الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هوامش على كتاب سمير امين وفرانسوا اوتار ( مناهضة العولمة – حركة المنظمات الشعبية في العالم ) (1/3)

معقل زهور عدي

2005 / 12 / 24
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


أولا : حول المؤلف سمير أمين :

سمير امين مفكر عربي وعالمي بارز من مصر يعتبر الكتابة جزءا من النضال ، وهو أحد القلائل من المفكرين الذين يجمعون بين الرصانة العلمية والحماس للقضايا الاجتماعية والوطنية-القومية والانسانية ، مثله في ذلك مثل برهان غليون ، سوى ان تجربته تمتاز باتساع أكبر حيث *عمل مستشارا اقتصاديا فى مالى والكونغو برازافيل ومدغشقر وغيرها من الدول الأفريقية الناهضة، وخاصة فى الستينيات. كما عمل مديرا لمعهد الأمم المتحدة للتخطيط الاقتصادى IDEP بداكار لعشر سنوات طوال السبعينات، حيث تصدى لمقولات عديدة سائدة عن التنمية والتحديث وخطط المؤسسات المالية الدولية، وشارك أثناء عمله هذا فى تأسيس منظمات بحثية وعلمية أفريقية مثل المجلس الأفريقى لتنمية البحوث الاجتماعية والاقتصادية (كوديسريا) ومنتدى العالم الثالث، وهى المنظمات التى مازالت تقود حركة البحث والحوار الثقافى التقدمى فى أفريقيا حتى الآن. وبعودته إلى مصر والعالم العربى مع نصوصه المترجمة من اللغات الأخرى للعربية أو بأصولها العربية منذ أواخر الثمانينات، واصل حواره ومشاركته فى تعميق الحوار العلمى والثقافى فى مصر والعالم العربى وخاصة منذ توليه رئاسة مركز البحوث العربية والأفريقية بالقاهرة رغم بقائه رئيسا لمنتدى العالم الثالث بقسمه الأفريقى فى داكار.
لقد هيئت المساهمات الفكرية المبكرة لسمير امين ( التطور غير المتكافىء ، التراكم الر أسمالي على الصعيد العالمي ، نظرية المركز والأطراف ) الأرضية له ليحتفظ بآخر كلمة للفكر الماركسي قبل انهيار التجربة السوفييتية ، خاصة وانه اتخذ مسبقا موقفا نقديا تجاه التجربة السوفييتية وتنبأ بسقوطها ، وهكذا استطاع من موقعه استعادة المبادرة ليتقدم باتجاه ملاقاة الصراع الاجتماعي الذي بزغ مجددا عبر تيارات مناهضة العولمة انطلاقا من سياتل 1999 ، ورغم تقدمه في العمر ( 74 عاما ) فقد ساهم مساهمة جدية في انهاض اليسار من كبوته واعادة اكتشاف مفاهيمه الاساسية في الصراع العالمي الجديد . ويمثل كتابه المشترك مع فرانسوا اوتار مثالا لذلك.

ثانيا : عودة الصراع الاجتماعي – الملامح والدلائل .

تميز النصف الثاني من القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين بتصاعد الصراع الاجتماعي في اوربة البورجوازية ، وقد دفع تصاعد ذلك الصراع بالافكار الاشتراكية نحو الأمام ، وتم تأسيس الأممية الأولى ثم الثالثة مع انتصار الثورة البلشفية في روسيا ، وبين الحربين العالميتين استمر الصراع الاجتماعي على أشده مهددا البورجوازية الأوربية بمصير مشابه لروسيا خاصة ألمانيا .
بعد الحرب العالمية الثانية واقرار الدول المتحالفة ضد النازية للاتحاد السوفييتي بنفوذه في شرق اوربة تخامد الصراع الاجتماعي داخل اوربة وحصلت الطبقات العاملة على مكاسب هامة سمح بها النمو الاقتصادي الكبير ، وبدأت بؤر التوتر بالانتقال نحو بلدان العالم الثالث ، حيث شهدت معظم تلك البلدان بعد الاستقلال انقسامات وصراعات اجتماعية ذات صلة بانقسام النظام الدولي الى معسكرين وما مثلته التجربة الاشتراكية السوفييتية من وهج فكري وجذب سياسي للمثقفين والطبقات العمالية والفلاحية .
منذ الثمانينات بدأ المناخ السياسي يتجه عموما نحو تخامد الصراعات الاجتماعية على نطاق العالم ، ومع انهيار التجربة السوفييتية ظهر وكأن عصر الصراعات الاجتماعية الكبرى قد انتهى ، وكتب فوكوياما عن نهاية التاريخ معتبرا ان الرأسمالية قد انتصرت للأبد .
مع نهاية التسعينات وبالتحديد من سياتل 1999 عادت موجة جديدة من الصراع الاجتماعي بالظهور ، بدأت ملامحها تترسخ من سياتل 1999 الى جنوا 2000 الى بورتو اليغري 2002 الى مومباي 2004 الى بورتو اليغري 2005 ، وبين تلك المحطات خرجت الملايين الى الشوارع بطريقة غير معهودة احتجاجا على الحرب والعسكرة والنيل من مكتسبات الطبقات العاملة وتدمير البيئة والتهميش الخ ...
لقد أيقظ هذا الصراع وعيا جديدا عبر عن نفسه في التيارات التي التقت حول مناهضة العولمة ، وبدأ الوعي الناشىء يبحث بسرعة عن أدواته الخاصة ، وتمثل ذلك البحث في تشكيل المنتديات الاجتماعية العالمية والاقليمية ومنها المنتدى الاجتماعي للبدائل الذي صدر عنه الكتاب ( مناهضة العولمة – حركة المنظمات الشعبية العالمية ) .
تعبر الاسئلة المطروحة عن حاجة الحركة الاجتماعية الجديدة لمراجعات نقدية وابداع فكري يتجاوز الأطر التقليدية السابقة ، ويمثل ذلك أحد أهم التحديات التي تواجه تيارات مناهضة العولمة ، ومثلما يحدث دائما في التاريخ تشكل الصراعات الاجتماعية المهماز للفكر الانساني الذي يعود لتغذيتها بعد ان يندفع نحو الأمام .
ثالثا : عولمة المقاومة :
حددت حركات مناهضة العولمة موقفها المبدئي بمعارضة الليبرالية الجديدة السائدة على نطاق العالم باعتبارها لايمكن ان تنتج سوى مانراه حاليا وهو استقطاب الثروة والتدهور في احوال شعوب بكاملها ، وتنامي النزعة العسكرية ( عسكرة العولمة ) ، والاحتلال ،واضطهاد امم بأكملها ، وتدهور أحوال العمال والفئات الوسطى ، والنساء ، والسكان الأصليين ، وتفكيك الخصائص الثقافية للجماعات المختلفة ، وتدمير البيئة ، وتسليع الحاجات الانسانية (مثال الماء ) ، وتنميط الثقافة ..الخ..
لقد أصبح ضمير البشرية مثقلا الى درجة أنه لم يعد قادرا على الصمت والتحمل ، ويوما بعد يوم تظهر حركات مناهضة العولمة تصميما أكبر على المواجهة ( المواجهة الأخيرة في هونغ كونع ) وتستقطب شرائح اجتماعية أوسع فأوسع من كل قارات العالم من سياتل الى جنوا مرورا بكويبك وبرشلونة وجو هانسبورغ الى بورتو اليغري مرورا بباماكو وفلورنسا وحيدر آباد والمظاهرات المليونية في لندن وعواصم اوربية والاحتجاجات واسعة النطاق في امريكا ضد الحرب في العراق .
تطرح عولمة المقاومة مسألة خصوصية أشكال الصراع الاجتماعي في مناطق محددة من العالم ( مناهضة الاحتلال في العراق وفلسطين والديمقراطية السياسية والنضال من أجل الحريات وحقوق الانسان ومناهضة الاستبداد في المنطقة العربية ) وربط تلك الخصوصيات بالمجرى العام لمناهضة الليبرالية الجديدة وهيمنتها العالمية ( الانتقال من الخاص الى العام ) كما تطرح ضرورة التعبئة العالمية لدعم خصوصيات الصراع في المنطقة العربية ( من العام الى الخاص ).
تظهر التيارات الليبرالية الجديدة في سورية والمنطقة العربية ( اليسار الليبرالي ) تجاهلا مطلقا ومقصودا تجاه الممارسات الوحشية العسكرية ل الليبرالية الجديدة وجناحها المهيمن في الادارة الأمريكية فهي لاترى ولاتسمع قصص القتل والتدمير والتعذيب في العراق على سبيل المثال حيث بلغ عدد القتلى المدنيين 100000 قتيل وفقا لمؤسسات بريطانية مستقلة و30000 قتيل حسب جورج بوش ، وتدمير جزء هام من مدينة الفلوجة واستعمال الغازات السامة فيها ، والتعذيب الممنهج في سجن ابوغريب .
هكذا يشبه حال الليبرالية السورية الجديدة واضرابها حال التمثال الذي يضعه الموظف الصغير في مكتبه ( لا أسمع ، لا أرى ، لا اتكلم ) ، ويكفي هذا التواطؤ ليظهر عمق اللوثة الأخلاقية لتلك التيارات في سعيها للتماهي مع الليبرالية الجديدة الأم .

هوامش :
* حلمي شعراوي – سمير أمين مفكرا عالميا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المغرب: حملة -تزوجني بدون مهر-.. ما حقيقتها؟ • فرانس 24 / FR


.. كأس أمم أوروبا 2024: ديشان يعلن تشكيلة المنتخب الفرنسي.. ما




.. هل تكسر واشنطن هيمنة الصين بالطاقة النظيفة؟


.. سكان قطاع غزة يعانون انعدام الخيام والمواد الغذائية بعد نزوح




.. إسرائيل تقدم ردها لمحكمة العدل الدولية على طلب جنوب إفريقيا