الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا ثار الشعب السوري : الحياة الحزبية ازدهرت في بداية القرن الماضي واختفت في الحالي .

كرم خليل

2016 / 9 / 9
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


عاشت سورية منذ بدايات القرن المنصرم حياة حزبية غنية وعريقة ترافقت مع انتشار واسع للجمعيات والمنتديات التي اهتمت بالشأن السياسي الداخلي والإقليمي بشكل مباشر ومنذ العشرينات تواجدت الأحزاب بشكل فاعل داخل سورية، كحزب الإصلاح السوري وحزب الشعب والاستقلال إضافة إلى العديد من الجمعيات كجمعية العهد والعربية الفتاة وغيرها. وقد أنبتت هذه الحياة الغنية بدور مفهوم السيادة الوطنية ومفهوم الارتباط القومي، كما ساهمت في النضال من اجل الاستقلال عن فرنسا وإنجاز التنمية الوطنية وفي الاستقطاب الإقليمي بين المحورين السعودي المصري من جهة والعراقي الهاشمي من جهة ثانية
وتم تقنين العمل الحزبي فقد كانت وزارة الداخلية هي المخولة بإعطاء التراخيص اللازمة لتكوين وإنشاء الأحزاب السياسية، ويذكر البعثيون جيداً تاريخ العاشر من تموز عام 1945 حين رفضت الوزارة المذكورة منح الترخيص لحزبهم ومع ذلك فقد تجاوز البعثيون هذا الرفض ومارسوا العمل السياسي بحرية كامل
ومع إعلان الوحدة مع مصر في 22/2/1958 صدر قرار بحل كافة التنظيمات السياسية في سورية، لكن البعث وبعد اشهر قليلة بدأ بمهاجمة جمال عبد الناصر وأنشأ لجنة عسكرية سرية وأعاد تنظيمه داخل الجيش. لقد أحس البعث حينها أن عبد الناصر قد سحب الجماهير من تحت كل الأحزاب السياسية وتأكد هذا الشعور في انتخابات الاتحاد القومي في 8/7/1959 حيث حصل البعث على 250 مقعد من اصل 9445 مقعداً مخصصاً للإقليم الشمالي.
وبعد الانفصال تحول الصراع الحزبي من صناديق الاقتراع إلى فوهات المدافع والقنابل والدبابات واستطاع البعث أن يسيطر على الحكم في 8/3/1963. وبعد محاولة جاسم علوان والمجزرة التي أعقبت هذه المحاولة مورس قمع هائل على كل أشكال الحراك السياسي كان الغرض منها تجفيف منابع الحياة السياسية بشكل عام (بما فيها البعث نفسه) لصالح الجيش والأجهزة.
أما المعارضة فقد انقسمت في طريقة تعاملها مع هذا الواقع فاختار بعضها دخول دوامة العنف فتعرضت للسحق والإقصاء الدموي الشامل والبعض الآخر تحول إلى ممارسة العمل السياسي السري ونال نصيبا لا بأس به من الضربات المتلاحقة فعانى أيضا من الاعتقال والملاحقة.
وحتى تصبح مقاربة التجربة الحزبية في إطارها المجتمعي السوري ممكنة، سيكون علينا أولا أن نعين مفهوم الحزب، من خلال فهم بنيوي وشامل لمصطلح الحزب السياسي، وهو الفهم الذي يكشف لنا الجهوزية التي تم فيها استقدام المفهوم من أصله الأوروبي، والنقص في تعريفاته الدارجة في أنه مجموعة محددة من الأفراد تجتمع على تصور فكري محدد، وآلية أو نظام داخلي محدد لآليات لتعامل مع البنية الكلية للمجتمع بأبعاده الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.
إن الحزب و فق المنهجية الشاملة والبنيوية التي أردناها تصل إلى مستوى أعمق تضيف للفهم الدارج أن الحزب أولا هو ذلك الشكل الحديث والبناء التاريخي الذي كانت له شروطه المعرفية الخاصة، حيث هو وليد المرحلة التاريخية التي أفرزتها عصور النهضة والتنوير والثورة الصناعية في أوروبا، وهذه العصور التي أنجبت واحتضنت عملية تغير المعرفة بشكل ثوري، حيث تهدمت كل الأسس والأركان السابقة للمعرفة الإنسانية في شكلها ومنهجها ومرجعياتها المؤسسة على النص الديني المغلق، وأصبح الفرد ولأول مرة مصدرها ومحددها وغايتها، وقد حدث ذلك بالتزامن مع حالة قطيعة معرفية ونفسية مع الإرث السياسي الإنساني في أشكاله وتعريفاته للإدراك والتفكير والمعرفة، والبنى العقلية والنظم المعرفية بوصفها عوامل ضبط جذرية للوجود بالمعنى الفلسفي والاجتماعي للكلمة، وأصبح الفرد يشكل أساس وهوية الإطار السياسي والثقافي وديناميكيته على جميع مستويات الممارسة الاجتماعية.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما حقيقة فيديو صراخ روبرت دي نيرو في وجه متظاهرين داعمين للف


.. فيديو يظهر الشرطة الأمريكية تطلق الرصاص المطاطي على المتظاهر




.. لقاء الرفيق رائد فهمي سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي


.. United Nations - To Your Left: Palestine | كمين الأمم المتحد




.. تغطية خاصة | الشرطة الفرنسية تعتدي على المتظاهرين الداعمين ل