الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن شكسبير ومحاكمة صدام والصحافة

علي شايع

2005 / 12 / 23
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


الصباح البغدادية

محاكمة الطاغية المخلوع محاكمة عراقية لاشكّ فيها،لكن الأجواء التي أحرزتها جعلت الجميع يصدمون بمواقف غريبة، بل تحتاج إلى خيال نافذ لمواجهة الفظاعات؛ والصدمة هنا تختلف باختلاف المؤيد والمعارض،المحابي أو الغاضب..لكنها بنتيجة غرابتها هذه قد حققت جانباً كوميدياً مراً أعاد الديكتاتور إلى شعاراته وبرزان المخابراتي إلى شتائمه،والمشتكين إلى خوفهم وتخفّيهم عن لعنة أزلية..
و لو كان لشكسبير نصيبه في هذا الزمان لأخذ من فصولها أعمالاً خالدة ستكون أكثر إبداعاً من (كوميديا الأخطاء)..
الغريب أن هذا العمل الشكسبيري الرائع هو المسرحية الوحيدة التي يرد فيها اسم أمريكا!..
ومنه أستعير صرخة أحدهم:"أما هؤلاء الذين عذبوا الناس،فعليهم أن يتعذبوا مثلهم،ليعرفوا معنى أن يجرح الإحساس"..
صميمية،هذه الكلمات،أقولها ولا أعمل بها،أقولها؛وأنا أرى المشتكي متدحرجاً كالكرة بين القاضي وبين المتهمين،والتعبير هنا أيضا لشكسبير في النص ذاته،فكوميديا أخطاء محكمة الطاغية،تصلح لمثل هذه الصرخات،ولا توثّق لتأريخ يليق بها كمحكمة قرن كما سميت..
كيف سينظر مشاهد عراقي لهذه المحاكمة بعد قرن من الزمن؟..وهل ثمة معادل موضوعي في المروي عن ملايين الضحايا،وبين ترف الجدل في قاعة المحكمة تلك؟..
حقا لن يخرج التاريخ من معادلة كونه مصنوع من يعنيهم الأمر.

* * *
تأكد لي أن ثلاثة أماكن رسمية عراقية لا تدخلهن صحيفة الصباح: وزارة الإسكان والتعمير؛ربما لانهماكهم بالعمل فلا وقت للقراءة،ومفوضية النزاهة؛ لانشغالهم بملايين الشكاوى المرزمة قيد الإطلاع،ووزارة الثقافة؛ ربما لتثاقفهم بالثقافة عن قراءة الصحف!..
في البلدان المتحضرة،تـُنشر كتابة لكاتب ما؛ولا يهم إن كان مشهورا أو مغمورا،المهم تناولها لموضوعة تمس الشأن العام،وتلقي ضوءا خلف نفق اليأس-إن كان ثمة يأس ليقارن بيأسنا الجماعي-هذه الكتابة تنشر في صحيفة واسعة الانتشار-فلا مسمى للصحيفة الرسمية لأن كل الصحف رسمية حين تعنى بالشأن الوطني بقدر تعلق الأمر بالحقيقة-فتجد استجابات عاجلة وردوداً شافية..
طويلاً انتظرت مثلها عن كتابة مضى عليها الوقت،وصرت أحسب الأيام بين شك القول عنهم: لا يُفهموني قولَهم..ويدقُ عنهم ما أقول..
وبين حزني لمن قال: "الحق يحتاج إلى رجلين..رجل ينطق به ورجل يفهمه"فأنا على ثقة من أني نطقت!.
وطويلاً سأحزن حين يقول لي أحدهم عن حجة الانتخابات وانشغال الوزارات بها،فهذا الأمر لا يصح ولا يصلح،لأن كل وزارة معنية بشأنها الداخلي الإداري بعيداً عن غلواء الانتخابات،وأي مسؤول وزاري سيقدم للقضاء في البلدان المتحضرة إن انشغل بالتسويف بسبب كهذا،أو حين ينشغل بالتسويق الانتخابي،حيث يحُـاسب حساباً عسيراً،وسيزداد لو أثبت عليه هدره لقصاصة ورق من وزارته بغرض دعائي لجهة ما..فكم ستطول قوائمنا حين نعدّ مثل هؤلاء،وكم سنحتاج من صفحات الجرائد؟. وهل ثمة من يقرأ؟..
وطويلاً سأحزن على صحيفة مهمة لا يقرأها المعني-بصناعة التأريخ أيضا- لأن لنا من تراكم الصحف الرخيصة المهملة تأريخ ديكتاتورية خـَطر لزعيمها أن يستطلع أهمية جريدته ذات يوم فأوعز في عزّ قتال أحد جبهات حروبه لنائبه عزت الدوري أن يزور القطعات ليسأل الجنود إن كانت الصحف تصلهم،فقال له واحد منهم:لا والله سيدي صار لنا كم يوم نأكل على الأرض!.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. خبراء عسكريون أميركيون: ضغوط واشنطن ضد هجوم إسرائيلي واسع بر


.. غزة رمز العزة.. وقفات ليلية تضامنا مع غزة في فاس بالمغرب




.. مسيرة إسرائيلية تستهدف سيارة مدنية شمال غرب مدينة رفح جنوب ق


.. مدير مكتب الجزيرة في فلسطين يرصد تطورات المعارك في قطاع غزة




.. بايدن يصف ترمب بـ -الخاسر-