الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تذويب الثورة 2

طارق سعيد أحمد

2016 / 9 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


كان المشهد لمسافرين أغرقوا سفينتهم في عرض البحر ليقضوا على وحش كان يتغذى عليهم واحد تلو الآخر، كان يكبر أمامهم بسرعة فائقة ويتوحش، أكثر من 30 عام يحاولون اقناعه أن يهدأ، لكن دون جدوى وفي اللحظة الحاسمة أقروا الغرق كان لسان حالهم يقول.. لا بد من إنهاء المهزلة.
كانت حساباتهم المنطقية واللامنطقية تصل لنتيجه واحدة وهي غرق السفينة!. وكان الحلم الوصول للشاطئ بأي ثمن، كانوا قد استعدوا أن يحمل القوي منهم الضعيف على ظهره لتبدأ رحلة العود. كان حلمهم يكبر أمامهم أسرع من الوحش وكان أكثر وضوحا وقدرة ليتموقع.
اجتمعوا أمام الوحش وبخطواتهم البطيئة والجريئة تقدموا في اتجاهه وهتفوا بأعلى أصوات حناجرهم.. إرحل.
قفز الوحش العظيم من السفينة ومن ثم فقدت السفينة توازنها وغرقت، أو هكذا حاول أعوان الوحش إقناع الجميع بأن اللعنة ستحل على السفينة لا محال!.

ليست هذة الفقرة مجتزءة من أسطورة مصرية قديمة بل هي واقع مرير عاشه المصري المعاصر بل وتكرر بعد خلع "مبارك" الفاسد حين قرر المصري إعادة كتابة وصياغة تفاصيل واقعه بعزل المتأسلم "مرسي" وجماعته الإرهابية سعيا للوصول إلى الدولة المدنية، لكن مازال الواقع لا يبحر في اتجاهها ومازال المصري يعيش واقعه الأسطوري وهو ينظر ويتحرك في اتجاه دولته المدنية التي تخطو هي الأخرى في اتجاه ولكن ببطء.
وانطلاقا من مبدأ استمرار الثورة المصرية، وسعيها الشعبي في تحقيق أهدافها، وباعتبار أن 25 يناير و 30 يونيو موجتان ثوريتان احتفظا على الأقل بالتأريخ، رغم أنف فريقين مختلفين من حيث التوجه ومتنكريين لهما وفق مصالحهم الشخصية وأيدلوجياتهم السياسسية التي لا تنحاز من قريب أو من بعيد للشعب وتحركاته وأهدافه على الأرض، هؤلاء الأفراد وبشكل خاص صنع لهم نظام السيسي رقعة شطرنج خاصة تمتد وتتشعب داخل مؤسسات الدولة الهشة ووصلت إلى وبتوسع تحت قبة البرلمان ليكونوا قطع حرة طليقة ليس لها جذور أصيلة منبثقة من نواة الثورة المصرية العظيمة، ووفق أدوارهم المختلفة والمتباينة وتحت هيمنة النظام يحركها "السيسي" وقت ما يشاء من مربع إلى آخر وعلى طريقة "وشهد شاهد من أهلها" يحاولون إذابة المبدأ الثوري في شخوص يطولها تأثيرهم المعزز بخدمات إعلامية تلعب هي الأخرى أدوارا محورية في تذويب الثورة في عمق الشارع المصري.
وتكشف مرحلة هيكلة وبناء البرلمان ومسيرة المرشح البرلماني القائمة في الأساس على حزمة من شعارات أكدت أمام أبناء دائرته انحيازه الكلي "للمخلص"، وحتى نهاية الإنتخابات وتسكين رجالات الرئيس تحت قبة البرلمان بدأت مرحلة جديدة من عزل الشعب الثائر بإنقطاع البث الحي للجلسات، هذا القرار الذي جاء بإجماع البرلمانيين الجدد يعتبر لحظة في عمر البرلمان المصري تستحق الدراسة العميقة، لكنها على أقل تقدير أسهمت في تعتيم المساحة الأكبر من الصورة الحية للحقيقة وحولت بطبيعة الحال دور البرلمان الأصيل الذي خلق من أجله وهو محاسبة الرئيس وحكومته إلى بوابة لتمرير أي قرار أو قانون يأتي من كوكب الرئاسة أو الحكومة.
واستغلالا لكل هذا وتأسيسا عليه يعيد النظام انتاج وتشكيل قناعات حول الشخصية الوطنية بتنميطها ببعض الخصائص والسمات المناسبة لإستمرار وجوده ثم بناء حائط منيع حول هذا التكوين السياسي المستنسخ، واعتبار كل شبيه له أو يعادله أنموذج للشخصية الوطنية وكل لا شبيه له ولايعادله خارج الإطار الوطني أو على أقل تقدير تركه خارج رحمة النظام لتطارده الشكوك.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحدي اللهجات.. مقارنة بين الأمثال والأكلات السعودية والسورية


.. أبو عبيدة: قيادة العدو تزج بجنودها في أزقة غزة ليعودوا في نع




.. مسيرة وطنية للتضامن مع فلسطين وضد الحرب الإسرائيلية على غزة


.. تطورات لبنان.. القسام تنعى القائد شرحبيل السيد بعد عملية اغت




.. القسام: ا?طلاق صاروخ ا?رض جو تجاه مروحية الاحتلال في جباليا