الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الثورة السورية بين العاملين الداخلي والخارجي

محمد أحمد الزعبي

2016 / 9 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


الثورة السورية بين العاملين الداخلي والخارجي
05.09.2016
د. محمد أحمد الزعبي
استمعت ذات مساء إلى برنامج خاص ب " المسألة السورية " في إحدى الفضائيات ، شارك فيه ثلاثة شخصيات سياسية سورية ، على دراية تامة بما جرى ويجري في شعاب بلدهم .
أصغيت وتابعت مداخلات ووجهات نظرهؤلاء الإخوة الثلاثة حول المسألة السورية وتعقيداتها ، بانتباه شديد ، فوجدت أن تلك المداخلات قد تركزت بصورة أساسية على دور (العامل الخارجي ) وبالذات على دورروسيا وأمريكا ، سواء في نفخ الطرفين المتواصل في كيرالصراع المسلح في سوريا بين النظام والمعارضة ، أو في المحاولة الأمريكية الحالية ( محاولة صح النوم ) لإيقاف هذه الحرب المجنونة ، التي أهلكت فيها الطائرات والأسلحة الفتاكة الروسية ( العامل الخارجي ) الحرث والنسل في سوريا ، غير عابئة بما يقوله عنها ويطلبه منها الآخرون ، وبمن فيهم الولايات المتحدة الأمريكية غير أن هذا العامل الخارجي ( روسيا ) وقف عاجزاً أمام صبر وصمود الشعب السوري ( العامل الداخلي ) وتحمّله ، وإصراره على شعارثورته الذهبي ، الذي مازال يحمله على كتفه منذ 18 أذار 2011 ألا وهو ( الموت ولا المذلّة ) .
يعرف الجميع كيف أن سياسة الرئيس أوباما حول نظام بشار الأسد كانت متناقضة وضبابية وكان ينقصهاـ قياساً على السياستين الروسية والإيرانية المناصرتين لبشار ، الوضوح والحزم . والآن ، وبعد أن طال أمد هذا الصراع ( الحرب ) بين النظام وحلفائه (كثيري العدد والُعُدد ) من جهة ، والمعارضة اليتيمة من جهة أخرى ، لأكثر من خمس سنوات ، ووصلت تكاليفه البشرية إلى الملايين بين قتلى وجرحى ومعتقلين ومهجرين ، ولاسيما بين المدنيين والنساء والأطفال، خرج علينا هذا (العامل الخارجي ) وهنا أمريكا وأوربا تحديداً ، من تحت الطاولة ، إلى ظهرها وشرعوا يوظفون جهودهم السياسية والدبلوماسية والعسكرية ، للعمل على إيقاف هذه الحرب ، ولكن ـ وحسب رؤية الكاتب ـ بعد فوات الأوان .
لقد كان تركيز مداخلات ضيوف البرنامج الذين أشرت إليهم أعلاه ،منصبّاً على دور العامل الخارجي في حل لغز الثورة السورية ( لقاءات أوباما وبوتين على هامش قمة العشرين في هانغتشو الصينية ، ولافروف وجون كيري في جنيف ، وعلى ورقة ديمستورا التي سيقدمها إلى مجلس الأمن الدولي في نيويورك ) أكثر من تركيزهم
(على دور الشعب السوري ( العامل الداخلي ) ، الذي هو من فجّرثورة آذار 2011 ، وهو المسؤول بالتالي عن مصيرها ، وليس بوتين ولا أوباما ، بل ولا حتى بشار الأسد نفسه الذي تحول الآن إلى مجرد رئيس عصابة طائفية ن لاأكثر ولا أقل .
لا أنكر من جهتي أهمية الدور الذي لعبه ويلعبه العامل الخارجي ( أمريكا ، أوروبا ، روسيا ، تركيا ، إيران ، السعودية ، الأردن ، إسرائيل ) فيما حدث لبلدي سورية وخاصة بعد قيام ثورة آذار2011 ، بيد أن ماأنكره هنا بل وأرفضه هو أن يتحول العامل الداخلي إلى ملحق سلبي وذيلي تابع للعامل الخارجي . إن ثورة آذار2011 ، هي في أساسها وفي جوهرها ، وكما يعلم الجميع ، ثورة الشعب السوري بغالبيته العظمى ، ضد طغيان عائلة الأسد التي مابرحت تحكمه وتتحكم به ( ماضياً وحاضراً ومستقبلاً ) منذ نصف قرن . علماً أن كلا الطرفين المتحاربين في سوريا ( المعارضة وعائلة الأسد) إنما يدخلان جغرافياً وتاريخياً في إطار مفهوم ( العامل الداخلي ) بغض النظرعن فساد النظام وطائفيته ، وطابعه الأمني ، والذي ـ ولهذا السبب ـ رفعت ثورة آذار 2011 شعار إسقاطه ( الشعب يريد إسقاط النظام ) ، واستبداله بنظام وطني مدني ديموقراطي و تعددي . يقوم على قاعدة راسخة وثابتة من المواطنة المتساوية والعدالة الإجتماعية .
إن مانرغب أن نقوله هنا ، هو أنه في قوانين علم الإجتماع ، عندما يوضع العاملان الداخلي والخارجي في كفتي الميزان النقدي ، فلابد أن تكون الأرجحية للعامل الداخلي على الخارجي ، ذلك أن عوامل الترجيح لا تقتصر هنا على " حق القوة " فقط ، وإنما على " قوة الحق" أيضاً و بصورة أساسية . ومن هذا المنظور الإجتماعي ، السياسي والأخلاقي ، فإن دورالعامل الداخلي ، في تقرير مصير ثورة آذار 2011هو ماتجاهله أو تجاوزه الإخوة الثلاثة ضيوف تلك الحلقة الخاصة بسوريا والتي تابعتها من جهتي على صفحة التلفاز في إحدى الفضائيات .

إنه بغض النظر عن أهمية اللقاءات والمباحثات الروسية الأمريكية حول المسألة السورية و التي تمت وتتم هنا وهناك ، في فيينا وفي جنيف وفي الرياض وفي موسكو وفي هانغتشو الصينية ، فإن ضيوف حلقة البرنامج المتعلق بالمسألة السورية ، الذين استمعت إليهم هذا المساء ، كانوا ( من وجهة نظري الشخصية ) يحوّمون حول الموضوع المتعلق واقعياً بمدنهم وقراهم ، دون أن يلجوا إلى دواخله وحاراته ، وبالتالي فإن موقفهم كان بالنسبة لي كمراقب ، لايختلف كثيراً ،عن موقف أي محلل سياسي أجنبي ( فرنسي مثلاً ) ، فيما لو طلب منه منظم البرنامج أن يبدي رأيه في المسألة السورية ، التي لابد أنه قد سمع من إشكالاتها وتعقيداتهاعبر وسائل الإعلام .

إن سوريا أيها الإخوة المشاركون في البرنامج ،هي بلدكم أنتم ، وليست بلد لافروف وجون كيري ود يمستورا وبان كيمون ، وإن رؤية ابن البلد ( الداخل ) لما يجري في بلده ، لابد وأن تكون مختلفة ، طولاً وعرضاً وعمقاً ، عن رؤية الغريب ( الخارج )، حيث ،( أهل مكة أدرى بشعابها ) ، مع كامل تقديرنا لدقة كمرات طائرات هذا الخارج ، أكانت بطيار أو بدون طيار ، وأيضاً لذكاء صواريخهم الحاد ، ولدور مراكز أبحاثهم التي لاتعد ولا تحصى ، والتي لاتترك صغيرة ولا كبيرة في العالم إلاّ أحصتها ،. ومنه سوريا .

نعم لقد كان لدخول القوات العسكرية المدججة بالخبرات وبمختلف أنواع الأسلحة ، ولا سيما إيران وروسياوالعراق وحزب الله اللبناني ( العامل الخارجي ) على خط هذا الصراع الداخلي ، إلى جانب نظام بشار الأسد ، أكبر الأثر في الوصول إلى هذه الحالة من الاستعصاء والقتل والتدمير التي وصلنا إليها اليوم ، بل وفي خلق ذلك الثقب الأسود في جسد الأمة و الثورة ، المسمى " داعش " ، بيد أنّ كل هذا لايعطي لأحد الحق في أن يتجاوز تلك القاعدة العلمية والعملية الذهبية ، التي عادة ، بل غالباً ، ما تعطي لـ ( ا لعامل الداخلي ) أرجحية الحسم ، على العامل الخارجي ، في مثل هذا الصراع الاجتماعي . هذا مايقوله علم الإجتما ع ، وهذا ما يقوله علم الديالكتيك الماركسي ، وهذا مايؤكده الواقع الميداني على الأرض في سوريا .












التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. خبراء عسكريون أميركيون: ضغوط واشنطن ضد هجوم إسرائيلي واسع بر


.. غزة رمز العزة.. وقفات ليلية تضامنا مع غزة في فاس بالمغرب




.. مسيرة إسرائيلية تستهدف سيارة مدنية شمال غرب مدينة رفح جنوب ق


.. مدير مكتب الجزيرة في فلسطين يرصد تطورات المعارك في قطاع غزة




.. بايدن يصف ترمب بـ -الخاسر-