الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة ليست أدبية لرواية (حفلة التيس)

كريم كطافة

2016 / 9 / 6
الادب والفن


رأيت أن أفضل من كتب عن نظام صدام حسين وعن العراق هو الكاتب الفذ (ماريو بارغاس يوسا). رواية (حفلة التيس) التي ترجمها المترجم المبدع (صالح علماني) هي رواية عراقية بامتياز.. وجدت فيه صدام حسين بلحمه وشحمه ووجدت عزت الدوري ووطبان وبرزان وسبعاوي وجدت ساجدة وحلى ودلع وملع.. وجدت وزير الوزارات حسين كامل وأخيه.. وجدت طه ياسين رمضان وسلسلة الوزراء الدمية.. وجدت طلفاح وابنه وعائلته الكبيرة.. وشاهدت قرية العوجة مجسدة بأبهى صورة.. أسماء المدن والجسور والمستشفيات ومرافق الخدمة العامة التي تسمت باسم صدام وهناك باسم تروخييو.. منال الآلوسي واتحاد نساءها.. ورش التعذيب التي تجعل الضحية يتوق للموت ولا يناله.. كل شيء في الرواية كان عراقياً بامتياز.. لا يحتاج أمر انتحالها إلا إلى لمسات حرفية بتبديل الأسماء وبعض العادات والتقاليد الدومينيكانية بعراقية وتصبح رواية عراقية تبحث عن من يمهرها باسم وهمي وناشر مغامر لينشرها باعتبارها رواية عراقية. كل هذا و(ماريو بارغاس يوسا) لا أظنه يعرف شيئاً عن العراق وصدام حسين باستثناء دكتاتور وبلد من الشرق الأوسط.
التشابه مطلق بين خلفية وملامح وذكاء وإجرام وطموح ووسائل (تروخييو) دكتاتور الدومينيكان البلد ذو الثلاثة ملايين نسمة و (صدام حسين) دكتاتور العراق البلد ذو الثلاثين مليون نسمة.. الأول حكم لمدة 31 سنة آخرها كانت خلف رئيس دمية.. قبل اغتياله بمؤامرة داخلية أشرفت عليها السي آي أي.. وصدام حكم فعلياً (35) سنة بدأها بسنين كان يحكم من خلف كذلك رئيس دمية (البكر) قبل إسقاطه من قبل الأميركان باحتلال كامل للبلد.. الاثنان لا يثقان بأحد إلا بمزاجيتهم ونرجسيتهم وبما تفعله عيونهم الصقرية وهي تعري الأعوان والخدم والتابعين.. أحد لم يصمد أما عيون الدكتاتور في الدومنيكان وفي العراق.. للأول ابنان منفلتان (رامفيس وراداميس) وصلا إلى أعلى المناصب وتسببا بأوسخ الفضائح والجرائم وكانا خيبة أمل أبيهم الباحث عن خليفة يستلم من بعده البلد الذي بناه على مزاجه طوبة طوبة.. لكنهما متلهيان بالقمار والنساء والتهتك.. وللثاني ابنان (عدي وقصي) كذلك وصلا لأعلى المناصب لكنهما ظلا خيبة أمل ابيهما.. لم يكن من بينهما من يملأ المكان.. (تروخييو) لم يقتنع يوماً بأداء أي وزير أو تابع له رغم الخدمات الكبرى التي كان يقدمها هؤلاء.. كان يعاقبهم بين فينه وأخرى ولسان حال الضحية منهم يظل يتسائل (آه لو بس اعرف ما هو الذنب الذي اقترفته ليغضب مني ويهينني بهذا الشكل).. وهو لا يكتفي بهذا.. بل كان يضاجع نسائهم وأخواتهم بعلمهم وهم ما زالوا في الخدمة.. لكسر كبريائهم.. وهذا ما فعله (صدام حسين) وفق ما تسرب وسيتسرب من فضائح وافلام ووثائق ما زال مغلق عليها في دوائر المخابرات الأمريكية ومراكز بحوثها.. تروخييو بنى الدومينيكان من الصفر وجعلها بلداً حديثاً بعبقريته في القيادة والإدارة.. وصدام حسين بنى العراق تقريباً من الصفر وجعله بلداً حديثاً بعبقريته في القيادة والإدارة.. تروخييو قضى على الرشوة والفساد الحكومي باستحواذه على كل ثروة البلد لنفسه.. قسم البلد إلى إقطاعيات لعائلته الكبيرة أنشأ شركات صارت هي عصب الإقتصاد.. حتى جاءت نصيحة أحد وزرائه الذي يلقبه بـ(القذارة الحية) وهو ألمع إقتصادي في حكومته – بالمناسبة الاثنان صدام وتروخييو كانا يختاران لتابعيهم من الوزراء والخدم ألقاباً مهينة-، اقترح (القذارة الحية) على رئيسه أن يشتري القطاع العام لينقذه من الإفلاس.. وصدام كذلك فعلها قضى على الفساد والرشوة واستحوذ على كل ثروات البلد ليقسمها إلى إقطاعيات ومزارع على افراد عائلته الكبيرة ومن يختاره من المعاونين الذين يبدلهم بين حين وآخر.. انتهت الرشوة والسرقة.. هل يسرق نفسه..؟.. تروخييو جعل الدومينكانيين أذلاء، مهانون، مستلبون، ضعفاء أمام أجهزة (لويس أبيس) مسؤول استخبارات الرئيس.. حتى تحولت سيارات الخنفساء السوداء وهي تجوب الشوارع والدروب إلى رعب ومصبة مجلجلة على المكان الذي تُشاهد فيه.. وهذا كان حال سيارات الأمن الخاص ناهيك عن سيارات الأمن العامة والمخابرات مع العراقيين.. تروخييو نجح نجاحاً منقطع النظير بتحيول الشعب الدومينيكاني إلى قطعان من المهانين والأذلاء المرتعبين يمتهنون النميمة والوشاية ببعضهم.. وصدام فعلها بسلب كرامة وكبرياء وقوة العراقي حين حوله أما إلى مخبر أو ضحية لمخبر.. عنجهية تروخييو ونرجسيته وغروره أوصلته ليس إلى إقصاء الحركات الثورية واليسارية ومواجهة الكنيسة الكاثوليكية و القضاء على كل نفس معارض داخل البلد فحسب بل وإلى الوقوف بوجه أمريكا التي هي من صنعه.. حتى عرّض بلده إلى أقسى حصار إقتصادي أوصله إلى حافة الإفلاس قبل اغتياله.. وهذا ما فعله صدام حسين بالتمام والكمال.. تروخييو فرغ البلد من بدائل تنتشله في حالة غيابه.. وفعلها صدام على أكمل وجه.. من جاء بعد تروخييو سياسيون دمى فاسدون مرتعبون ومستعدون لرهن كل شيء لمن يحميهم من الخارج، حتى صار الدومينكاني يترحم على أيام تروخييو.. وهذا هو حال بدائلنا التي حلت محل صدام حسين.. ولا أدري متى نصل إلى الترحم على ايام صدام حسين..
بعد كل هذا أطرح السؤال على المهتمين من نقاد وأطباء نفسيين وباحثين ما هو الشيء الذي يجعل الدكتاتوريين متشابهين إلى هذا الحد رغم كل الاختلافات بين بلدانهم وشعوبهم.. وسؤال آخر هل حقاً يوجه شعب شجاع وآخر جبان.. شعب ثوري وآخر مستكين.. شعب أصيل وآخر فوتو كوبي..!!!!؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفلسطينيين بيستعملوا المياه خمس مرات ! فيلم حقيقي -إعادة تد


.. تفتح الشباك ترجع 100 سنة لورا?? فيلم قرابين من مشروع رشيد مش




.. 22 فيلم من داخل غزة?? بالفن رشيد مشهراوي وصل الصوت??


.. فيلم كارتون لأطفال غزة معجزة صنعت تحت القصف??




.. فنانة تشكيلية فلسطينية قصفولها المرسم??