الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من مقارنات العراقيين الظالمة ايهما افضل زمن صدام ام ما بعد ذلك الزمن ؟

احمد عبدول

2016 / 9 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


يكثر العراقيون هذه الايام في الاسواق والطرقات والاماكن العامة والخاصة من ترديد العبارة الاتية (لو باقين على زمن صدام اهواي اشرف النه ) مع اختلاف الصيغ وتقديم وتأخير في اجزاء تلك العبارة التي اخذت تتناقلها الجماهير كما تتناقل سوالف وحكايات الاباء والاجداد .
والحق يقال ان للعراقيين اسبابهم ومبرراتهم التي تدفعهم الى ترديد مثل هكذا عبارات والا فلا شيء يأتي من من فراغ بطبيعة الحال . لقد تأمل العراقيون بعد صبر جميل على نظام ديكتاتوري حكم البلاد والعباد بقوة النار والحديد , انهم وبمجرد الخلاص من هكذا نظام سوف يأكلون من فوقهم ومن تحت ارجلهم كما يقال لكنهم ما لبثوا ان أفاقوا على واقع مؤلم من سنخ اخر ولون اخر ونمط اخر فبعد ان كان النظام بيد فرعون واحد واذا بالنظام يصبح بيد عدة فراعنة وبعد ان كان القتل يمارس على ايدي اجهزة مركزية دموية اصبح القتل يمارس على يد كل من هب ودب وبعد ان كانت الاشلاء تتطاير على جبهات القتال تارة مع الجارة ايران وتارة مع الكويت اصبحت الاشلاء تتطاير داخل الاسواق والفنادق والمدارس والجوامع والمولات والازقة وبيوت الفقراء .كل ذلك جعل العراقيين يلجؤون الى تقسيم الزمن (زمن صدام , وما بعد زمن صدام) واخذت القياسات المنطقية وغير المنطقية تأخذ طريقها الى عقوا العراقيين والسنتهم بمختلف خلفياتهم الثقافية فكان ان خرجوا بنتيجة حسمت لصالح زمن (صدام ) ولقد اطلعت مؤخرا على مقال للدكتور (بهجت عبد الرضا) بعنوان (ايهما افضل زمن صدام ام زمن ما بعد صدام ) حيث اسهب الدكتور بهجت في تبيان الاسباب التي تدعم ما يذهب اليه من ان زمن ما بعد صدام افضل بكثير مما سبق وهو يسرد علينا عشرات الاسباب الموضوعية التي تؤيد وجهة نظره ,لكننا هنا لا نريد ان ننظر من ذات الزاوية التي نظر من خلالها الدكتور بهجت والسبب في ذلك ان اسلوب تبيان الاسباب التي تدعم او تعارض هذه الفكرة او تلك سوف لن يكون سهلا وقد ينتهي بنا الى خانة القول والقول الاخر (تقول ويقولون ) كما عبر عن ذلك الامام علي بن ابي طالب وهو ينصح (عبدالله بن عباس) بعدم محاججة الخوارج بالقران لأنه حمال ذو اوجه .
لقد ناقشت الكثير فيما سبق من أولئك الذين يقولون بأفضلية زمن صدام على ما تلاه من زمن وبينت لهم مختلف الحجج والبراهين لكنهم مع ذلك كانوا يأتون بحججهم وبراهينهم فكنت واياهم ادور في حلقة مفرغة لذلك رأيت ان اسلك طريقا اخر للوصول الى ما اطلبه .ان اسلوب الجدل العقلي سوف لن يأتي لنا بخير كما كان الراحل الوردي يشير الى تلك الحقيقة بكتبه ومؤلفاته فالخطأ الذي وقع فيه العراقيون هو خطا في القياس كما يقال وذلك عندما سمحوا لأنفسهم بتقسيم الزمن الى زمنين واخذوا بالمقارنة دون اعتماد اي معيار علمي وموضوعي واجتماعي ,ودون ان يحددوا ما هو الزمن وماذا يعنون به وكيف تتم عملية المقارنة ووفق اي معطيات تتم عملية تقسيم الزمن , كل تلك الاسئلة لم يعرها الكثير من العراقيين ادنى اهتمام فقد سطحوا الامور ووقعوا في المحظور دون وعي منهم وهم معذورون في ذلك بسبب ما احاط بهم من ظروف عاصفة اخذت تتقاذفهم ذات اليمين وذات الشمال .والزمن كما هو معروف هو عبارة عن مجموع الايام والاشهر والسنوات وهو بعد فيزيائي وقد يطول ويقصر وعادة ما تستخدمه الجماهير للإشارة لمن كان يحكم البلاد فيقال مثلا زمن الملوكية او زمن الزعيم عبدالكريم قاسم وهكذا والحقيقة ان الزمن لا يختزل بزوال حكم واستبداله بحكم اخر حيث يكون التقسيم وهو امر نسبي اذا ما كانت هنالك طفرات نوعية على صعيد الانساق الاجتماعية والفكرية والثقافية والسياسية فنقول على سبيل المثال العراق في زمن الاحتلال العثماني والعراق في زمن الاحتلال الانكليزي وهنا نقترب من تقسيم الزمن بشكل واخر وذلك على اعتبار ان للعثمانيين ثقافتهم وسياستهم وتوجهاتهم في حكم البلاد اما الانكليز فلهم سياستهم الخاصة والمختلفة في ادارة شؤون العراق .عندما نقول ايران في زمن الشاه ليست ايران في زمن الخميني فنحن نقترب من تقسيم الزمن نسبيا ذلك لان كل شيء قد تغير فايران في زمن الشاه دولة علمانية على نمط الدول الاوروبية اما ايران في زمن الخميني فهي جمهورية اسلامية تعمل بنظام ولاية الفقيه .
في ايران كان هنالك حرك ثقافي واجتماعي منذ ستينيات القرن الفائت كان يمهد لنقلة نوعية داخل المجتمع الايراني هذا الحراك اثمر فيما بعد دولة ذات ملامح لا تشبه دولة نظام الشاه في شيء.
في ايران كان التعيير منبثقا من رحم المجتمع الايراني بكافة فئاته وشرائحه وطبقاته وهو تغيير لم يفرض على الجماهير فرضا من قبل قوى خارجية غازية .كل هذا وعيره من الاسباب يجعلنا نقترب من تقسيم الزمن الى زمن ما قبل الخميني وزمن ما بعده الا ان مثل ذلك الامر لا ينطبق بشكل واخر على الحالة العراقية من قريب او بعيد

نحن اليوم لا نستطيع تقسيم الزمن الى ما قبل وما بعد صدام والسبب في ذلك ان المجتمع العراقي ما يزال يرزح تحت وطأة وتأثير ذات القوى والقيم والانساق التي قام عليها نظام صدام وما قبله من الانظمة التي تعاقبت على حكم العراق على امتداد عشرات القرون .زوال صدام وحكمه الديكتاتوري واستبداله بنظام ديمقراطي تعددي فيدرالي لا يمنحنا الحق في تقسيم الزمن والمسارعة بالتفضيل والمقارنة بين هذا الزمن وذاك فالدولة العراقية اليوم لاتزال تعمل بموجب الكثير من التشريعات والقوانين التي تم تشريعها ابان العهد البائد كمت انها لا تزال مثقلة بتبعات وخيمة وعميقة جراء حكم صدام وزبانيته وعلى شتى المستويات .
ان المنظومة الفكرية والثقافية ما تزال مصابة بشتى العلل والآفات التي خلفها نظام البعث داخل الفرد العراقي فضلا عن ان كل القوى التي كانت تدعم نظام صدام ما تزال تدعم من يحمل توجهات وبواعث ومبررات تواجد هكذا ذلك نظام سرطاني مقيت .
لا يمكننا بحال من الاحوال ان نقوم بتقسيم الزمن ونحن ما نزال نخوض حربا ضروسا ضد تنظيمات وقوى هي في الاصل قوى بعثطائفية ارتدت لباس الدين وتبرقعت ببرقع المذهب زورا وبهتانا وقد وجدت لها ملاذات امنة ومناخات ملائمة تساعدها على الانتشار وتدفع بها الى الاستقواء .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الاتحاد الأوروبي.. مليار يورو لدعم لبنان | #غرفة_الأخبار


.. هل تقف أوروبا أمام حقبة جديدة في العلاقات مع الصين؟




.. يديعوت أحرونوت: إسرائيل ناشدت رئيس الكونغرس وأعضاء بالشيوخ ا


.. آثار قصف الاحتلال على بلدة عيتا الشعب جنوب لبنان




.. الجزائر: لإحياء تقاليدها القديمة.. مدينة البليدة تحتضن معرض