الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صور من المقالب الآخرى

خالد قنوت

2016 / 9 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


شاب لأبوين موظفين, الأب مهندس و الام مدرسة, لا تكفي مدخراتهم المادية لاستكمال الشهر المالي دون استدانة و بعض المساعدات العائلية, لكنها عائلة سورية مكافحة تعيش في الساحل السوري و تحمل من القيم الانسانية و الاخلاقية كأي عائلة سورية متوسطة الدخل عالية التحصيل العلمي. هنا مفهوم الدخل المتوسط يختلف عنه في بقية دول العالم. الدخل المحدود في سورية يعني انه لا مدخرات لا أمل بطبختين لحمة خلال الشهر و فاكهة لمرتين في الاسبوع و يعني التجول في الشوارع لعدم امكانية الذهاب لسيران مشاوي خلال سنتين من التوفير.
الشاب الصغير لا يحب الدراسة و يعشق الاقامة في الازقة و الحارات و لعب كرة القدم و التدخين في الزوايا بعيداً عن عيون امه.
بعيداً عن ملاحقات امه للدراسة تحضيراً لامتحانات الثانوية العامة, يذهب من عدد من ابناء جيله إلى احد المشايخ كي يبارك لهم اقلام الحبر التي سيحملونها خلال الامتحانات علها تجيب على كل الاسئلة بفضل دعاوي و تجليات الشيخ المشعوذ.
و بعيداً عن تساؤلات والده ينظم مع مجموعة من اولاد الحارة رحلة تعفيش إلى حلب طمعاً باغراض النازحين و المهجرين و الحصيلة المتوقعة مبلغ مئة ألف ليرة.
الأب المقموع طوال عمره و المثقل بديون مالية لاستكمال حياة عائلته العادية جداً و العامل كمهندس مع حالة بطالة مقنعة يعيشها معظم المهندسين السوريين منذ حكم الطاغية حافظ الأسد, لكنه حر و لا يقبل الخضوع لاغراءات الرشوة و التسلق الوظيفي و كتابة التقارير بزملائه, ماذا سيحدث له عندما يعرف برحلة ابنه التعفيشية؟
الأم المربية و التي تعاني قهراً مهنياً منذ بداية العام الدراسي و حتى تهديدات تتلقاها خلال مراقبتها لامتحانات الشهادة العامة من الطلاب و من أهلهم و من بعض السلطات المسؤولة, لكنها حرة و لن تقبل بالخطأ و لا أن تنقلب قاعات الامتحانات لساحات سرقة للعلم و الاجابات و الغش الرائج, ماذا سيصيبها عندما تعرف أن ابنها سيذهب لحلب ليعفش اغراض سوريين عانوا كما عانت هي من حكم الأسد و عصاباته؟
الصورة على المقلب الآخر
شاب من حلب بنفس العمر والداه لا يختلفان عن أهل شاب التعفيش في حياتهم السورية الطبيعية و المنفتحة على العمل و العلم و الأدب و الفن قبل أن تنالهم آلة النظام الأسدي من جهة و تنظيمات التطرف و الارهاب من جهة أخرى من تدمير بيتهم و نزوح العائلة باربعة اتجاهات في هذا العالم و بضياع مستقبله في الدراسة و التحصيل العلمي ليكون لقمة سائغة لفكر التطرف و القتل و الخلافة و الثأر و الانتقام من الجميع.
ماذا ستكون الصورة عندما يلتقي شاب التطرف بشاب التعفيش بين انقاض البيوت المدمرة في حلب و أي مستقبل لسورية ينتظرنا كسوريين أمام جيل من التطرف و جيل من التعفيش هما نتاج حقيقي و مر و مدمر لهوس ابناء حافظ الأسد في قتل السوريين و تدمير سورية و تعذيب أهلها و تهجيرهم من وطنهم بعد أن عاثوا بها لصوصية و مؤامرات و تحطيم للهوية الوطنية و تسليمها نهائياً لكل من له مصلحة في هذه الأرض.
سورية اليوم و غداً, أمام موجة عاتية من الكوارث و المشاكل الاجتماعية و الاقتصادية و السياسية و لو سقط أو رحل النظام المجرم اليوم فمالذي سيفعله كل سوري من أجل انقاذ مئات آلاف الشباب السوري في الداخل و الخارج من وحوش التطرف و الارهاب و التعفيش و اللصوصية و التخفف بكل القيم الاخلاقية و الانسانية و الوطنية؟
صحيح, اننا اليوم خارج كتابة معادلات الحل الوطني و لكننا متورطين بشكل أو بآخر بإعادة بناء سورية و بناء الشخصية الوطنية السورية التي تحطمت في العمق بعد عقود من حكم الطاغية الأب و تكسرت بالشكل و المضمون بعد ست سنوات من حرب عصابات الأسد على الشعب السوري.
أيها السوريون, ستبدأ ثورتكم الحقيقية يوم يسقط أو يرحل نظام الأسد الخائن, لكن لا مناص عن سقوطه أو رحيله أولاً. هل لديكم خطة عمل لسورية أم أنكم تنتظرون اتفاق روسيا و امريكا على كتابة مناهج ابنائكم الدراسية؟؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس وإسرائيل.. محادثات الفرصة الأخيرة | #غرفة_الأخبار


.. -نيويورك تايمز-: بايدن قد ينظر في تقييد بعض مبيعات الأسلحة ل




.. الاجتماع التشاوري العربي في الرياض يطالب بوقف فوري لإطلاق ال


.. منظومة -باتريوت- الأميركية.. لماذا كل هذا الإلحاح الأوكراني




.. ?وفد أمني عراقي يبدأ التحقيقات لكشف ملابسات الهجوم على حقل -