كوندليزا رايزّ أعلنَت بأنّ “ الولايات المتّحدة لا تُعذّبُ ”. وادعوا بأنّ حكومةَ الجعفري خَذلتْهم بمثل هذه الإنتهاكاتِ. كم من النفاق أكثر من هذا يُمْكِنُك أَنْ تُحصل عليه؟ درّبوا هؤلاء الرجالِ، حيت صَرفَوا عليهم 3,3 مليار دولار خصصت من ميزانية وزارة الدفاع الأمريكيةِ لعام 2004 والبالغة 87 مليار دولار، ميزانية لإنشاء وتَمويل المليشيات مثل بدر الشيعيةِ ولواءِ الذئب . والحق أنهم لَنْ يَخْدعوا أيا من العراقيين، حتى عندما يَستأجرونَ أناس مثل Christian Bailey لنشر القصصِ الملفقة في الصُحُفِ العراقيةِ. نحن العراقيون نعْرف ما يجري. وتتحمل الإدارة الأمريكيةُ المسؤوليةً الكبيرة عن التعذيبِ وقتل المدنيين العراقيينِ. إنهم حوّلوا أساليبهم القذرةَ التي إستعملوها في نيكاراكوا والسلفادور وهندوراس وغواتيمالا إلى العراق. وهم يَقْتلونَ دون شعور بالندمِ، ويستعملون المليشيات الموالية لهم لتَنفيذ التعذيبِ بدلا عنهم. وهم على ما يبدوا إنهم مستهترون جداً. فمن ناحية يُريدونَ غَزْو إيران، ومن الناحية الأخرى يُموّلونَ ويُدرّبونَ المليشيات الشيعية الإيرانيةَ الدعم، ويدعمون التيارات الأصوليةِ الإيرانية في العراق. لكن عندما يُقرّرونَ غَزْو إيران، كُلّ شيعي في العراق سَيَنضمُّ إلى المقاومةِ ضدهم. وهؤلاء سَيَكُونونَ عديمي الرحمةَ ضدّ القوات الأمريكيةِ كما هم الآن ضدّ المقاومةِ العراقيةِ. كَيْفَ ستَخْرجُ الولايات المتّحدةُ من هذا المستنقعِ ً؟ نصيحة جيدة لهم : كلَّما أسرعوا بالمغادرة كلما كان أفضل لهم.
قصّتي حول تلك السجونِ بعيدةِ مِنْ المنطقةِ الخضراءِ، ولكنها قُرْيبة إلى المنطقةِ الإيرانيةِ. من الذي يَحسُّ بألمَ السجناءِ تحت سياطِ المحقّقين الإيرانيينِ في المدائن، الكوت، والبلديات، والحلة؟ و ما هو دورُ الأُمم المتّحدةِ كمنظمة دولية مستقلة في العراق، عندما يقوم "محقّقون" في سجونِ إيرانية مقامة في العراق بقتل الناس بدون رحمة، والأُمم المتّحدة ، تغض الطرف؟.
صديقي مجيد الجبوري عمره 27 سنةً، إعتقلَ في أكتوبر/تشرين الأولِ 2005 من قبل قواتِ الرافدين،و بدعمِ من القوات الأمريكيةِ، وهو وإخوته الـثلاثة وعمّه وعمره 55 سنةً أُخِذوهم إلى مقرِ قواتِ الرافدين في البلديات، في المنطقة الجنوبية الشرقية من بغداد قُرْب بنايةِ الأمنِ السابقة. ويقول مجيد: مِنْ اللحظةِ الأولى التي إعتقلنَا فيها، شَعرتُ بِأَنَّ هؤلاء الجنود الذين إعتقلونا لم يكونوا عراقيين، أَعْني بأنّهم كَانوا يتشابهون جداً جداً مَع الإيرانيين، من خلال تلك اللكنة الواضحةَ خلال لهجاتِهم، ومن خلال الكلام والغناء، كانوا نموذجا لقواتِ بدر والحكيم. واعتقد مجيد بأنَّه هو وإخوته سيعدمون، لأن حوادثَ الاعتقالات مِن قِبل الشرطةِ، التي تعدمُ الناسَ قبل رَمي أجسامِهم في المناطقِ المَعْزُولةِ، قد أصبح تقليداً معروفاً هذه الأيامِ في العراق.ويضيف: “ ثم عصّبوا عيوننا وقيّدَونا ووَضعونا في شاحنةِ أمريكيةِ بدون نوافذِ، وأخذونا إلى معسكر الرافدين، ثمّ وَضعونا في.زنزانة و بَدأوا تحقيقَهم بالتعذيب. لَمْ يَسْأُلونا عن أي سؤال معيّن، ولَمْ يَعْرُفوا لِماذا جلبنا إلى هنا، كُلّ الذي عَرفوه هو بأنّنا رجالَ من السنّة، وقالَ مجيد بغضب. “ إستعملوا العصي والأنابيبَ لضَرْبنا، كُلَّ لَيلة. نحن كُنّا نُحاولُ تَغْطية عمِّي لأنه مريضُ وأكبر سنّاً منّا. إعتقدنَا بأنّه قَدْ يَمُوتُ تحت هذا التعذيب الوحشي.”
مجيد إعتبرَ نفسه محظوظَا في ذَلِك الوَقت، بينما كَانَ يَسْمعُ أصواتَ التعذيبِ في غُرَفِ التحقيقاتِ والغُرَفِ الإنفراديةِ، كَانَ يَسْمعُ صَيحات السجناءِ، وقد رَآهم بعد التحقيقِ: َجلبوهم نِصْف أموات محمولين بالبطانياتِ لأنهم لم يكونوا قادرون على المَشي. لقد كَانوا يُعذّبونَ الناسَ مِنْ منطقةِ الدورة. لقد كَانوا وحوشاً وقساة جداً مَعهم.لقد كَانوا يُعذّبونَهم في عدة أوقاتِ في اليوم. في احد الأيام كَانوا يُعذّبونَنا بعد العشاءِ، و قرّروا وَضْعنا مَعهم في نفس الزنزانة. كُنّا أربعين شخصَا، حشرنا في خلية صغيرة جداً. هذه كَانتْ الأيامَ الأكثر صعوبةً. إعتقدتُ بأنَّني سأَمُوتُ. كَسروا عظامَي، عذّبوني وكذلك كُلّ شخص في تلك الزنزانة، لإجْبارنا بالاعتراف بأنَّنا نقتل الشرطة، ويجبروننا لنَعترفُ أمام آلة تصوير لإظهارنا على تلفزيونِ العراقية. “ لقد أَمروا أَخَّي حامد بحَمْل الجُثَثِ مِنْ الناسِ الذين عذّبَوا حتى الموتِ. اختاروه لأنه كَانَ كبيرا وقويَ البنية. واعتقدت بأنَّهم سيقتلونه لأنه شاهد الكثير مِنْ جرائمِهم “حامد ما زالَ خائفا من الرعبِ الذي شْهدُه. وقد طَلبَ مني عدم ذِكْر أيّ شئِ يؤدي إلى َكْشفُ هويتَه، و قرّرَ أَنْ لا يَبْقى في البيت بعد تلك التجربةِ المروّعةِ. “لقد كَانوا يَقْتلونَ الناسَ كما لو أنَّهم كَانوا يَقْتلونَ الذبابَ. لم يكونوا خائفون من أيّ شئِ. وكَانَ سهلَ جداً لهم على ما يبدو قَتْل أي واحد. لقد حَملتُ العديد مِنْ الأجساد التي غُطّيتْ بالدمِّ ومَلأتُ بثقوب (الدريل) والبعض مِنْ تلك الجثث أطلقت عليها النيران، لقد اجبروني على القيام بهذا العمل لسبب واحد: وهو إنهم لَمْ يُريدوا لزيّهم الرسمي أَنْ يُغطّي بالدمِّ. كُنّا نَضِعُ الأجسامَ في سياراتِ الإسعاف، ثم يَأْخذونَهم. أعتقد بأنهم رُمُوها في الأنهارِ أَو في المناطقِ المَهْجُورةِ وأخبرني حامد، بان الأرض كلها قد غُطّيتْ بالدمِّ، كُلّ شيء احمر. إستعملوا كُلّ شيءَ لتَعذيب الناسِ. يثقبون في الرؤوسِ يَبْدو بأنه شيء سهل جداً ليفعلوه، وكما انهم دُرّبوا ليَعملوا ذلك. لقد كانوا ينفذون واجبا قذرا ويَتلقون الأوامرَ مِنْ الرؤساءِ ”
مجيد أخبرَني عن قصّةِ مروعة ومؤلمة لشخص ما داخل السجنِ. هذه القصّةِ مثال على كَمْ هم فظيعون ولا إنسانيون هؤلاء الناس الذين كَانوا مسؤولين عن السجنِ. “ أَخذوا شخصا ما للتحقيقِ و كُنّا نَسْمعُ صَيحاته أثناء التعذيبِ. كَانوا يُطلبون منه الإعتِراف عما فعل. وكَانَ يَقُولُ لهم بأنّه لم يفعل أي شيءَ، ثمّ ضَربوا في ساقِه بطلقة مسدّس، ثمّ أعادَوه إلى الزنزانة. وكَانَ يَنْزفُ بشدة، لأنه كانت هناك فتحة في ساقِه. عالجنَاه بخرقة و طَلبنَا مِنْ الحرّاس أَخْذه إلى المستشفى، لَكنَّهم رَفضوا، وقالوا له: أنت السني تَستحقُّ هذا، أنتم جماعة صدام . الرجل كَانَ يَمُوتُ ببطء ولا أحد يُمْكِنُ أَنْ يُساعدَه، أبقوه لأكثر مِنْ إسبوع حتى كان هناك رائحة سيئة تَجيءُ مِنْ ساقِه، كلنا كُنّا نَشتمُّ. المكان كَانَ قذرَا جداً بالبولِ والغائطِ الإنسانيِ. أنا ما زِلتُ أَحسُّ بتلك الرائحةَ تَجيءُ مِنْ ساقِ ذلك الرجلِ. لقد كان جرحه يَتعفّنُ. بَقى هناك حين أُطلق سراحنا. وطَلبَ مِنْنا إعْلام عائلتِه في حالة موته، “ دعهم يَصلّون من أجلني. أُريدُ مَوت، لأنني لا أَستطيعُ إيقاْف هذا الألمِ الشديد”.
وقالَ مجيد: “ إذا تَخْرجُ من ذلك السجنِ تَشْعرُ برغبة للإِنْضِمام إلى جماعة ألزرقاوي للمُحَارَبَة ضدّ المليشيات الشيعية والأمريكان، وأنت يمكنك أن تتصور ما سيَقُولهُ ألزرقاوي إن وجد، أولئك جنود جيش المليشيات كَانوا يُعلّقونَ صورةَ الحكيم في كل مكان في السجنِ وعذّبونا بشكل مستمر. أَكْرهُ تلك الصورةِ الآن. أَكْرهُ عمائمهم السوداءَ ولحاهم القذرةَ. إنهم شيء مخجل للإسلامِ. هم لَيسوا مسلمين ” قالَ مجيد بأنّ بَعْض رجال الدينِ الشيعةِ كَانوا يَتوسّطونَ بين ضبّاطِ السجنَ وعوائلَ السجناء. ودَفعتْ عوائلُهم ً مثل 3000$ للإفراج عن شخص، أحياناً أكثر من هذا ، اعتمادا على الحالةِ الماليةِ لعائلة السجين.
هذا يَحْدثُ الآن في العراق، لأصدقائِي ولعائلتِي، على أساس يومي، بينما أنتم أيها الأمريكان تشترونَ هدايا أعياد الميلادِ وتهيّئونَ الديك الرومي بينما كُلّ عراقي عِنْدَهُ قصّة مماثلة للإخْبار عنها.لم يكن بيننا أي احتراب طائفي أبدا من قبل، إلا إن وبوش ومن ولاه سيواجهون كارثة أكيدة إذا استمر وجودهم في العراق. . وأنا سَأُخبرُك لماذا. دعْ قوَّاتِ الإحتلالَ تخرج وسوف يستعاد الأمن لأن هؤلاء يَقْتلون الناس بدون أي محاسبة لأنهم َ محمتينَ بقوّاتِ الإحتلال. هم وضعوا في زاوية طائفية بكُلّ القوانين التي أُصدرَت مِن قِبل Bremer لكن إذا غادرت قوَّاتَ الاحتلال وحصل إن عراقي يَقْتلُ عراقياً آخراً، هو مُتَأَكِّد بأنه سيكون هناك ثأر. تذكّرْ بأنّ هذا مجتمع عشائري، وإذا قتل واحد مِنْ القبيلةِ، الأعضاء الآخرون للقبيلةِ عِنْدَهُمْ الإلتزامُ بالثَأْر من القاتل. كُلّ شخص في العراق يَعْرفُ هذا، وهم سَيَتردّدونَ قبل ارتكاب أي من الأعمال الوحشية التي يقومون بها الآن، بمساعدة مال دافع الضريبةِ الأمريكيِ ومحمياِ بقوانينِ Bremer وقوّات الإحتلال الأمريكية. أَتمنّى بأنّك تَفْهمُ حتى الآن بأنّ هناك طريقا وحيدا لحَلّ هذا النزاعِ قَبْلَ أَنْ يَتصاعدُ حقَّاً: اسحبوا قوَّاتُكمَ قَبْلَ أَنْ يرْفسُهم شعبي إلى الخارج. مَع كُلّ سجين جديد،
وكُلّ مدني جديد قَتلَ بطائراتِكَ وطائراتكَ المروحية الأباتشي، عشَر أشخاصِ جدّدِ سَيَنضمّونَ إلى المقاومةِ الوطنية.
المصدر:www.brusseltribunal.org








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل: متظاهرون يطالبون الحكومة بالإسراع بعملية تبادل الأس


.. حملة اعتقالات داعمي فلسطين في ألمانيا متواصلة




.. موجز أخبار الرابعة عصرًا - المرصد الأورومتوسطي: الاحتلال يما


.. اعتقال نائب رئيس هيئة الأركان العامة في الجيش الروسي بتهمة ت




.. مراسل الجزيرة: قوات الاحتلال تجبر النازحين على الخروج من مرا