الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مخططات الخام.. اتعظوا يا أولي الألباب

إكرام يوسف

2005 / 12 / 23
الادارة و الاقتصاد


نشرت وكالات الإعلام مؤخرا تقرير "مخططات الخام.. نهب ثروة العراق النفطية" الذي أصدرته جمعية "بلاتفورم" لدراسة الآثار الاجتماعية والبيئية للنفط، وهي جمعية خيرية مقرها لندن. ولم تكن الاستنتاجات التي توصل إليها التقرير مفاجئة بالنسبة لي ولأمثالي ممن لم يصدقوا ـ ولو لوهلة ـ المبررات المتتالية التي أوردتها واشنطن تبريرا لغزو العراق؛ ابتداء من أسلحة الدمار الشامل، والعلاقة مع القاعدة وصولا إلى نشر الديمقراطية ومحاربة الإرهاب. حيث توقع التقرير أن تنهب شركات بترول كبرى مليارات الدولارات من العراق وتسيطر على حقول نفطه "ما لم يكن للمواطن العراقي العادي دور أكبر في تقرير كيفية استغلال ثروات البلاد" (وهل يتوقع ساذج أن تسمح قوات الاحتلال للمواطن العراقي بأي دور في تقرير استغلال ثروات البلاد؟ فلماذا إذا كانت الحشود والجنود والإنفاق والسعي بكل السبل غير المشروعة للسيطرة على زمام الأمر في البلاد؟).

المشاركة في الانتاج

وأوضح التقرير الذي مولته جمعيات خيرية ومؤسسات من بينها "الحرب على العوز" و"منتدى السياسات العالمي" و"معهد دراسات السياسات" أن اتفاقيات "المشاركة في الإنتاج" التي تروجها واشنطن ولندن تجتذب شركات النفط الكبرى إذ تحقق عائدا ضخما على استثماراتها بينما تحرم العراق مما يصل إلى 194 مليار دولار. وقال جريج موتيت معد التقرير "في ظل النفوذ الأمريكي والبريطاني، يضغط سياسيون ومتخصصون يتمتعون بنفوذ قوي في وزارة النفط العراقية لتسليم جميع الحقول العراقية غير المستغلة لشركات نفط متعددة الجنسيات تطورها وفقا لاتفاقيات مشاركة في الإنتاج".
والمعروف أن اتفاقات المشاركة في الإنتاج غالبا ما تستمر لعقود تسمح في العادة لشركات النفط باسترداد كل ما دفعته من تكاليف والحصول على حصة من الأرباح. ويشير منتقدون إلى أن ارتفاع التكاليف قد يدفع أحيانا الدولة المنتجة للانتظار فترة طويلة قبل أن تبدأ في الحصول على أرباح من الحقول.

وذكر التقرير أن حملة الولايات المتحدة وبريطانيا من اجل تحقيق "الامن في مجال الطاقة" هي المحرك لهذا الاتجاه التجاري.
ويقول التقرير "إن الأولوية الرئيسية في امن الطاقة للولايات المتحدة وبريطانيا هي ضمان السيطرة على إمدادات متزايدة من نفط الخليج ويفضل ان تتم من خلال استثمارات من شركاتهما النفطية"

حماية من التعديلات المستقبلية

والأمر الأهم أن هذه الاتفاقات تتيح للشركات العالمية القدرة على تحديد
احتياطياتها النفطية وحمايتها من أي تعديلات تشريعية قد تؤثر عليها مستقبلا (فالاحتياط واجب على أي حال وسط ضغط المقاومة والقوات الرافضة للاحتلال داخل العراق وخارجه) بالإضافة إلى ضمان أرباح جيدة خلال فترات انخفاض أسعار النفط.

وكانت دراسة أعدها صندوق النقد الدولي في عام 2000، أكدت إن أي ارتفاع بمقدار 10 دولارات في سعر برميل النفط يخفض معدل النمو العالمي بمقدار نصف نقطة مئوية لمدة أربع سنوات. ومع الارتفاع الحاد الأخير في أسعار النفط ؛ بدأت أسواق النفط العالمية تراجع حساباتها، وتوقع تقرير نشر مؤخرا لمؤسسة "جولدمان ساتش" أن يكون الاقتصاد الأمريكي أكثر الاقتصادات الكبرى التي قاربت الآن الوصول إلى أقصى طاقتها؛ تعرضا للخطورة.

وظهرت بعض بوادر هذه الخطورة خلال فترة إعصار كاترينا الذي ضرب السواحل الأمريكية مؤخرا؛ حيث فقدت الولايات المتحدة نحو 10 في المائة من طاقتها الخاصة بتكرير النفط ـ التي تعاني أصلا من نقص حاد. وبلغ الانخفاض في إنتاج البنزين مليون برميل يوميا، ما يعادل 10 في المائة من الاستهلاك الأمريكي. و طبقا لـ جولدمان ساتش ، رفع ذلك أسعار البنزين بنسبة 40 في المائة خلال أسبوع.

وإضافة إلى توقف إمدادات النفط الخام والمنتجات المكررة، أوقف الإعصار النشاط الاقتصادي أيضا في كافة أنحاء المنطقة المتأثرة. وهو ماحدا بمؤسسة جولدمان ساتش إلى توقع انخفاض في نمو الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي بين نصف نقطة ونقطة مئوية في الفترة بين الربعين الثالث والأخير هذا العام.
ويحذر خبراء أمريكيون من أن التضخم في مؤشر سعر المستهلك الأمريكي المرتفع نسبيا سيبدأ في التغلغل إلى الأجور، وبالتالي إلى التضخم الرئيسي. كما أن هناك خطرا آخر هو أن الانخفاض في معدل نمو الدخول الحقيقية المتاحة نتيجة لأسعار النفط العالية سيحد أخيرا من رغبة العائلات الأمريكية في الاستدانة والإنفاق. ويتوقع خبراء أن تتصرف السلطات الأمريكية بشكل حاد إذا أصبح التباطؤ في النمو متوقعا، إلا إذا كان التضخم في حالة ارتفاع..

كما يتوقعون أن تجد الولايات المتحدة نفسها في المستقبل القريب وجها لوجه مع المعضلات الآتية: عجز صارخ في الميزانية، زيادة كبيرة في معدلات التضخم، هبوط حاد لأسهم السوق، تصادم مع القوى العظمى.
كما يتوقع أن تكون ذروة ارتفاع أسعار النفط في الفترة ما بين 2006 و 2011، حيث أن الاحتياطي العالمي الفعلي من النفط أقل بكثير عن الاعتقاد الشائع، حيث يعتقد محللون أن أكبر الدول المنتجة تبالغ أو لا تعطي صورة واضحة عن الاحتياطي الموجود لديها، مما يثير تخوفات من أزمة طاحنة في موارد الطاقة.
الأمر الذي سوف ينجم عنه في رأي محللين، ثلاثة آثار متوقعة: أولا في ظل غياب بدائل حقيقية للنفط سوف تقفز أسعاره ربما إلى أكثر من 100 دولار للبرميل مع توقع أن يفوق الطلب للمعروض منه. وربما يتسبب ذلك في انتكاسة عالمية.
الامر الثاني أن أهمية منطقة الشرق الأوسط كمصدر للنفط سوف تأخذ في الزيادة ومعها يصبح العالم أكثر احتياجا لها واعتمادا عليها. فالآن تساهم دول الشرق الأوسط بحوالي ثلث الإنتاج العالمي من النفط وتحت أراضيها يقبع ثلثا الاحتياطي منه، وبالتالي فعندما يشهد العالم نضوبا لنفطه لن تكون هناك سوى هذه المنطقة معينا له.
ويأتي توقع نشوب صراعات كبرى بين القوى العظمى حول النفط ليمثل التحدي الثالث. فقد سحبت شركة "سي إن أو أو سي" الصينية عرضها لشراء شركة النفط الأميركية "يونوكال"، وهذا الأمر يسلط الضوء على القلق الصيني حول الطاقة وفي الوقت نفسه قلق واشنطن تجاه الصين. مع ما يحمل ذلك من توقعات نتائج التنافس بين الطرفين مع تناقص المنتج من النفط.
فهل ينتظر من لا يزالون يؤمنون بنزاهة الغرض الأمريكي، أن تعمل واشنطن على استقرار الأوضاع في العراق على النحو الذي يسمح بالفعل بتولي قيادة وطنية بالفعل وديمقراطية حقا قيادة البلاد وتحقيق سيطرة شعب العراق على ثرواته وسيادته؟
لقد كنا ـ ومازلنا ـ ممن يصرون على رفض أي وهم يتعلق بأن أي قوة عظمى تسعى لبسط نفوذها على العالم يمكن أن تسمح ـ فضلا عن أن تساعد ـ أيا من شعوب العالم على الإمساك بزمام أموره وتحقيق ما يصبو إليه من تحرر وديمقراطية.لذلك فمن الوهم المريض الاعتقاد أن الإدارة الأمريكية،يمكن أن تسمح بـ ـ فضلا عن أن تساعد على ـ حدوث أي إصلاحات حقيقية في أي بلد من بلدان العالم الثالث تتيح وصول قيادات وطنية بالفعل وديمقراطية حقا للحكم، لأن قيادات مثل هذه لابد أن يكون ولاؤها للداخل ولمصالح شعبها في السيطرة على موارده ومقدراته الأمر الذي يتعارض بالفعل مع أطماع أي قوة عظمى ـ حاليا أو مستقبلا بالمناسبة؛ حتى لا يتصور البعض أن المشكلة تتعلق ببوش وإدارته وما أن تنتهي فترة ولايته يعاود حلمه بإمكانية الاستقواء بواشنطن لتحقيق إصلاحات داخلية ـ وليس بعد ما حدث ويحدث في العراق من عظة لأولي الألباب.. وقديما قالوا "العاقل من اتعظ بغيره"!.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأحزاب البريطانية تراهن على خططها الاقتصادية لاستمالة الناخ


.. كل يوم - خبير اقتصادي : نتمني أن تعيد الدولة النظر في قرار غ




.. كل يوم - خبير اقتصادي : نتمني أن تعيد الدولة النظر في قرار غ


.. الأوضاع المعيشية والاقتصادية تتصدر اهتمامات الناخبين في اختي




.. توفير مستلزمات الإنتاج.. أولويات وزير الزراعة الجديد