الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة في رواية الشرنقة و الفراشة للروائي محمد زهرة ، للدكتورة : عائشة مشيش .

ميشيل زهرة

2016 / 9 / 8
الادب والفن



في هذه الرواية هدفٌ سامٍ ، لا شكَّ في ذلك ، إنَّ الروح النقيّة التي سيطرتْ على بوذا وغاندي ونيلسون منديلا وجبران خليل جبران وميخائيل نعيمة ، هي نفسها الروح التي سيطرت على هذه الرواية، لا يختلف اثنان في أنَّ هذه الروح تهدف إلى إيجاد قوي المحبة والسلام .. بين الأفراد في المجتمع الواحد ، و بين المجتمعات في كلّ العالم ، تهدفُ إلى إيجاد التصالح مع الذات الذي هو التصالح مع الكون وروح الحياة ، أملاً في عيش حياة أفضل تشوبُها السعادة إنْ كانَ هناك سعادة.
هذه الفكرة ليست جديدة لِمنْ اطلع على هذه الفلسفة ، أقصد فلسفة المُصلحين الصادقين ، لكنّ الجديد فيها خلقُ روايةٍ من طرفك ، أحداثٍ من مخيلتك ، شخوصٍ ايضا ، و أماكن من ، أسلوبٍ نوعًا ما منك ، والأهمّ فهمك العميق لهذه الفلسلفة ، والأهمّ – على ما يبدو – أنّك لم تعتمد في فهمك لهذه الفلسفة من الكتبِ وحدها ، بل أعملَت التأمل فيما تقرأ ، وفي العالم من حولك ، وفي الحياة وفي الكون، أردت أنْ تظهر لنا سلبيات الحضارة التي وصل إليها الإنسان رامزًا بتلك الحضارة إلى شخصيّة الحفيد مجهول الأمّ والأبّ والذي كان يعيشُ مع جدّه وجدته اللذين أخذا من الثقافة ما أخذا ، وأخذا من الحضارة ما أخذا ، وهو نفسه الحفيد أخذ من الثقافة ما أخذ ، فهو طالبٌ في كليّة الفلسفة في المدينة التي تبعدُ على القريّة التي جرت بها الأحداث، وأراد أنْ يقولَ إنَّ الحضارةَ تتدخلُ في كلّ شيء مُعتقدةً أنّ هذا خير ، في حين أنّه الشرّ كلّ الشر ، إنّها تتدخلُ في المسار الطبيعيّ للأشياء ، تتدخلُ في حركة الكون الطبيعيّة فتفسد أكثر مما تصلح، كتدخلنا في اليرقة وهي في الشرنقة قبلَ أنْ تصبحَ فراشةً ، نعتقدُ أنّ الشرنقة تخنق اليرقة في حين أنّها تغذيها وتحفظ سلامتها كما نحنُ داخلَ الأرحام، نتدخل لإنقاذ اليرقة ساعينَ إلى الخير سعيًا ، وبتدخلنا أمتْنا اليرقة، عرقلنا الحركة الطبيعيّة للكون المُتجسدة باليرقة وشرنقتها، بدافعٍ من تربيتنا المستمدّة من ثقافتنا وحضارتنا ، التي تدعي الصحة في الأقوال والأفعال حتى لو جاءت النتيجة شريرة، وكما هي الشرنقة تعدّ مشيمةً مُغذيّةً لليرقة ، كما هو الرحم والحبل السريّ مغذيانِ لطفل الإنسان بإكسير الحياة ، أيضًا فإنّ للإنسان عندما يُقذف إلى رحم الحياة مشيمةً وشرنقةً هي غلاف الكون الذي يمدّنا بتربوياته وأدبياته ، إنّه غذاءٌ فكريٌّ يمدنا بأدبيات الحياة لا بأدبيات البشر ، شرنقة الكون التي تغلّفنا وتغلّف الكائنات الأخرى من حولنا تغذينا بالجمال والخير ، من خلال سلوكيّات الكون الباطنة في إحساسنا ، الظاهرة في الغروب ، في القمر ، في النسيم ، في الأشجار وقت الخريف والشتاء ، في أولّ الفجر وآخر الليل ، لكنّ تشريعات البشر قد تعرقلّ هذا كلّه ، تعرقله عندما نستمدُّ غذاءنا الروحيّ من تشريعات بشريّة جامدة معارضة لتشريعات الكون، عندما نتعلم حريتنا من هذه التشريعات لا من تشريعات الكون الطبيعيّة التلقائيّة .

قلتُ إنَّ الحضارةَ بدافعٍ من الخير أو الشرِ قد تتدخلُ في المسار الطبيعيّ للأشياء، لهذه الدوافع الخيّرة كلّها من وجهةِ نظر صاحبها ، أراد الجدّ والجدّة والأرملة ( يمثلون الحضارة ) ، أنْ يأخذوا آدم الطفل ، ابن الراعي الأخرس والأنثى التي نشأتْ في الغابة بلا تربيّة ، أرادوا أخذه لتربيته وامتلاكه بحجة أنّ والديه لن يستطيعا تربيته تربيةً حضاريّةً حديثة، خصوصًا أنّ الطفل آدم تم الحملُ به بطريقة غير شرعيّة ، فلم يبارك زواج والديه كاهنٌ ولم يشهد على زواجهما بشر ، إنّما كان الشاهد على ذلك الطبيعة ، روح الكون ، الله الحقيقي الكونيّ لا الله القابع في التشريعات، وبمباركة الكاهن أو الشيخ، لذلك فإنّ زاوجهما كان أقرب إلى الله ، في حين يعتقد الناس أنّه زواجٌ حرام، ولذلك فإنّ ابنهما كان أقرب إلى الله وروح الكون والطبيعة ، في حين أنّ الناس كان يرونه ابن حرام ، وبهذا المعنى مَنْ يعدّ ابنًا شرعيًا لدى الناس هو في الحقيقة ابن حرام ، وما يعدّ ابن حرامٍ لديهم هو في الحقيقة ابن الحلال الحقيقي لقربه من الطبيعة والبساطة المتمثلة في الحيوانات أكثر من الناس، أرادوا أخذ الطفل ، ففي عقيدتهم أنّ والديه الجاهلين البريين الغابيّين البدائيين لن يوفرا له السعادة، وغاب عن أذهانهم أنّ هذه الأسرّة البسيطة الجاهلة البريّة كانت سعيدة أكثر منهم إذ لم تلوّثها الحضارة ولا تشريعاتها ، صفوّة القول الذي أردت ان تقوله : " لا تتدخل في المسار الطبيعيّ للأشياء ، ففي ظنّك أنّ هذا المسار يتجه نحو التعاسة ، في حين أنه قد يتجه نحو السعادة ، في ظنّك أنّ أبطال هذا المسار تعساء ، في حين أنّهم أكثر سعادة منك بكثير حتى لو رأيتهم في كوخ قذر وكنت في قصر. " . .......
Michael Zahra








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض


.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب




.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع


.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة




.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟