الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البصرة - تتونس - وكركوك تدفع الخاوة ..!

هادي فريد التكريتي

2005 / 12 / 24
حقوق الانسان


هذا المثل الشعبي العراقي ، الذ ي جعلته عنوانا لموضوعي ، حاولت أن أحرف كلماته ، مع الإبقاء على الغرض الذي يقصده ، وأخفف من تجاوز حروفه على الذوق العام ، التي تخرز عين القارئ بما فيها من قبح ، إلا أن الحقيقة هي دائما وعرة الهضم على من يحاول أن يجانبها بتعسف ، فليعذرني القارئ إن استخدمت كلمة " يتونس " خفيفة الظل ، والجميلة عندما تنطلق ، باللهجة العراقية " المتبغددة " بعذوبة وعفوية من بين شفاه العراقيين والعراقيات ، صغارا وكبارا على حد سواء ، عندما يطلقونها على لهوهم ، أو عندما يحاولون قضاء وقتهم في تسرية نفوسهم المحاصرة بالهموم ، فهنا ألبست هذه الكلمة وحملتها معاني الكلمة القبيحة ، التي يخدش صوتها أذن سامعها ، وتجرح حياء العذارى , وعين من يقرأها ، ولكن أملي أن أجد من القارئ عذرا ، فالأمثال تضرب للدلالة على الهدف والمضمون ، وليس على الحقيقة الحرفية للمثل ، ومأساتنا نحن العراقيين عصية على الحل في مثل واقعنا الراهن . أقول الفساد قد عم واستشرى بين رجال الحكم والمسؤولين ، وحديثي ليس عن النظام السابق ورجاله فهذا شأن قد استغرق عشرات السنين من النهب و" السلبطة " على حقوق الآخرين ، إلا أني أتحدث عن عصرنا الأمريكي ، الطائفي والقومي ، الجديد ، فخلال السنتين والنصف المنصرمة ، تشكلت طبقة مترفة ومتخمة الغنى ، وأصبحت تمتلك ملايين ، إن لم تكن مليارات الدولارات الأمريكية ، وليس الدنانير العراقية ، نتيجة لنهب المال العام السائب ، والتهريب الذي شمل كل السلع ، من العراق إلى الدول المجاورة الشرقية والغربية ، وإلى العراق من هاتين الجهتين ، وخصوصا النفط ، لو تعقبنا طريق خروجه خاما ، وعودته مشتقات نفطية مختلفة ، لوجدنا الإشراف على تهريبه ، علنا ، يتمركز بيد أمراء المليشيات وقادة الأحزاب الحاكمة والمتنفذة في الوزارات والمؤسسات الأمنية ذات الارتباطات المشبوهة علانية ، بجهات إما أن تكون إيرانية أو عربية أو أمريكية ، وهذه الجهات الثلاث ليس من مصلحتها استقرار العراق ، ولا ازدهار حياته الاقتصادية ، وبالتالي تسعى ، هذه الجهات ، متواطئة مع الحكومة ومراكز اتخاذ القرار ، لأن يبقى الشعب العراقي بعيدا عن استغلال ثرواته بمختلف الأشكال والصور ، يعتاش على صدقات المتصدقين والدول المانحة ، وعلى ما يقدمه البنك الدولي بشروطه الجائرة ، وبفوائد عالية ، على القروض وعلى الديون ، التي بذمة العراق وفوائدها المتراكمة للدول الدائنة ، مثل الشقيقة إيران ، وما تطالب به هي ، من تعويضات للحرب بمبالغ طائلة واجبة الدفع ولها الأولوية ، خصوصا إذا كانت حكومتنا هي من تتصدر المطالبة قبل أن تطالب بها الشقيقة ، وهكذا تبقى الخزينة على الدوام فارغة ، وليس من يملأها غير فرض ضرائب جديدة ، مباشرة وغير مباشرة على السلع الاستهلاكية ، وهذا ما أقدمت عليه الحكومة الحالية ، وقررته عندما رفعت تسعيرة الوقود ثلاثة أو أربعة أضعاف على ما كانت عليه ، وهذا ما يؤثر بشكل مباشر ومحسوس على مستوى حياة العائلات الفقيرة والشعبية ، لاستخداماتها الكثيرة والمتفاوتة لهذه المادة الهامة يوميا، في الطبخ والتدفئة والتنقل ، وما يترتب على هذه الزيادة من رفع في الأسعار لكافة السلع ، المصنعة محليا والمستوردة على حد سواء ، وهذا ما وحد الشارع العراقي بوجه الحكومة الطائفية ، أكثر مما لعبت ، هي ، على فرقته وترسيخه أثناء الانتخابات ، فانطلقت الجماهير الشعبية يوحدها الدفاع عن مصالحها ضد إجراءات رفع الأسعار التعسفية ، في مظاهرات واعتصامات ، من شمال العراق لجنوبه ، لمقاومة هذا الهجوم على لقمة العيش . إن الحكومة تتذرع بذرائع واهية وغير منطقية عندما تحاول تبرير الزيادة في الأسعار ، فالعراق بلد منتج للنفط ، والنقص الحاصل في مشتقاته ، يمكن تلافيه خلال أشهر قليلة لو كانت الحكومة حريصة على حل مشاكل الشعب ، حيث كان بالإمكان بناء أكثر من مصفى خلال الفترة المنصرمة ، وهذا ما يحول دون وقوع أزمات ، وبنفس الوقت يخفف من أزمة البطالة ، وتنتفي الحاجة لاستيراد ما يحتاجه العراق من المنتجات النفطية ، إلا إن الفساد المستشري داخل أجهزة الدولة ، واعادة تهريب ما هو مستورد ، يدر أرباحا مضاعفة وأسرع ، وبعيدا عن كل إشراف للدولة وأجهزتها فيما لو بوشر في البناء بمصاف جديدة ، خصوصا عندما تكون الفترة الزمنية للوزراء قصيرة في موقع النهب ، ولا أحد يتكهن بظروف بلد وضعه السياسي غير مستقر ، فاليوم لي وغد بظهر الغيب . إن الاموال المسروقة والمنهوبة من قبل الوزراء والمتنفذين في الدولة ، ومن قادة المليشيات وأمرائهم ، وعصابات التهريب ، الرسمية وغير الرسمية ، يدفع الشعب استحقاقاتها ، من لقمة عيشه ، وعلى حساب أمنه ، وتعليم اطفاله ، وصحة وعلاج مرضاه . سنشهد استمرارا لتدني أوضاع الجماهير االمعاشية ، لفترة الحكم اللاحقة ، فتشكيلة الحكومة القادمة هي من نفس النسيج السابق ، إذا ما نهجت نهج سلفها في التغاضي عن الوضع المعاشي المزري لعموم العراقيين ، وتسترت على بؤر الفساد والرشوة والتهريب ، فالقادم من الأيام يؤشر على المزيد من البؤس والحرمان ، ونقص في الخدمات وغلاء الأسعار ، والمحطة اللاحقة ستلغى البطاقة التموينية ، على الرغم من قصورها في معالجة الأوضاع المعاشية للجماهير المسحوقة ، ويفسح في المجال للقطط السمان الجدد ، لأن تعبث باقتصاد البلد وأمنه ، ولا من يدفع الثمن ، غيرالضحية ، الشعب العراقي لا غيره ، وآنئذ تنطبق حكمة المثل الشعبي العراقي ، على واقعنا في ظل الحكومة الطائفية القادمة ( البصرة " تتونس " وكركوك تدفع الخاوة ) .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المئات يتظاهرون في إسرائيل للمطالبة بإقالة نتنياهو ويؤكدون:


.. موجز أخبار السابعة مساءً - النمسا تعلن إلغاء قرار تجميد تموي




.. النمسا تقرر الإفراج عن تمويل لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفل


.. طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة يعيش حالة رعب ا?ثناء قصف الاحتل




.. النمسا تقرر الإفراج عن أموال -الأونروا- التي تم تعليقها سابق