الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عبدو على تخوم المستحيل ..!

ميشيل زهرة

2016 / 9 / 7
الادب والفن


*ألو خالتي أنا سعدو ..! رجع عبدو من الصيدلية ..؟؟ عفوا خالتي نسيت سلم عليك ..لا تواخذيني ..مشغول جدا ..عندي اليوم زوار من المعارضة ، و من الموالات ..! ما هذه الأصوات عندك ..؟ قلتِ زوج خالتي يبكي ..؟؟ لماذا ..؟ مما يراه على التلفزيون ..؟ يا عيب الشؤم عليه ..ألم يعتد على منظر الرؤوس المقطوعة ..قلت : أصبح حساسا ، و رقيقا بعد عملية القلب المفتوح ..؟ سلامته ..أقدر ذلك ..! و لكن يا خالتي ، لم تتركون التلفزيون أمامه عندما تعرض هذه الصور البشعة للرؤوس المقطوعة ..؟؟ أعرف يا خالتي أعرف .. إنه سياسي و يهمه الوطن .. و قد أمضى حياته بين التقدميين ، لذلك انجلط أكثر من مرة .. و أنت ، ربنا يطول بعمرك .. لولا الهموم لما أصابك السكّر ..!! ألم يصل عبدو بعد يا خالتي ..؟؟ قلت يمكن دخل ..؟؟ خليه يحكي معي ، اعملي معروفا ..!
**ألو أستاذ سعدو ..لا تقلي عندك دوام اليوم ..رجاء يا ابن خالتي ..البارحة سهرت مع الوالد حتى الصباح بلا مدفأة ، و قد طعنني البرد ، و مصاب بالزحار ، و الإسهال . لا أستطيع السيطرة على أمعائي ..ما صدقت أصل البيت ..رجاء ..دعني اليوم ..أنا مريض يا سعدو يا ابن خالتي ..دبر حالك اليوم .. تقول لي : لا غنى عن دوامي اليوم ..؟؟ و ما علاقتي بالموالاة و المعارضة ..؟؟ شخصيتين مهمتين تقول لي ..؟؟ سيزوران مكتبك ..؟؟ ليكن ..استعن بأبناء الشيخ الأعمى الذي يجلس على زاوية مكتبك ..! أنت تتصدق عليه دائما ، و يحق لك أن تستعين بأولاده ( الصيّع ) ، الذين همهم مراقبة المارة ، و النساء . و نقل الصورة إلى أبيهم الأعمى الذي يضرب جبهته بقضيب الرمان ، لكي يظهر السماه من أثر السجود ..! يا رجل أليس لديك طريقة غير التهديد بالطرد من العمل ..؟؟ يا أستاذ إذا لم ترحمني ..ارحم خالتك أخت أمك الوحيدة ..يا أخي أمري و شكوته لله ..سآتي ..هل مازالت حفرة المياه تقطع الشارع ..؟؟ قال المحافظ أنها ستصلح منذ أسبوع ..و تتسع ، تقول ..؟؟ يا لطيف ..و قد صارت تبتلع جمل في موقع سقوط الصاروخ ..؟؟ طيب يا سعدو ..فقط تحتاجني لمدة ساعتين ..؟؟ بعد أن ينصرف الضيفان ..؟؟ طيب ..حاضر..!
*** فكر عبدو بعد دخوله المكتب ، أنه رأى هذين الوجهين على التلفاز و لكنه لا يتذكر في أي برنامج ..! رجلان متوتران .. تبدو على ملامحهما آثار ثراء حديث العهد . لأن الأول جلس على مقعده ، و مازال زر الجاكيت في عروته ، و جواربه لا تتلاءم مع لون بنطاله ، و الكرافيته مائلة على جهة اليمين ، و قد عقدت بطريقة سيئة ، تدل على عدم عراقة في استخدامها ..! و أما الثاني يدخن الغليون ( البايب ) بطريقة من يدخن سيجارة ..! لا يجيد التعامل معه ، فيتأفف من غليونه الذي ينطفي دائما ، و يتهمه بعدم الصلاحية ملقيا باللوم على الغليون ، و أنه قد أتاه غليونا جديدا كهدية من صديق له في تركيا ، و أنه نسي أن يجلبه معه..!
في هذه اللحظة ، كانت أمعاء عبدو بدأت تقرقر ، تعلن عن شيء مجهول النتائج ..!
هات قهوة يا عبدو ، بدأت طلبات سعدو ، ..هات نفاضة يا عبدو ..! سكّر الحنفية يا عبدو .! أغلق الباب جيدا يا عبدو ..! تأكد من الغاز يا عبدو ..إني أشم رائحة غاز يا عبدو يا أجدب ..!
مالك مصفرّ الوجه يا عبدو ..؟؟ تحرك يا عبدو ..! ما عرفت أن تمرض إلا في هذا اليوم..؟؟
الحوارات ، و الضحكات ، تدل على خير بين المعارضة و الموالاة يا عبدو ..! قدّم واجبك يا عبدو ..تقول لي أمعاءك بدأت تتألم كثيرا ..؟؟ فرجت يا عبدو يا أجدب ..تحمّل قليلا ..أنت مثل الجمل ..أنت معتاد على حمل الألم ..! لا تخجلني مع الجماعة ..إنهما مشغولان في حمل هموم وطن ..و أنت ألا تحملهم لساعة يا عبدو ..؟؟ تقول لي : إن ثقلهم يزداد على كتفيك يا عبدو الأجدب ..؟؟ الآن وقت مزاحك ..؟؟ مابك لونك كالليمونة ..؟؟ قدّم الفواكه يا عبدو ..أنت قشّرها بيديك ..السيدان مشغولان في الوطن ..ألا ترى النقاش حادا ..؟؟ و هذا كله من أجل أمثالك يا عبدو..! و من أجل والدك المريض ..و أمك المريضة ..و من أجل أن تصلّح البلدية أنبوب الماء المنفجر ، و الذي أحدث بركة الماء ..!! الحل قادم يا عبدو ..تحمل الألم في أمعائك قليلا ..مابك يا عبدو يا أجدب ..؟؟ عيناك غائمتان ، كأنك ستصاب بإغماء ..!
شيء ساخن ينساب في بنطال عبدو ..! لقد قاوم عبدو حتى الرمق الأخير . فسقط من الخوف ، و الخجل ، و الألم في أمعائه .. عندما لم يعد يتحكم في أمعائه ، التي دفعت بكل ما فيها من سائل في سروال عبدو المسكين الذي سقط أرضا مغشيا عليه ..!! رائحة كريهة ملأت المكان ..!
**** اللعنة عليك يا عبدو ، يا خنزير ..ما هذه الرائحة التي عملتها ..؟؟ قل لي أنك مصاب بإسهال كهذا ..أنت مطرود من شغلك يا عبدو ...! يا شيخنا ..ارسل لي أولادك ، و أولاد أختك كي يسحبوا هذا الخنزير ، عبدو ، المغمى عليه خارجا ..! احملوه كل في طرف ..و ارموه على حافة بركة الماء ..!
و عندما لم يستطع الأولاد الأربعة استنشاق رائحة براز عبدو ..فقد جرّوه جرا إلى شاطيء بركة الماء ، و ألقوا به مكبا على وجهه هناك .. بين ضحكات ، و سخريات كل من كان حوله .ناهيك عن هياج ، و ضحك ، الشيخ الأعمى الهستيري . و لولا حضور سعدى ابنة خالته ، في هذه اللحظة ...لما انكفات سخريات الجميع ، بتاثير نظرتها المؤنبة ، و المتوعدة ..! و انشغلت ، بحنان ، في عبدو الذي كان قد راح في غيبوبة على شاطيء المستحيل ..!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض


.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب




.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع


.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة




.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟