الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


داعش ودولة الخلافة الإسلامية :آخر نتاجات الحرب الباردة

فرج الحطاب

2016 / 9 / 9
مواضيع وابحاث سياسية




قد يكون العنوان غريباً بعض الشئ، ولكن حين نحلل الخطوط الرئيسة لمعادلة الإسلام الراديكالي المتشدد واستفحاله في واقعنا اليوم، سنجد ان هذا التحليل يقودنا الى هذا الاستنتاج حتماً. فخلال الحرب الباردة، كانت الولايات المتحدة والإتحاد السوفيتي السابق لديهما تنافس ايديولوجي، بمعنى التنافس بين الرأسمالية واليسارية. وقاد هذا الصدام طرفي التنافس، الى اللعب على مختلف الأصعدة. فيما يخص ساحة الشرق الأوسط، نجد ان أميركا على سبيل المثال، كانت تخشى من استفحال دور الدول العربية ذات التوجه العلماني والليبرالي المحافظ. وهذه الدول يمكن تصنيفها الى حد ما بأنها ذات ميول يسارية أو في اقل تقدير، هي صديقة للاتحاد السوفيتي. من بين هذه الدول، على سبيل المثال، مصر، العراق، سوريا. دول عربية لها ثقلها التأريخي والسياسي والاقتصادي في المنطقة. كما يمكن لهذه الدول ( غير الصديقة لإسرائيل) ان تشكل خطراً مستمراً على استقرار المنطقة، بسبب ميولها الثورية. وعدم استقرار هذه المنطقة الحيوية والمهمة سياسياً واقتصادياً، سيؤدي في النهاية الى تهديد المصالح القومية الأمريكية والغربية على حد سواء، خصوصاً فيما يتعلق بامدادات النفط.
في الجانب الآخر، كانت السعودية، الحليف الإسلامي الأقوى لامريكا، يمثل المعادل الموضوعي للمشكلة. بمعنى آخر، ان خيار استبدال التوجه اليساري لدول المنطقة بتوجه إسلامي تمثله السعودية (امريكا تنظر الى السعودية حتى اليوم على انها تمثل الإسلام المعتدل)، كفيل بقلب الموازين. وعلى خلفية الصراع بين الحكومة العلمانية ووتوجهات الإسلام السياسي،تم طرد جماعة الاخوان من مصر، فتلقفتهم السعودية، ثم قطر فيما بعد. صعود نجم الاسلام السياسي نتيجة المواجهة مع النظام العلماني في مصر، أعطى لامريكا فكرة استغلال الفكر الاسلامي الجديد ليكون درعاً واقياً ضد الأفكار اليسارية الثورية. فنشطت الحركات والتيارات السلفية، والتي تلتقي مع الفكر الوهابي جوهرياً، لا سيما في جانب التشدد والتكفير.
جاء الاجتياح السوفيتي لافغانستان ليكون نقطة التوتر الأهم في بروز الاسلام المتشدد وعسكرته رسمياً. أمريكا والسعودية مولتا ذهاب المحاربين الإسلاميين، لا سيما العرب، الى أفغانستان لمقاتلة السوفييت الغازي لبلاد المسلمين. الذهاب الى الحرب في افغانستان، يمثل أول نقطة تعبر منها حشود المسلمين المتشددين خارج إطارها المحلي. ساهم المال السعودي والدعم العسكري الامريكي لهؤلاء المحاربين (المجاهدين) في أفغانستان الى ظهور نجم القاعدة. الحرب لسنوات طويلة تحت لافتة الاسلام قادت ابن لادن، الى تبني عقيدة جهادية محاربة جديدة تطمح الى محاربة الغرب نفسه ، بعد ان كان الغرب يمثل أقرب الأصدقاء لوقت قريب. قامت القاعدة بتوجيه عدة ضربات للمصالح الغربية، وكان أهم تلك الضربات هو الهجمات التي شهدتها الولايات المتحدة فيما يعرف بأحداث 11 من أيلول/سبتمبر عام 2001.
جاء رد أمريكا عنيفاً فيما سمته الحرب على الأرهاب، فحاربت في أفغانستان والعراق وأماكن أخرى ضد تنظيم القاعدة. كان دخول أمريكا الى العراق، وسقوط نظام صدام عام 2003 ، جعل من العراق ساحة جديدة للجهاد الإسلامي، جنباً الى جنب مع الجماعات العراقية المسلحة والرافضة سواء للإحتلال أو للتغير السياسي. فكان ابن القاعدة الأردني أبو مصعب الزرقاوي (أحمد فاضل الخلايلة) ممثل نواة جهاد القاعدة في العراق، وذلك قبل ان يتمرد، فيما بعد، على تعاليم زعمائه، بن لادن والظواهري. شن الزرقاوي حرباً استهدفت الشيعة، وأدت لاحقاً الى حرب أهلية طائفية بين العراقيين السنة والشيعة، وذلك على خلفية تفجير المراقد الشيعية في سامراء.
تم قتل الزرقاوي في هيت عام 2006، فخلفه زميله أيام الجهاد في افغانستان، أبو أيوب المصري أو أبو حمزة المهاجر، وهذا الأخير،حاول إعطاء العراقيين المقاومين للتغيير والحكومة الجديدة، حصتهم من الجهاد في العراق، فعين البغدادي ورفاقه في مناصب جهادية متقدمة. وبعد قتل ابو أيوب المصري عام 2010 ظهرت لنا داعش بقيادة أبو بكر البغدادي أو ابراهيم البدري القرشي (من شروط الخلافة الاسلامية ان يكون الخليفة من قريش)، وهو عراقي، حاصل على شهادة الدكتوراة في الفقه والتأريخ والثقافة الاسلامية. وبعد أيام على سقوط مدينة الموصل عام 2014، تم تنصيب أبو بكر البغدادي خليفة للمسلمين في دولة الخلافة الإسلامية. أصبحت دولة الخلافة الاسلامية مستقلة تماماً عن القاعدة. كما أصبحت ذات عقيدة جهادية جديدة، وشأنها ليس العراق وحده، بل يتعداه الى جميع أنحاء العالم.
وهكذا تكون داعش ودولة الخلافة الإسلامية، هي نتاج تبني الفكر الإسلامي كبديل للأفكار الليبرالية والعلمانية خلال الحرب الباردة، وان جاءت هذه النتيجة متأخرة بعض الشيء. كما ساعدت التغيرات المفصلية في منطقة الشرق الاوسط، والتي هي بدورها تغييرات حتمية للحرب الباردة ايضا، على تحقيق هذه النتيجة. ولذلك فأن داعش ودولة الخلافة الإسلامية ليس ظاهرة افرزتها مرحلة تأريخية عابرة، بل نتيجة واقعية لمخاض فكرة الإسلام الإصولي المتشدد العابر للحدود الجغرافية والاقليمية للدولة الحديثة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد الجامعات الأميركية.. عدوى التظاهرات تنتقل إلى باريس |#غر


.. لبنان وإسرائيل.. ورقة فرنسية للتهدئة |#غرفة_الأخبار




.. الجامعات التركية تنضم ا?لى الحراك الطلابي العالمي تضامنا مع


.. إسرائيل تستهدف منزلا سكنيا بمخيم البريج وسط قطاع غزة




.. غزة.. ماذا بعد؟ | جماعة أنصار الله تعلن أنها ستستهدف كل السف